مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر

18-5-2025 | 16:51

استطاع تخصص الذكاء الاصطناعي في الجامعات المصرية جذب طلاب الشهادة الثانوية، وكذلك طلاب الدراسات العليا.
وعلى سبيل المثال، فإن ماجستير الذكاء الاصطناعي في الأكاديمية البحرية التابعة لجامعة الدول العربية اكتفى بقبول الطلاب المتقدمين له، ليفاجأ بأضعاف أعدادهم يحاولون اللحاق بالتخصص، فلا المكان يسع كل هؤلاء فجأة، ولا أعضاء هيئة تدريس مواد الذكاء الاصطناعي بمعايير الأكاديمية الصعبة يغطون أكثر ممن تم قبولهم في الماجستير، وهذا نموذج من الوارد أن يكون متكررًا في الجامعات الأخرى.
أما طلاب الشهادة الثانوية، فإنهم يطرحون أسئلتهم على الكليات التي تقيم مؤتمرات لجذبهم حتى قبل حصولهم على الشهادة، حول وجود التخصص من عدمه.
وإذا عرفنا أن هذا الاندفاع نحو دراسة الذكاء الاصطناعي حدث في الأشهر القليلة الماضية، فإننا إزاء انفجار تعليمي ومعرفي بكل المقاييس. لماذا هذا الاندفاع وهل لدينا مساحات لاستيعابه؟!
أفادتني محادثة قيمة مع المهندس زياد عبدالتواب خبير التحول الرقمي، ربما كان محركه خبر تابعته في الأيام الماضية حول اتفاق إماراتي إيطالي لتطوير مركز للذكاء الاصطناعي في منطقة بوليا بجنوب شرق إيطاليا، وقال وزير الصناعة في إيطاليا إن الهدف من الاتفاقية هو بناء كمبيوتر فائق، حاسوب عملاق، يمكنه معالجة كمية هائلة من البيانات وتخزين قدر كبير للغاية من المعلومات والبرامج. 

وكشف المهندس عبدالتواب عن بنية تحتية جيدة في مصر بدأت منذ إنشاء المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي سنة 2019، كما أن لدينا 23 مركز إبداع تكنولوجي يركز على الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، كما صدرت في مصر الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي الجزء الأول والثاني. 

أما الأزمة التي يحددها المهندس عبدالتواب فهي أن أغلب التطبيقات قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أننا لا نعرف البيانات المغذية للتطبيقات، وبالتالي سيكون علينا أو ما نتمناه أن يكون لدينا نماذج ذكاء اصطناعي تراعي المحددات والمعايير الخاصة بنا، لأن برامج الذكاء الاصطناعي في تطور مذهل، وستأخذ حيزًا خرافيًا في الطب، الأدوية، الزراعة، التجارة، الموسيقى، الرسم، وفي الأدب. 

بينما لا يوجد لدينا ولا في أي مكان في العالم قانون للذكاء الاصطناعي، إلا ما قام به الاتحاد الأوروبي العام الماضي من إصدار قانون مبدئي للتنظيم، وهو ما ينبغي النظر إليه في الفترة الحالية، لأنه أوسع من أن يكون ضمن قانون الملكية الفكرية وإن يلامسها في أحوال عدة.

يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى سن قانون جديد، وإلى مكونات تستدعي إقامة مركز منفرد له: هذه المكونات عبارة عن: بنية أساسية (مراكز بيانات عملاقة) وبيانات، وخوارزميات (برمجيات).

أما إقبال الطلاب والباحثين فقد نما بشدة بسبب اهتمامهم بما تملكه دراسة الذكاء الاصطناعي من فرص للعمل في مجال الكمبيوتر، والذي ربما بدأوه باللعب على شاشات الموبايلات الذكية، ويتوقعون كيف يمكنه إتاحة فرص عمل بشهاداتهم وتجاربهم، بما لا يستطيع تخصص آخر، الآن، أن يمنحه لهم. كما يستطيعون العمل في البرمجة والروبوت والسيارات الكهربائية والأنظمة الذكية عمومًا. ويبلغ عدد كليات الذكاء الاصطناعي لدينا 26 كلية حاسبات ومعلومات وذكاء اصطناعي في 27 جامعة حكومية، و20 كلية مماثلة في 32 جامعة خاصة، و20 كلية أخرى في 20 جامعة أهلية.

لدينا "إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي" وتم تطبيق النسخة الأولى منها خلال السنوات الثلاث الماضية؛ ما جعل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت يصرح في شهر نوفمبر الماضي بأن مصر تقدمت 49 مركزًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي. 

وفي يناير الماضي صدرت النسخة الثانية (2025 ـ 2030)، ويلح السياق الذي صدرت النسخة الثانية في إطاره على دور الدولة في طليعة الجهود الرامية إلى حل التحديات المعقدة الناتجة عن الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي. 

وتسعى النسخة الجديدة إلى ضمان وصول 36% من المصريين إلى الذكاء الاصطناعي ومنتجاته، والوصول بعدد المتخصصين والخبراء إلى 30 ألفًا، وتمكين ودعم إنشاء أكثر من 250 شركة ناجحة في مجال الذكاء الاصطناعي. مع ملاحظة أن الإستراتيجية تضع بنودًا لنشر ثقافة الذكاء الاصطناعي والوعي به.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة