تنعقد القمة العربية الـ 34 في العاصمة العراقية بغداد، في ظل ظروف وتحديات استثنائية، وجهود مضنية يبذلها القادة العرب؛ لدعم العمل العربي المشترك، ومساندة القضية الفلسطينية، وسط تحركات غير عادية لتأكيد الموقف المصري الذي تتبناه القيادة السياسية المصرية الحكيمة، عن قناعة وإيمان راسخ بمدى أهمية العمل العربي، ومواجهة المخططات المشبوهة، لتصفية قضية أبناء الشعب الفلسطيني.
كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم أمام قادة القمة، خلال انطلاق الفعاليات في بغداد، أكدت أهمية حرص مصر على مواجهة المشروعات المشبوهة، التي تستهدف المنطقة العربية، وتتطلب مواجهة من خلال تكاتف جهود الدول العربية، وبأيادي زعمائها وشعوبها؛ لقطع الطريق على الأطراف التي تسعى للتخريب وإحداث الوقيعة، وعرقلة جهود توحيد الموقف العربي، من خلال بناء حائط الصد الرئيسي؛ وهو الوحدة ونبذ الخلافات.
حماية الأمن القومي العربي من أهم متطلبات القمة العربية الحالية، وهو ما أكدته القيادة السياسية المصرية من خلال المشاركة المصرية في القمة العربية الحالية؛ حيث حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته اليوم على توحيد الرؤية والقرارات في إطار حماية الأمن القومي العربي والتشديد على أنه ليس هناك دولة بعينها بعيدة عن هذا التهديد، كما أن القضية الفلسطينية تمثل القضية العربية المركزية، التي بدون التوصل إلى حل لها لن يتم تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
رسائل حاسمة وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته أمام افتتاح القمة العربية ببغداد اليوم، أهمها ما وجهه إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرورة الضغط على إسرائيل من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة، ومن ثم البدء في عملية شاملة تفضي إلى حل الدولتين، مشيرًا إلى أنه حتى لو نجحت إسرائيل في تطبيعها مع الدول العربية، فإن السلام العادل لن يتحقق إلا بوجود دولة فلسطينية.
رسالة أخرى وجهها الرئيس إلى آلة الحرب الإسرائيلية التي لم تترك حجرًا على حجر، ولم تترك طفلًا ولا شيخًا إلا واستهدفته، بجانب استخدام الجوع والحرمان سلاحًا ضد أهالي غزة، وممارسة نهج القتل والتهجير في الضفة الغربية، أن كل ذلك لن يثني عن قيام دولة فلسطينية باعتبارها هي الحل الوحيد للخروج من دوامة العنف التي تعصف بالشرق الأوسط.
من أحد أهم رسائل الرئيس أيضًا أمام القمة، والتي تخص القضية الفلسطينية، هو إعلان القيادة الحكيمة عن عزم الدولة المصرية تنظيم مؤتمر دولي لإعمار قطاع غزة فور توقف العدوان، وهو ما يؤكد بجلاء رفض مصر أي حلول أو محاولات لتصفية القضية من خلال التهجير والإبادة.
الرسالة الأهم من الرئيس المصري كانت مواصلة مصر، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة شريكيها في الوساطة، بذل الجهود المكثفة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتأكيد أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة وأكثرها دقة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى طمسه وإبادته وإنهاء وجوده في قطاع غزة.
رسائل القيادة المصرية الحكيمة، خلال القمة، لم تقف أمام الموضوع الأبرز على أجندة الجهود العربية في موقفها من العدوان على غزة والشعب الفلسطيني، بل تضمنت مواقف ثابتة تجاه القضايا العربية الملحة؛ حيث أكد السيد الرئيس السيسي أن المنطقة تواجه تحديات معقدة وظروفًا غير مسبوقة، وأن السودان الشقيق يمر بمنعطف خطير يهدد وحدته واستقراره، وجهود وقف نزيف الدم الفلسطيني، واستمرار مصر في جهودها الحثيثة لدعم الأشقاء في ليبيا، واستثمار رفع العقوبات الأمريكية، لمصلحة الشعب السوري.
وأنه حان الوقت لاستعادة اليمن توازنه واستقراره، عبر تسوية شاملة تنهي الأزمة الإنسانية، مع الرفض القاطع لأي محاولات للنيل من سيادة الصومال، وكلها رسائل تؤكد أن مصر تعمل على شتى المستويات لدعم الأشقاء العرب بكل السبل، وتكشف عن إستراتيجية ثابتة تتبناها الدولة المصرية لمساندة الأشقاء العرب، في إطار دورها المحوري في المنطقة لإقرار السلام العادل والشامل، فهي ستظل السند والعون الرئيسي لدعم الأشقاء على مختلف المستويات الإقليمية والعربية.