- ارتفاع نسبة حصول المصريين على براءات اختراع خارج مصر عن داخلها
موضوعات مقترحة
- 82 % نسبة حصول الأجانب على براءات داخل مصر خلال عشر سنوات
- براءات الاختراع واحدة من مؤشرات الابتكار العالمي ومصر تحل في المرتبة 86 عالميًا
- جهود حكومية لنشر ثقافة الملكية الفكرية وتدريب الباحثين على تسجيل البراءات
- "الولايات المتحدة" الأولى في الحصول على براءات اختراع داخل مصر
- التسجيل المحلي يحفظ حقوق المخترعين الأفراد والشركات الأجنبية من استخدام منتجهم بشكل تجاري
- د.جينا الفقي القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي: «مكتب براءات الاختراع المصري يقدم العديد من خدمات الدعم للمخترعين»
- د. طارق قابيل: «منتج مصر من براءات الاختراع لا يتناسب مع عدد الجهات البحثية والجامعات المرموقة بها والتمويل أحد أكبر التحديات أمام الباحثين»
- - مطالب بربط الصناعة بالمبتكرين والمخترعين خاصة مع الطفرة التي يشهدها التعليم الفني في المدارس التكنولوجيا الجديدة
- المشرف على مكتب اتصال براءات الاختراع بالمركز القومى للبحوث: «نقدم الدعم الفني والمالى للباحثين الراغبين في تسجيل براءات الاختراع ونماذج المنفعة»
- - د.وفاء حجاج: «نسعى لتنظيم المؤتمرات العلمية وبناء شراكات مع القطاع الخاص وتنظيم معارض للمنتجات البحثية وبراءات الاختراع»
منذ أكثر من 25 عاما بدأت هبة الرحمن، أحمد المتخصصة في مجال هندسة التعدين وتطبيقات الليزر وعلم المواد، رحلتها مع الاختراع ففي نوفمبر 1997 وبعد انتهائها من بحث توصلت خلاله لمادة مركبة فائقة القدرة نصحها أحد الأساتذة بضرورة تسجيل تلك المادة كبراءة اختراع، في هذا التاريخ كان دليل الهاتف هو وسيلة البحث المتاحة للوصول إلى عنوان مكتب براءات الاختراع بشارع القصر العيني.. هناك تعرفت على الإجراءات التي شملت سحب استمارة ورقية ودفع رسوم بسيطة، أودعت هبة أفكارها وأحلامها في الملفات المطلوبة ثم كان اللقاء التالي بعد عام ونصف عندما بدأ مكتب البراءات في فحص الطلب والذي انتهى بعد نحو أربع سنوات في أبريل 2001 دون أي مقابلة أو مناقشة أو متابعة.
حصلت هبة على البراءة الأولى بعد 4 سنوات من الانتظار وهي نفس المدة التي مرت على مجدي عبد العزيز لكنه خاض تجربة مختلفة وحصل على البراءة بحكم قضائي. فقبل 24 عاما وضع مجدي تصميما جديدا لآلة بسيطة ورغم تخوفه من التوجه لمكتب براءات الاختراع المصري لتسجيلة كونه ليس باحثا أو عالما إلا أن طموحه في تحويل الفكرة إلى سلعة تجارية وضرورة حفظ حقوقه بتسجيلها دفعه لخوض التجربة التي يصفها اليوم بالمعاناة التي لم يجرؤ على خوضها مجددا، فبعدما قدم الأوراق كاملة لم يتلق مجدي أي رد سوى بعد عام عندما جاءه جواب برفض الطلب دون إبداء أسباب، طرق مجدي باب لجنة فض المنازعات التي نصفته وجاء تعليقها على قرار الرفض بأن «الكلام غير واضح» وأصدرت توصية بمنحه البراءة ولكنه لم يحصل عليها لذا في العام نفسه توجه إلى مجلس الدولة وفي 2004 ألزمت المحكمة مكتب براءات الاختراع بمنحه الشهادة، يقول:«الحصول على براءة الاختراع بحكم قضائي شكل حاجزا كبيرا أمام التفكير في الابتكار من جديد» عزف مجدي عن الاختراع ولكنه يصنف نفسه بالمتابع عن قرب لكل ما يخص المخترعين وأضاف «أستطيع أن أقول إنه لا يوجد أي تقدير للمخترعين في مصر وحالهم يساوي صفرًا».
عشرات الباحثين والمبتكرين خاضوا التجارب السابقة نفسها.. ومن خلال هذه القصة المدفوعة بالبيانات رصدنا العديد من المعوقات الأخرى التي تقلل من تسجيل وتسويق براءات الاختراع في مصر رغم قدرات أبنائها العلمية المتميزة، وقد كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وبيانات الويبو (المنظمة العالمية للملكية الفكرية) كيف شهدت السنوات العشر الأخيرة (2012 إلى 2022) تذبذبا في عدد الطلبات المقدمة من المصريين والبراءات الممنوحة لهم، كما كشفت عن غياب تسويق الاختراعات في السطور التالية نستعرض لكم القضية والجهود التي تبذلها الدولة والجهات البحثية لتحسين هذه الأرقام.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
وبالعودة إلى هبة الرحمن فقد تقدمت خلال العشرين عاما الماضية بـ 56 طلبا وحصلت على 27 براءة اختراع وبعكس مجدي لم تثنها المعوقات، بل قاومتها لتؤسس مع آخرين جمعية للمخترعين ثم نقابة لهم وتصبح نقيبا منذ عام 2012 وحتى الآن.
أكدت هبة أن طلبات التقديم هي الخطوة الأولى التي تتقلص عندها أعداد المخترعين، وتبدأ دائرة الفقد -من وجهة نظرها- من نظام التعليم الذي لا يؤهل الطلاب ولا يوضح لهم مفهوم الملكية الفكرية، ثم تأتي عملية الفحص التي قد تطول لعشرين عاما كما حدث معها في أحد الطلبات.
عشرون عاما من الانتظار قد تكون المدة الأكثر تطرفا على المقياس الزمني لفحص براءات الاختراع أما المفارقة فتظهر في المدة التي حددها الموقع الرسمي لمكتب براءات الاختراع المصري كما ذكر نصا « فالبلدان التي لا يخضع فيها طلب البراءة لفحص موضوعي، تنتهي الإجراءات فيها بسرعة (وتستغرق عادة بضعة أشهر)، أما في البلدان التي يباشر فيها مكتب البراءات فحصاً موضوعياً دقيقاً للتأكد من أن الاختراع يستوفي شروط الجدّة والنشاط الابتكاري وإمكانية التطبيق الصناعي لاعتباره أهلاً للحماية بموجب البراءة، فلا بد أن يستغرق الإجراء منذ الإيداع حتى المنح 12 شهراً على الأقل وقد يزيد على 18 شهراً في حالات عديدة».
في يوليو من كل عام يصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نشرته السنوية لبراءات الاختراع والعلامات التجارية والتي كشفت من خلال تحليل إصدارات آخر عشر سنوات منها (2012- 2022) عن انخفاض نسب حصول المصريين على براءات الاختراع خلال تلك الفترة والتي بلغت 1065 براءة من إجمالي 5972 براءة، وبمتوسط لا يتعدى 97 براءة في العام ونسبة لا تتجاوز 18% من إجمالي البراءات الممنوحة داخلها جاءت مصر في المرتبة الثانية بينما جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الأولى بإجمالي 1269 براءة اختراع ومتوسط 115 براءة في العام خلال عقد من الزمن.
وعلى مدار تلك السنوات شهدت أرقام براءات الاختراع الممنوحة للمصريين تذبذبا فبينما كانت أعلى نسبة للحصول على براءات اختراع في عام 2019 بإجمالي 175 براءة جاء عام 2021 لتنخفض الأعداد لأقل من النصف بإجمالي 63 براءة فقط وليسجل أقل عاما على مدار تلك الفترة بينما سجل المصريون 116 براءة اختراع في العام نفسه في مكاتب خارج مصر وذلك بحسب البيانات المتاحة على موقع الويبو والمحدثة في يوليو 2023.
التذبذب نفسه ما بين صعود وهبوط شهدته أرقام تقديم طلبات براءات الاختراع وهي الخطوة الأولى التي تتطلب تقديم العديد من الأوراق والعمليات الإجرائية والقانونية، وكشف تحليل قواعد بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع أعداد الطلبات المقدمة من مصريين خلال العشر سنوات الماضية، وسجل العام 2022 الأقل خلال تلك الفترة بإجمالي 589 طلبا فقط ليشكل إجمالي طلبات الأجانب داخل مصر النسبة الأعلى بنحو 70%.
بحسب قاعدة بيانات منظمة الملكية الفكرية العالمية فإن متوسط مهلة المعالجة من طلب الفحص إلى أول إجراء للمكتب (بالأيام) في مصر هو 540 يوما بينما يصل متوسط الأيام لنحو 77 دولة مدرجة في قاعدة بيانات الويبو إلى 367 يومًا.
تظن هبة وغيرها من المخترعين أن أعداد الفاحصين قد تكون غير كافية ولا تجد تفسيرا لطول المدة كون الإجراءات المتبعة في تسجيل البراءات واحدة على مستوى العالم (نسخة من الإجراءات أتاحها المكتب المصري عبر موقعه الإلكتروني) وتصف السنوات الأخيرة بالأصعب فأحيانا تتكرر طلبات الفاحص أكثر من مرة أو تكون طلبات غير منطقية.
بحسب بيانات الويبو فعدد الفاحصين في مكتب مصر هو 100 فاحص بينما يمثل متوسط عدد الفاحصين بالمكاتب على مستوى العالم 209 فاحص ويضم مكتب الولايات المتحدة أعلى عدد إطلاقا بإجمالى 8000 فاحص وتقع مصر في المرتبة 25 من بين 100 دولة تتضمنها بيانات الويبو.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
وبتحليل بيانات الويبو لأقرب عشر دول لمصر من حيث متوسط طلبات براءات الاختراع المقدمة خلال نفس الفترة جاءت مصر في المرتبة الأخيرة من حيث عدد براءات الاختراع الممنوحة عن نفس الفترة الزمنية وكذلك كانت صاحبة الفترة الأطول من حيث إجراءات فحص الطلب بينما تضم نصف تلك الدول عدد أقل من الفاحصين في مكاتبها بالمقارنة بمصر!
