غزة بين الحياة والموت

21-5-2025 | 08:20

(Gaza Between Life and Death)  فيلم "غزة بين الحياة والموت" الوثائقي من إنتاج وحدة  (BBC Eye) هو عمل توثيقي مؤثر يرصد حياة أربعة مدنيين فلسطينيين خلال عام كامل من الحرب على غزة التي بدأت في أكتوبر 2023. 

الفيلم الذي أعدته "البروديوسر" المصرية المتميزة لارا الجبالي، ابنة الصحفي الكبير محمد الشبه.

الفيلم ليس مجرد سرد للأحداث، بل تحفة سينمائية تدمج بين القصص الشخصية والبيئة الكارثية التي خلفتها الحرب، مما جعله مرشحًا للقائمة القصيرة لجائزة البافتا وهي الجائزة البريطانية الكبرى المقابلة لجائزة الأوسكار الأمريكي، رشح الفيلم لأربع جوائز: أفضل مونتاج، وأفضل تصوير، وأفضل إخراج، وأفضل فيلم روائي إخباري.

فاز الفيلم أيضا بجائزة المونتاج؛ وهي جائزة رفيعة تقدم للمبدعين خلف الكاميرا، وفازت بها سارة كيلينج من فريق العمل.
 
يركز الفيلم على قصص أربعة أفراد من غزة، كل منهم يمثل وجهاً مختلفاً للمعاناة الإنسانية.. 

خالد أخصائي علاج طبيعي من جباليا، اختار البقاء في منزله، رغم القصف، لمساعدة الجرحى، وحوّل منزله إلى عيادة مؤقتة ووثّق معاناة أطفاله، خاصة حمود وحلوم، اللذين تحولت ألعابهما إلى محاكاة لعمليات الإنقاذ بسبب ما عايشوه من دمار.

أسيل امرأة حامل نزحت مع زوجها وابنتها روز سيرًا على الأقدام إلى النصيرات لتلد طفلتها "حياة" في مستشفى مكتظ، وسط نقص حاد في المياه والرعاية الطبية.

آية وآدم شخصيات أخرى تكشف تحول حياتها من الاستقرار إلى النزوح والفقدان، مع مشاهد مؤثرة لتدمير البنية التحتية وغزو الجوع.

الفيلم يعتمد على لقطات من هواتف الشخصيات وأرشيف بي بي سي، مما يخلق تأثيرًا حميميًا يظهر التحول من الحياة الطبيعية إلى الجحيم اليومي تحت القصف
الفيلم يسجل الكارثة الأنسانية، قتل أكثر من 42 ألف فلسطيني (غالبيتهم أطفال ونساء)، وجُرح 97 ألفًا، بينما دُمرت 92% من الشوارع، و85% من المدارس  حصار وجوع، وما يزيد على 96% من سكان غزة، يعانون انعدام الأمن الغذائي، 
مما اضطر البعض إلى أكل علف الحيوانات.

وتدمرت المنظومة الصحية وتوقف جميع مستشفيات شمال غزة عن العمل، مما أجبر المدنيين على الاعتماد على الإسعافات الأولية في المنازل.

هذه الأرقام لا تظهر فقط في الفيلم، بل تُروى عبر تفاصيل يومية، مثل لعب الأطفال وهي ملطخة بالدماء، أو محاولات إنقاذ الجرحى بضمادات بدائية.

الفيلم رائع وواقعي وينقل لنا أبعاد الكارثة الإنسانية بلغة سينمائية صادقة وذكية وإنسانية.
  
والآن فيلم غزة بين الحياة والموت مرشح لجوائز عديدة كأفضل فيلم وثائقي، حيث إنه سلط الضوء على توظيف السينما كأداة مقاومة، وفقًا لمنتجة الفيلم هيا البدارنة ولارا الجبالي.

لعبت لارا الجبالي دوراً رائعاً في التحضير والإعداد، مع فريق عمل مهني، تحت قيادة المخرجة البريطانية ناتاشا كوكس.

لارا ركزت على "الرواية الأكثر صدقًا" تلك التي يرويها المدنيون أنفسهم، بعيدًا عن خطابات الوسائل الرسمية.

"غزة بين الحياة والموت" ليس مجرد فيلم، بل شهادة حية على صمود الشعب الفلسطيني.

عبر إعداد لارا الجبالي وفريق BBC، نجح العمل في تحويل الألم إلى فن، والفظائع إلى وثيقة تاريخية.

ترشيح الفيلم لهذه الجائزة الكبيرة يؤكد أن القضية الفلسطينية لا تزال حاضرة في الضمير العالمي، وأن السينما يمكن أن تكون سلاحًا ضد الزيف والنسيان.

السينما قادرة على نقل القضايا الإنسانية للعالم وتسليط الضوء على الحقيقة، خاصة في ظل الصراعات التي تعاني منها شعوب كثيرة.

فيلم غزة بين الحياة والموت يعد نموذجًا رائعًا على قدرة السينما على نقل المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني في غزة.

هذا الفيلم يساهم في توعية العالم بأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الأبرياء من الإبادة.

تحية لكل العاملين في هذا الفيلم، الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لتوثيق هذه القضية الإنسانية الكبيرة.

إن مثل هذه الأفلام تلعب دورًا مهمًا في تسليط الضوء على القضايا العادلة، وتساعد على تعزيز الوعي العالمي بحقوق الشعوب المظلومة.

في ظل التحديات التي تواجهها غزة والشعب الفلسطيني، نحن في حاجة ماسة إلى المزيد من الأفلام والمقالات والصور التي توثق هذه القضايا والتي تطالب بحقوق أصحابها.

يجب أن نستمر في رفع أصواتنا من خلال الفن والصحافة والإعلام حتى تعود غزة لأصحابها، ويحاكم كل من اعتدى على حقوقهم ويتحمل مسئولية جرائمه.

إن استمرار إنتاج مثل هذه الأعمال الفنية والوثائقية سيساهم في تعزيز الوعي العالمي وزيادة الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ إجراءات حازمة لحماية حقوق الإنسان في غزة وفلسطين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: