ما زالت ظاهرة غاز الكيمتريل “chemtrails”، الذي تطلقه في السماء طائرات على ارتفاعات عالية تزداد غموضًا وهجومًا في وقت واحد، ويفسر علماء ومهندسو هذه الظاهرة، التي بدأت منذ أكثر من ٣٠ عامًا، أنها وسيلة لمواجهة الطقس المتطرف، والتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، في إطار ما يعرف بخطط "الهندسة البيولوجية".
واستعرضنا، في المقال السابق، كيف أن غالبية علماء البيئة وخبراء الطقس، يحذرون من مخاطر هذا الغاز السام، في المقابل هناك خبراء ومسئولون يرون أنه للتخفيف من وطأة التغيرات المناخية، وإذا كان الأمر كذلك، باعتباره غازًا لا يسبب ضررًا لصحة الإنسان، وكما يقول العلماء أن خططهم تسعى لتعديل الطقس وإجراء البرامج الخاصة بالهندسة الجيولوجية، فلماذا لا يتم ذلك بشفافية، ولماذا الحرص على إقصاء الإعلام لمعرفة حقيقة هذه الظاهرة عبر نشر الوعي والتعريف بهذا الكيمتريل، فلماذا التكتم الشديد والسرية المطلقة والعمل في أجواء غامضة، وكل ما يتعلق بهذا الغاز يظل لغزًا ثقيلاً، بعد أن أجمع خبراء، على أن خطوط التكثيف البيضاء التي تخلفها الطائرات في السماء، مشبعة بالمواد السامة.
هذه الظاهرة الغامضة، لا تحدث في سمائنا فقط، بل في كثير من الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا، وألمانيا وغيرها، حتى في الولايات المتحدة، التي شرعت في خطط رش السماوات بغاز الكيمتريل، تشكو وتعاني كثير من ولاياتها من مخاطر هذه الظاهرة، كما حدث في ولاية فلوريدا، حيث يتحرك المجلس التشريعي لإصدار مشروع قانون لحظر الهندسة الجيولوجية وتعديل الطقس في الولاية، وكذلك في ولاية ألاباما، ناقشت لجنة تشريعية مشروع قانون مشابه، في العام الماضي، وفي ولاية تينيسي حظر المشرعون إطلاق المواد الكيميائية المحمولة جوًا.
في ولاية واشنطن العاصمة، ادعى المحامي والسياسي البيئي النشط روبرت ف. كينيدي جونيور، قائلاً: "أريد تحرك الولايات لحظر الهندسة الجيولوجية لمناخ الولايات المتحدة، لإنقاذ مواطنينا وممراتنا المائية ومناظرنا الطبيعية من السموم".
ومع ذلك، فإن خبراء يرون أن خطط ومحاولات تعديل الطقس أمرًا حقيقيًا، حيث يعد تلقيح السحب للمساعدة في نمو الأمطار في المناطق الجافة أحد الأمثلة الأكثر شيوعًا، على الرغم من أنه لا يزال يستخدم فقط على نطاقات صغيرة للغاية، بشكل نادر في جميع أنحاء العالم – وما زالت وما زالت فعالية هذا التلقيح أو "الاستمطار"، ما زالت موضع نقاش.
وفي ولاية رود آيلاند، عام ٢٠١٤، تم تقديم مشروع قانون يحد من الهندسة الجيولوجية، على الرغم من أنه لم يوفق في نهاية المطاف، وفي ولاية تينيسي، تم إقرار مشروع قانون يحظر المواد الكيميائية المحمولة جوًا في أوائل عام ٢٠٢٤، وفي نفس العام قدمت عضو مجلس الشيوخ بولاية فلوريدا إيلينا جارسيا مشروع قانون من شأنه تجريم “الهندسة الجيولوجية غير المصرح بها أو تعديل الطقس، بغرامات تصل إلى ١٠٠ ألف دولار لكل انتهاك.
وما زال تحذير "كريستين ميجان -" المسئولة عن الإبلاغ عن المخالفات "Whistleblower"، والتي عملت بسلاح الجو الأمريكي على مدى ١٨ عامًا هو الأكثر أهمية لما يحمله من قرب مباشر للقضية، فقد أطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا، إنذارًا بشأن الهندسة البيولوجية، تقول: "سمعت ما يعرفه الكثير حول مصطلح "الكيمتريل"، كان هناك برنامج يسمى "تعديل الطقس باستخدام مواد خطرة في الغلاف الجوي" واعتقدت أن هذا جنون، ولماذا نفعل شيئًا كهذا"، وتوضح: "لدينا في الولايات المتحدة، ولايات حظرت هذه المادة السامة، ولكن الناس يحتاجون إلى اليقظة، والوعي بخطورتها وزيادة كمياتها الهائلة، وهناك زيادة هائلة في مشكلات الجهاز العصبي، فضلاً عن مضار مؤكدة حول الآثار السلبية لهذا الغاز على خفض نسبة الخصوبة الخصوبة للبشر، فضلاً عن حساسية الصدر المزمنة.
في عام ٢٠٢٠، أثار النائب بالبرلمان الكويتي، شعيب المويزري قضية رش الطائرات غاز "الكيمتريل" السام والملوث للبيئة والخطر على الصحة العامة في سماء الكويت. ونشرت مجلات علمية أمريكية لباحثين حول تأثير الكيمتريل على صحة الإنسان، فأجمعت على عدد من الأعراض الصحية مثل، النزيف في الأنف، وضيق التنفس، آلام الصداع، وعدم حفظ التوازن، والإعياء المزمن، وأوبئة الأنفلونزا، وأزمة التنفس، والتهاب الأنسجة الضامة، وفقدان الذاكرة، أمراض الزهايمر المرتبطة بزيادة الألومنيوم في الجسم.
وبالرغم من استمرار الغموض والشك حول هذا الغاز الضار، تظل سحبه السامة البيضاء تظهر من وقت لآخر في السماء.. وتقتبس ما ردده المفكر عبدالرحمن الكواكبي، في كلماته المعبرة: "ما بال الزمان يضن علينا برجال،"علماء"، ينبهون الناس ويرفعون الالتباس، يفكرون بحزم ويعملون بعزم، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون".