«مدينة أوروبية تحتفل بالسيدة فاطمة الزهراء!».. خبر قد يثير لديك الدهشة والغرابة، أما المكان، فقرية فاطيما التي تقع على بعد 140 كم شمال العاصمة البرتغالية لشبونة، والزمان في الثالث عشر من مايو كل عام، والحدث عيد «سانت فاطيما» أو السيدة فاطمة، فما القصة؟. فاطمة بين العرب والبرتغاليين التعرف على السر يقتضي منا العودة لأكثر من 800 عام مضت، وبالتحديد في القرن الثاني عشر الميلادي، في تلك الفترة كان الصراع على أشده بين العرب المسلمين، والممالك النصرانية الشمالية (إسبانيا والبرتغال)، كانت الانتصارات والهزائم سجال بينهما، إسبانيا والبرتغال أطلقت ما سمَّته "حرب الاسترداد" ضد العرب والمسلمين في الأندلس، كانت جغرافيا الأرض تتغير وفقاً للمستجدات السياسية والعسكرية، فما كان في حوزة العرب وتحت رايتهم يُسمى "أرض الأندلس"، وما حازته الممالك النصرانية يُوزع بين الإسبان والبرتغاليين، وشيئا فشيئًا سقطت معظم المدن البرتغالية مثل "قلمرية، شنترين، أشبونة، وبطليوس وباجة". لقد حمل الملك البرتغالي ألفونسو الأول المعروف بـ"المؤسس أو العظيم" راية الاسترداد ضد العرب والمسلمين، وراح يقاتل ويسقط الكثيبر من المدن الأندلسية، وبالقرب من قصر الملح حيث دارت معركة شديدة بين جيشه وجيش المسلمين، حقق ألفونسو الانتصار، وغنم ما حازه جيش المسلمين، وكانت من ضمن السبايا أميرة أندلسية من أميرات القصر تدعى "فاطمة"، فكانت من نصيب حاكم مدينة "أوريم" الذي تزوجها وجعلها على دينه ومذهبه الكاثوليكي، واشتهرت الأميرة بالثقافة والعلم، وحبها للشعر والأدب، إلى جانب جمالها الآخاذ وأخلاقها الرفيعة، فنالت حب الجميع، فسُمى الناس القصر الذي كانت تعيش فيه باسمها "قصر فاطمة"، ومع مرور الوقت، أصبحت هناك قرية صغيرة قرب "أوريم" تدعى "فاطمة". بين مريم العذراء وفاطمة الزهراء تعود شهرة مدينة فاطمة في البرتغال إلى "معجزة فاطمة" المعروفة أيضًا باسم "معجزة الشمس" التي وقعت بين شهري مايو وأكتوبر من عام 1917م، حيث أبلغ 3 أطفال من رعاة الماشية هم: لوسيا دوس سانتوس وأبناء عمومتها جاسينتا مارتو وفرانسيسكو مارتو عن رؤيتهم لسيدة مضيئة يعتقد أنها "مريم العذراء"، حيث ظهرت للأطفال في حقول "كوفا دي إريا" خارج قرية ألجوسترل بالقرب من مدينة فاطمة في البرتغال. استمرت السيدة بالظهور في اليوم الثالث عشر من كل شهر عند الظهر تقريبًا لمدة 6 أشهر متتالية، كان آخرها في 13 أكتوبر، حيث تأكدت معجزتها التي شهدها حوالي 60 ألف شخص، وباتت تلك المعجزة معروفة بين الكاثوليك باسم "يوم الشمس". اتفق الكاثوليك ومعظمهم من البرتغاليين والإسبان والإيطاليين في عام 1928م على بناء كنيسة ضخمة في موقع التجلي، وأقيمت الكنيسة الكبيرة على التلة التي حدث عليها معجزة التجلي، وأصبحت مركزًا للقرى، وأطلقوا عليها اسم "كنيسة القديسة فاطمة". هناك رواية أخرى تقول إن النور الذي تجلى في السماء على صورة سيدة، ما كان إلا للسيدة "فاطمة الزهراء" بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فالأطفال الثلاثة عندما شاهدوا السيدة ذات المسبحة، قالت لهم من بين ما قالت إنها فاطمة بنت النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ودعتهم لبناء موقعًا للعبادة في المكان نفسه، إلا أن هذه الرواية لا تلقى قبولاً كبيرًا؛ لأن القرية سُميت بفاطمة قبل تاريخ تلك الواقعة، ولهذا أطلق علي ذلك المزار اسم فاطمة، نسبة للقرية والأميرة فاطمة الأندلسية. وقد زار بابا الفاتتيكان الراحل فرنسيس، كنيسة فاطمة وشهد الاحتفال بهذا العيد في عام 2017م، باعتبار تلك الكنيسة واحدة من أقدس الكنائس في أوروبا.