تؤكد هبة أيضًا أن بعض الطلبات ترفض دون أسباب واضحة أو تحول لنموذج منفعة وهو ما يمنح الاختراع 7 سنوات فقط من الحماية تبدأ من تاريخ تقديم الطلب وتقول:« قد يستمر الفحص 4 سنوات وأكثر فماذا يفعل المخترع بالمهلة المتبقية في فترة الحماية»
و«الحماية» هي أهم يحصل عليه المخترع بتسجيله براءة الاختراع التي تمثل في المقام الأول إثباتا علميا على المستوى العالمي يؤكد جودة العمل المقدم وكونه الأول من نوعه وأنه يمثل خطوة إبداعية يمكن تحويلها للصناعة، وتمنح شهادة البراءة للمخترع 20 عاما من الحماية على المستوى التجاري، فلا يستطيع أحد انتاج أو تقليد المنتج دون الرجوع لصاحب الاختراع ولكن تظهر الثغرة أو ما تسمية هبة بـ«العوار العالمي» في نظام تسجيل براءات الاختراع والذي يمنح الحماية فقط في البلد التي يدفع بها المخترع رسوما سنوية، أي أن المخترع إذا أراد أن يحمي منتجة على مستوى العالم فعليه أن يدفع رسوم الحماية في كل دولة وهو ما يفسر زيادة عدد تسجيل براءات الاختراع من قبل الأجانب داخل مصر والتي بلغت 394 شركة أجنبية عام 2022 مقابل 3 شركات مصرية فقط.
وفي محاولة لفتح فرص التعاون ومواجهة التحديات أنشئت هبة نقابة المخترعين من خلال جمعية أهلية مشهرة ثم نقابة عمالية تابعة لاتحاد العمال وهي مسجلة في الويبو كمنظمة مجتمع مدني ومسجل بها نحو 1000 عضو ولكن قلة أعداد براءات الاختراع المسجلة في مصر كانت عائق أمام الاستفادة من فرص التعاون مع الجهات الدولية تقول نقيب المخترعين هبة الرحمن أحمد: «طالبنا من الاتحاد الدولي للمخترعين أن يدعم تنظيم معارض دولية في مصر أو على الأقل يدعم مشاركة المخترعين المصريين في معارض دولية ممولة من الاتحاد ورفضوا وكان مبررهم أن عدد البراءات منخفضة جدا وان الاتحاد يرغب في دعم أكبر عدد من المخترعين وعدد الاختراعات مقابل عدد السكان ضعيف جدا».
وبحسب بيانات الويبو فطلبات المصريين لكل مليون مواطن مصري هو 8.5 براءة اختراع.
قرار آخر منشور على موقع مكتب براءات الاختراع المصري قد يكون عائقا أمام المخترعين وقد صدر عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي في 9 يناير من عام 2023 ويحمل رقم 2 والذي نص في مادته الأولى على «تحديد مصروفات فحص طلب الحصول على براءة الاختراع طبقاً لأحكام قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المشار إليه، بمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه ويعفى من أداء تلك المصروفات الطلاب في المؤسسات التعليمية» كان هذا هو التعديل الثالث للقرار الذي رفع قيمة الفحص في عام 2011 إلى 7 آلاف جنية وفي 2017 إلى 17 ألف جنيه، نقيب المخترعين وصفت القرار أن من شأنه القضاء على الاختراع في مصر وفسرته قائلة :«تٌدفع رسوم الطلب الأول 150 جنية فقط ويعفى منها الطلاب، ولكن إذا أراد المخترع أن يقدم طلبا ثانيا خلال نفس العام يكون مطالب بدفع هذه الرسوم المبالغ فيها».
تلخص هبة مشاكل المخترعين الحالية في صعوبة الإجراءات وطولها وغياب المتابعة فالمرحلة الأولى وهي تقديم الطلب تحتاج لصياغة دقيقة وقانونية وهو ما لا يملكه الباحث وبالتأكيد المخترعين خاصة من خارج الجهات البحثية وتقول «بعض مكاتب المحاماة ووكلاء براءات الاختراع يقدمون هذه الخدمات ولكنها ذات تكلفة باهظة».
تذكر أيضا صعوبة التواصل مع الفاحص الفني وبعض المشاكل التقنية في الموقع الإلكتروني المخصص لرفع ملفات التقديم وأخيرا غياب فرص التسويق والربط بالصناعة التي تتم بجهود فردية للمخترعين، فمن أصل 27 براءة اختراع سوقت هبه أربعة فقط وبمجهودها الشخصي فالعديد من المخترعين لا يتوجهون لجهاز تنمية الابتكار المنوط بعملية التسويق كونه نموذجا آخر للبيروقراطية وقالت «العام الماضي تم تنظيم معرض للمخترعين من قبل أكاديمية البحث العلمي ولكن للمشاركة كان على الفرد أن يدفع 80 ألف جنيه والجمعية ربع مليون للمشاركة بجناح وفي ظل الوضع الاقتصادي يتضح مدى صعوبة مشاركة المخترعين سواء أفراد أو جمعيات».
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
تكشف بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالي ما تم تحويله لجهاز تنمية الابتكار والإبداع خلال 10 سنوات كان 170 اختراعا فقط وتم تسويق 97 اختراعا على مدار عقد من الزمن!
تنهي هبة حديثها قائلة إن الصعود بمصر نحو مكانتها الحقيقية في مجال الاختراع يتطلب نهضة بعملية الابتكار وتسهيل الإجراءات وإلغاء الرسوم وتقديم دورات تدريبية وتوعوية ليس فقط للجهات البحثية ولكن أيضا الأفراد بالإضافة لزيادة عدد الفاحصين والاستعانة بأساتذة من الجامعات وأضافت «علينا وضع زيادة عدد البراءات في مصر كهدف قومي».
تسجيل في الخارج
«لن أسجل في مصر مرة أخرى» كان هذا قرارا نهائيا اتخذه جورج عبد المسيح ذكي فبعد تسجيل 16 براءة اختراع 5 منها فقط في مصر والآخرين في كندا وفرنسا وفي بريطانيا.
والولايات المتحدة وألمانيا يلخص الفرق الجوهري بين الداخل والخارج قائلا «الدول الأجنبية تهتم» فبراءة الاختراع التي حصلت عليها بالخارج في عام ونصف استغرقت في مصر من 8 إلى 13 عاما صاحبها الاتهامات بالسرقة العلمية ولخص جورج التحديات بحسب تجرتبه في مستوى الفاحصين وتكلفة التسجيل والتواصل المنعدم مع الباحث.
كشف تحليل بيانات الويبو ( المنظمة العالمية للملكية الفكرية) ارتفاع نسب براءات الاختراع الممنوحة لمصريين خارج مصر مقارنة بأعداد الطلبات المقدمة منهم في نحو 36 مكتب حول العالم والتي بلغت نحو 38% من إجمالي الطلبات وذلك خلال الفترة من عام 2012 وحتى عام 2021، بينما وصلت نسبة براءات الاختراع الممنوحة لمصريين من مكتب براءات الاختراع المصري نحو 11% من إجمالي الطلبات المقدمة.
بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فالمركز القومي للبحوث هو الجهة الأكثر حصولا على براءات اختراع داخل مصر بإجمالي 164 براءة اختراع تليه جامعة الإسكندرية بإجمالي 44 براءة اختراع خلال العشر سنوات الماضية وجاء إجمالي عدد براءات الاختراع التي حصلت عليها الجهات الأكاديمية والبحثية المصرية 253 براءة اختراع على مدار عقد من الزمن.
جهود حكومية
من جهتها أطلقت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا مبادرة لإنشاء شبكة من مكاتب دعم الابتكار ونقل وتسويق التكنولوجيا (TICOS) فى التجمعات البحثية والصناعية وتشمل ثلاثة مكاتب الأول نقـــل التكنولوجيــا ومكتب متابعة المشروعات البحثية والتعريف بفرص التمويل والتعاون الدولي.
ومركز دعم الابتكار والتكنولوجيا من خلال الملكية الفكرية وبراءات الاختراع، وبحسب الموقع الرسمي للأكاديمية فقد بلغ عدد المكاتب 36 مكتبا لدعم الابتكار ونقل وتسويق التكنولوجيا بالجامعات (الحكومية والخاصة) والمراكز البحثية (المرحلة الأولى والثانية ) و 38 مكتبا لدعم الابتكار ونقل وتسويق التكنولوجيا بالجامعات (الحكومية والخاصة) والمراكز البحثية (المرحلة الموحدة).
وتهدف تلك المكاتب إلى خروج الأبحاث والابتكارات إلى حيز التنفيذ والتطبيق كي يستفيد منها المجتمع بشكل عملي مع حفظ كافة حقوق الملكية الفكرية للباحث والجهة البحثية.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
وبالفعل ساهمت تلك المكاتب داخل المركز القومي للبحوث في مساعدة الباحثين على تسجيل براءات الاختراع من خلال مراجعة العقود والنماذج والأوراق وغيرها من الإجراءات، وهو ما أكدته باحثة بالمركز والتي فضلت عدم ذكر اسمها موضحة أن المكتب يؤدي عدة مهام ولكن يبقى عامل الانتظار وطول الوقت وتعقيد الإجراءات مشكلة مزمنة فقد تقدمت بكافة الأوراق المطلوبة لتسجيل نتائج بحثها في التكنولوجيا الحيوية كبراءة اختراع منذ عام وتسعة أشهر ولم تتلق ردا حتى الآن وهو أمر متعارف عليه بين الباحثين فبعضهم منتظر منذ أكثر من عام وقالت: «هذه الفترات لا تتناسب مع البحث العلمي الذي يتقدم كل يوم فمن المحتمل أن يتوصل باحث آخر في الخارج لنفس النتائج بل ربما نتائج أفضل ويسبق في تسجيلها ما يحفظ الحق العلمي للباحث على مستوى العالم لذا هذا التأخير يتسبب في خسائر وخاصة في مجال العلوم".
تساءلت الباحثة أيضا عن مؤهلات الفاحص المنوط به تقييم الاختراع ، حيث إنها غير معلومة للمتقدم بطلب تسجيل براءة الاختراع، فالمفترض أنه شخص ذو خبرة في مجال دقيق تسمح له بالاطلاع على كل جديد في هذا العلم ومن ثم يتمكن من تقييم مدى حداثة وتفرد البراءة
تعمل الباحثة في المركز القومي للبحوث منذ أكثر من خمسة عشر عاما ولكنها لم تشهد خلالها تسويقا تجاريا لأي من الأبحاث العلمية خاصة في مجال تخصصها ولكنها تعزي ذلك لمنظومة البحث العلمي ككل ولبعض التعقيدات والكثير من غياب الإمكانات المادية وإن أشارت إلى كون الأبحاث الصناعية تجد فرصة أفضل في التسويق من تلك المرتبطة بصحة الإنسان والتي تحتاج لفترة أطول وتجارب سريرية قد تمتد لعشرات السنوات وإمكانيات بحثية من مواد وأجهزة لا تتوفر أصلا للباحث وقالت : «تم إنشاء مكاتب (التايكو) في المركز وفي عدة جامعات لتسهيل عمليات التسويق ولكن الحقيقة أن التواصل شبه معدوم مع الباحثين ولا توجد طريقة واضحة للتعاون معهم لمعظم الباحثين فخلال السنوات الماضية توصل بعض الزملاء لنتائج ومنتجات كانت توحي بأن لها مستقبلا جيدا جدا في السوق ولكن للأسف لم يتم تسويقها أو التصريح بإجراء تجارب سريرية وهو ما يحبط الباحثين فيعرضون عن الخوض في الإجراءات المعقدة كونها في النهاية بلا طائل.
تلخص الباحثة المشكلة قائلة :"لا نفتقد للعقول والكفاءات العلمية ولكننا نحتاج لمزيد من التطوير إلى جانب التمويل الذي لن ندعي غيابة بصورة كاملة ولكنه غير كاف، وعلى رأس ما نحتاجه هو تسهيل الإجراءات الإدارية لشراء واستيراد الكيماويات والمستلزمات البحثية، فيكفي أن أقول إن ما يحتاجه الباحث من مواد وأجهزة في الخارج يصل إليه في غضون 3 أيام وفي مصر يستغرق 6 أشهر من الجدل والروتين والإلحاح فكيف ننافس ونحن نستغرق 3 أعوام في بحث يجريه أقراننا في الخارج في عام واحد.. باختصار العالم لن ينتظرنا».
أكاديمية البحث العلمي
حملنا هموم المخترعين والباحثين وتوجهنا لمقر أكاديمية البحث العلمي تحدثنا إلى الدكتورة جينا الفقي القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي التي أرجعت قلة عدد البراءات الممنوحة سنويا إلى عدة أسباب منها أن نسبة صغيرة من الطلبات المقدمة تأتي من الجامعات والمؤسسات البحثية ونسبة محدودة جدا من الشركات، بينما تكون النسبة الأكبر منها مقدمة من أفراد، وفي كثير من الأحيان تكون تلك الطلبات من غير المتخصصين.
وتوضح قائلة إن الأكاديمية تلقت على سبيل المثال خلال جائحة كوفيد - 19 تقدم عدد كبير من طلبات تسجيل لمنتجات دوائية أو لقاحات للأسف لا يستند غالبيتها على أسس علمية سليمة وفي كثير من الأحيان لا يشتمل الطلب على إفصاح واضح وكامل عن موضوع الاختراع، فمثلا قد يتعلق الطلب بجهاز رياضي له فوائد معينة دون أن يشتمل الطلب على وصف واضح لمكونات هذا الجهاز وآليات عمله وهكذا، ويخل ذلك بأحد متطلبات الحصول على البراءة المنصوص عليها في قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري وبالتوافق مع الاتفاقيات الدولية المعنية، وهو الإفصاح عن الاختراع في طلب البراءة.
كذلك، في كثير من الحالات قد لا تتوفر في الطلبات المقدمة شروط منح البراءة، مثلا ألا يكون الاختراع جديدا أو ألا يفي بشرط الخطوة الإبداعية حيث يتم التوصل من خلال عمليات البحث التي يقوم بها الفاحص الفني المتخصص في مجال الاختراع إلى أن الاختراع تم النشر عنه أو كان معروفا بالفعل قبل تقديم الطلب، أو أنه لا يمثل تقدما ملموسا عن الاختراعات المشابهة الموجودة قبلة في المجال.
وفي محاولة لتشجيع المؤسسات البحثية والأكاديمية والمؤسسات التجارية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة على تقديم عدد أكبر من الطلبات بصياغة واضحة ومتضمنة الإفصاح عن الاختراعات ينظم مكتب براءات الاختراع الندوات وورش العمل حول كيفية صياغة طلب البراءة بشكل صحيح والمتطلبات والشروط المنصوص عليها في القانون، وكيفية البحث في قواعد البيانات للتحقق من أن الاختراع بالفعل يقدم جديدا عما سبقه وهكذا.
وتعدد القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي سبل التعاون المتاحة للمخترعين عبر الموقع الإلكتروني للمكتب ومنها إتاحة دليل لكيفية صياغة طلب ومعلومات مختلفة عن نظام براءات الاختراع، ومنصة للإيداع الإلكتروني والخدمات الإلكترونية، يمكن من خلالها تقديم الطلبات ومتابعتها والحصول على مختلف خدمات البراءات ودفع الرسوم إلكترونيا، وتضم المنصة دليلا توضيحيا بكافة الخطوات لإنشاء حساب عليها وتقديم الطلبات ويمكن لمقدمي الطلبات ومستخدمي نظام البراءات التواصل مع فريق الدعم الفني هاتفيا أو عن طريق البريد الإلكتروني، أو الحضور إلى المكتب.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
وعن طول فترة فحص طلب براءة الاختراع تقول الفقي إن إجراءات البراءة تشمل عدة خطوات لفحص الطلب والتحقق من استيفائه الشروط الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في القانون رقم ۸۲ لسنة ۲۰۰۲ والتي تتوافق مع متطلبات وشروط منح البراءة في الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (التربس)، والتي تتضمن عملية فحص طلب البراءة فنيا ودراسة الطلب على يد فاحص فني مختص بمجال الاختراع وإجراء عمليات البحث على قواعد البيانات المحلية والدولية، وذلك للتحقق من مدى توافر شروط البراءة وخاصة أن يكون الاختراع جديدًا وغير معروف من قبل (شرط الجدة) وأن يمثل تقدمًا ملموسًا وغير بديهي للمتمرس في المجال عن الفن الصناعي السابق في مجال الاختراع (شرط الخطوة الإبداعية أيضًا) وعادة ما تتطلب عملية فحص الطلب مخاطبة مقدم الطلب لاستيفاء بعض المتطلبات وإجراء التعديلات إذا لزم الأمر وذلك خلال مهلة قانونية محددة، قبل اتخاذ قرار نهائي بالقبول أو الرفض، وفي معظم دول العالم، تتراوح معدل فترة إصدار البراءة ما بين عامين وأربعة أعوام والأمر كذلك في مصر.
وأكدت الفقى على بيانات الويبو وأن عدد الفاحصين في مكتب مصر هو نحو 100 فاحص تتنوع تخصصاتهم وتشمل الصيدلة والكيمياء والتكنولوجيا الحيوية والهندسة والزراعة والفيزياء والكهرباء والميكانيكا، وغير ذلك. حيث يتم فحص الطلبات على يد فاحص بنفس التخصص الفني لمجال الاختراع أو أقرب تخصص فني له.
وحول ما يتردد في أوساط المخترعين ومقدمي الطلبات من كثرة الإجراءات وتعقيدها تقول الفقي إنه ينبغي أولا التأكيد أن قرار تقديم طلب البراءة هو إجراء يتم بهدف تحويل الاختراع إلى منتج قابل للتسويق، فالبراءة تمنح صاحبها الحق في منع الغير من استغلال الاختراع تجاريًا لمدة 20 عامًا من تاريخ تقديم طلب البراءة. وبالتالي، فإن إجراءات البراءة ينبغي النظر إليها على أنها من خطوات رحلة لإقامة وتعزيز مشروع تجاري وتحويل نتائج الأبحاث إلى منتجات قابلة للتسويق ويكون لها مردود اجتماعي واقتصادي. لذلك فإن هناك خطوات لبحث الطلب وفحصه للتحقق من مدى توافر شروط البراءة المنصوص عليها في القانون والمتوافق مع الاتفاقيات الدولية المعنية، حرصًا على منح براءات اختراع تفي بالفعل بمتطلبات منح البراءة وتجنب منح براءات عن طلبات لا تفي بتلك الشروط فتمثل فقط عائقا احتكاريًا لا داعي له. وكذلك فالمكتب يقدم العديد من خدمات الدعم للمخترعين ومقدمي الطلبات لتيسير الإجراءات وتوضيح كافة المتطلبات.
وعن قرار العشرين ألف جنيه قالت الفقي إن مصروفات فحص البراءات في مصر تعد منخفضة بالمقارنة بما هو عليه الحال في العديد من دول العالم وأن مصر طرف في معاهدات دولية في مجال الملكية الفكرية وبراءات الاختراع ومن ضمن التزامات مصر الدولية بموجب تلك المعاهدات تنفيذ مبدأ المعاملة الوطنية حيث لا يمكن معاملة مقدم الطلب الأجنبي معاملة مختلفة عن المصري بما في ذلك في الرسوم والمصروفات المقررة. وبالتالي فلا يمكن أن يفرض مكتب البراءات على مقدمي الطلبات من دول أخرى رسوما أعلى من تلك المفروضة على المصريين. وإذا نظرنا على المستوى الدولي فنجد أن قيمة مصروفات الفحص الحالية لا تصل حتى إلى 1000 دولار بينما في دول أخرى قد تصل لعدة آلاف من الدولارات.
ومع ذلك، وحرصًا على دعم مقدمي الطلبات المصريين - ومازال الكلام للقائم بأعمال رئيس الأكاديمية- فقد صدر قرار رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بتقديم الدعم للأفراد لطلب واحد كل عام، وكل من الجامعات والجهات البحثية والشركات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 18000 جنيه عن كل طلب مقدم.
وتضيف: "كان سعر تقديم طلب الحصول على براءة اختراع 150 جنيها فقط وفي هذه الحالة كان البعض يتقدم بعدة أفكار خلال العام الواحد كثيرا منها قد لا تتوافر فيه شروط الحصول على براءة اختراع ما شكل ضغطا على الفاحصين وعطل الأفكار الحقيقية فبالتالي صدر القرار بمنح فرصة مجانية واحدة خلال السنة أما التقديم الثاني خلال نفس العام فيكون بقيمة معقولة".
وعن دور جهاز تنمية الابتكار وعدد الاختراعات المحولة إليه خلال السنوات الأخيرة قالت إن دور الجهاز هو المشاركة في تطوير تكنولوجيا وطنية قائمة على الاختراع والابتكار المحلي، ودعم الابتكارات المصرية للوصول بها إلي مرحلة الإنتاج الكمي والتسويق التجاري، والتعاون مع الجهات الداعمة للابتكار في حل مشكلات المجتمع الحالية مثل المياه، الطاقة، الصحة وغيرها من خلال إيجاد حلول ابتكارية لهذه المشكلات، كما يسهم في دعم جهود ربط الصناعة بمجتمع البحث العلمي من أجل إدخال منتجات جديدة إلى الأسواق والاستفادة من العائد في تطوير منظومة الابتكار لإنشاء صناعات صغيرة ومتوسطة قائمة على الابتكار وتدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد قام الجهاز من خلال برنامج طبق فكرتك الذي تم إطلاقه في مارس 2017 بدعم 67 ابتكار خلال مرحلتين ودعم 8 نماذج أولية وجار تسويق 29 ابتكار وذلك بالتعاون مع 29 جهة بحثية وجامعة وهيئة وشركة منذ عام 2019 وحتى الآن.
وأخيرا تقول الفقي إن هناك نموا لثقافة الاستفادة من براءات الاختراع والتعامل معها على أنها ليست مجرد فكرة ولكن منتج يساوي رأس مال وشركة تدر أرباحا حيث بدأ النظر إلى مخرجات البحوث والأفكار كمنتج له مردود استثماري خاصة مع تطور برامج الحكومة وتأكيد الدولة على أهمية الاقتصاد المبني على الابتكارات والمعرفة ودعمها لمنظومة البحث العلمي.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
الجهاز المصري للملكية الفكرية
في 13 أغسطس 2023 أصدرت الحكومة المصرية القانون 163 لسنة 2023 بإنشاء الجهاز المصري للملكية الفكرية والذي بموجبه سيتم إنشاء جهازا متخصصا ليحل محل عدة جهات مسئولة عن الملكية الفكرية في مصر ومن بينها مكتب براءات الاختراع ونص القانون على التالي :"يحل الجهاز المصري للملكية الفكرية المنشأ بموجب المـادة) الثانية (مـن القـانون محل الوزارات المختصة بشئون التعليم العالي والبحث العلمـي والتموين والتجارة الداخلية، والثقافة والاتصالات وتكنولوجيـا المعلومـات، والزراعة واستصلاح الأراضي، والتجارة والصناعة، وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وجهاز تنمية التجارة الداخلية، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ومكتـب براءات الاختراع، ومكتب حماية الأصناف النباتية، وذلك في الاختصاصات المقررة لكل منها في القوانين المنظمة لحماية حقوق الملكية الفكرية واللوائح المنفذة لهـا وعلى الأخص القانون رقم 23 لسنة 1951 بمزاولة مهنة وكلاء البراءات، وقانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002 والقانون رقم 94 لسنة 2012 بشأن تحديد رسوم البحث والفحص الدولي وفق الاتفاقية التعـاون الـدولي بشأن البراءات (PCT)".
تحديات وحلول
لا تختلف إجراءات تسجيل براءة الاختراع في مصر عن الخارج فهي سلسلة ثابتة في كافة المكاتب لكنها تحتاج إلى دقة في الصياغة وكتابة علمية احترافية ولعل هذا ما يقلل من إقبال الباحثين على تسجيل براءات الاختراع، كان هذا ما أكده الدكتور طارق قابيل المتخصص في الوراثة الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية والمشرف السابق على قطاع التنمية التكنولوجية والخدمات العلمية بأكاديمية البحث العلمي مشيرا كذلك إلى غياب الحوافز والدافع لدى الباحث فعلى سبيل المثال يسعى الباحث لنشر دراساته في المجلات العلمية العالمية لارتباط ذلك بالترقيات الوظيفية لذا يرى أنه من الضروري ربط براءات الاختراع أيضا بحوافز للباحثين.
وبالرغم من إشادة قابيل بمستوى التقدم والتطوير الذي يشهده مكتب مصر إلا أنه يرى أن منتج مصر من براءات الاختراع لا يتناسب مع عدد الجهات البحثية والجامعات المرموقة بها وذلك رغم أن براءات الاختراع تمثل إضافة للعلم ومنتج تُقييم به العلوم والتكنولوجيا وهي ما جعلت الصين وأميركا في المقدمة في هذه المجالات وبراءات الاختراع هي واحدة من مؤشرات قياس الابتكار العالمي ويرى أنه مع تشجيع الدولة للمخترعين والاحتفاء بهم وتبني الوزارات المختلفة للمبتكرين والمخترعين لديها ستختلف الصورة كثيرا لصالح الدولة وزيادة المنتج العلمي المصري.
وبحسب قابيل فإن الاستفادة بمنتج براءات الاختراع هو العنصر الأهم والأبقى ولكن هذا المنتج يواجه مشكلة ضخمة جدا وهي أن الصناعة في مصر غير معتمد على التكنولوجيا الذاتية المحلية وتفضل الأجنبي ولا تشجع المحلي ويقول إن أغلب من نجح في تحويل براءة اختراع إلى منتج هم الباحثون الذين أطلقوا مشاريعهم الخاصة من باب ريادة الأعمال وهذا هو جوهر التميز خارج مصر وهو ما يتطلب ضرورة العمل على ربط الصناعة بالمبتكرين والمخترعين والوصول لهم خاصة مع الطفرة التي يشهدها التعليم الفني في المدارس التكنولوجيا الجديدة، إذ يؤكد أنه ليس من الضروري أن تخرج الاختراعات من رحم المعامل والأبحاث العملية فقط.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
مكتب الجامعة الأمريكية
«السوق» هو أحد أهم العوامل التي تعتمد عليها الجامعة الأميركية عند تسجيل براءة اختراع فبحسب إنجي درويش مدير أول التراخيص بمكتب الجامعة الأميركية لبراءات الاختراع يكون أول سؤال مطروح عند البدء في تسجيل براءة جديدة هو «هل هذا المنتج قابل للتسويق في أي بلد؟» إجابة السؤال هي ما يحدد الخطوة التالية والتي تشمل إجراء بحث متعمق عن المنتج في قواعد بيانات براءات الاختراع العالمية ومن ثما التقييم العام والبدء في إجراءات التسجيل تقول أنجي إن الولايات المتحدة هي بطبيعة الحال المكتب الذي يشهد تسجيل أكبر عدد من براءات الاختراع فهو الأسرع والأكثر مرونة لعدة أسباب وكذلك لآن السوق الأمريكي هو الأهم في نطاق حماية الاختراعات خاصة ما يتعلق بالتكنولوجيا.
وتؤكد إنجي درويش أن التسويق هو أحد المعوقات الكبرى للاختراعات فبرغم اشتراك الجامعة بمنصات عالمية مخصصة لعرض الابتكارات والاختراعات التي تتوصل إليها الجامعات وبرغم المشارك في معارض ومؤتمرات نقل التكنولوجيا في مصر والخارج يبقى معدل التسويق بطيء ويبقى التواصل الجهات الصناعية محدود ولكنها عادت لتؤكد وجود سعي دائم للوصول لمشاكل الصناعة وعرضها على المخترعين للمشاركة في الحل وفي هذه الحال نجلب لهم التمويل الذي يعد مشكلة كبرى ثانية في مجال تسويق براءات الاختراع والتي تراها انجي تحدي عالمي.
وتضيف: وجود منظومة موحدة تربط الجامعات مع الصناعة على المستوى المحلي سيحقق فائدة مزدوجة على صعيد تواصل الباحثين مع بعضهم البعض ومع الصناعة.
وتلخص إنجي الصورة في ضرورة وتنمية مهارات الباحثين في التسويق والاتجاه لريادة الأعمال وجلب التمويل وأيضًا ضرورة وجود ثقافة الإقبال على المنتجات المحلية الجديدة من جانب الصناعة
تتفق معها الدكتورة وفاء حجاج المشرف على مكتب اتصال براءات الاختراع بالمركز القوما للبحوث موضحة أن وجود المكتب داخل واحدة من أكبر الجهات البحثية في مصر كان له دورا كبيرا في تحقيق التواصل مع الباحثين وساهم وجوده في تعزيز وتسهيل ومتابعة تقديم براءات الاختراع للمعاهد التابعة للمركز القومي للبحوث عبر تقديم الدعم الفني والمالي للباحثين الراغبين في تسجيل براءات الاختراع ونماذج المنفعة من أعضاء المركز وأكدت أن أبرز التحديات التي تواجه الباحث هو ضعف التواصل مع القطاع الصناعي وكذلك التعاون بين الجامعات والمراكز المختلفة وهو ما يسعى المركز القومي للبحوث للتغلب عليه عبر تنظيم المؤتمرات أو اللقاءات العلمية وبناء شراكات مع القطاع الخاص وكذلك تنظيم معارض للمنتجات البحثية والبراءات في مختلف المجالات
كما أكدت أن التمويل يمثل مشكلة أخرى للباحثين خاصة في حالة الرغبة في تسجيل الاختراع على المستوى الدولي وهو مكلف جدًا.
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة
براءات الاختراع في مصر.. أرقام قليلة وفرص كثيرة