رغم خطورته، يظل التحرش الجنسي بالأطفال أحد أكثر المواضيع المسكوت عنها في المجتمعات العربية، ليس فقط بسبب الحرج الاجتماعي، بل أيضًا بسبب الجهل بآثاره النفسية طويلة الأمد، وطرق التعامل معها. وخلال السطور التالية، نعرض آراء عدد من الخبراء النفسيين والاجتماعيين حول كيفية معالجة الأطفال نفسيًا بعد التعرض للتحرش الجنسي.
موضوعات مقترحة
التحرش يضعف الإحساس بالأمان
توضح الدكتور علاء الغندور، استشاري الطب النفسي والتأهيل السلوكي، أن الأطفال ضحايا التحرش يعانون غالبًا من اضطرابات نفسية تتنوع بين الاكتئاب، والقلق، والكوابيس، واضطرابات الأكل والنوم. ويشير إلى أن "التحرش يخلخل الإحساس الأساسي بالأمان والثقة، ويترك أثرًا عميقًا على الهوية النفسية والجسدية للطفل."
ويضيف: "الأطفال قد لا يملكون اللغة أو الوعي الكافي للتعبير عما حدث، لكن الأعراض تظهر في سلوكهم—مثل الانطواء، العدوانية، أو حتى تكرار السلوكيات الجنسية بشكل غير مناسب للعمر."
اقرأ أيضا:
"الأوقاف": مكافحة التحرش تحتاج وعياً راسخاً.. والتشبيك المؤسسي يعزز جهود التوعية
العنف الإلكتروني ضد النساء.. 4 إجراءات قانونية مهمة لمصر لمواجهة هذا الأمر
العلاج النفسي للتحرش لا بد أن يكون تخصصيًا وطويل الأمد
تقول الأخصائية النفسية سارة البنا، وهي معالجة سلوكية معتمدة، إن التعامل مع الطفل يجب أن يتم بحذر وبناءً على خطة علاجية متكاملة. “نستخدم العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج باللعب، وتقنيات التعبير غير المباشر كالرسوم، لمساعدة الطفل على إخراج ما بداخله دون شعور بالخوف أو الذنب.”
وتؤكد البنا أن الاستعجال في العلاج أو التعامل مع الطفل وكأنه تجاوز ما حدث هو خطأ شائع، لأن التأثير النفسي قد يظهر لاحقًا في مرحلة المراهقة أو البلوغ.
التحرش الجنسي بالأطفال
لا شفاء من صدمات التحرش دون إشراك الأسرة
يشدد الدكتور حسام فودة، أستاذ علم الاجتماع، على أهمية إشراك الأسرة في العلاج. “غالبًا ما تكون ردود فعل الأهل جزءًا من الأزمة؛ فإما أنهم ينكرون الواقعة، أو يتعاملون مع الطفل كأنه وصمة.
ويرى فودة أن التثقيف الأسري هو خط الدفاع الأول، مضيفًا عندما يفهم الوالدان طبيعة الصدمة النفسية، يصبحون داعمًا حقيقيًا وليس عامل ضغط إضافي على الطفل.
المدرسة شريك علاجي وليست مجرد بيئة تعليمية
توضح الدكتورة هالة مراد، خبيرة التربية الوقائية، أن المدارس لا بد أن يكون لها دور نشط في الوقاية والاكتشاف المبكر. المعلمون يجب أن يتدربوا على رصد السلوكيات غير المعتادة، وتوفير بيئة آمنة تسمح للطفل بالإفصاح دون خوف.
وتقترح دمج برامج "الحماية الذاتية للأطفال" ضمن المناهج، وتعليمهم كيفية قول لا، والتمييز بين اللمسة الآمنة وغير الآمنة.
التحرش الجنسي بالأطفال
هل نحن مستعدون؟
رغم توفر الأدوات والأساليب النفسية الحديثة، ما زالت معظم المجتمعات تتعامل مع قضية التحرش بالأطفال من زاوية العار، وليس من زاوية العلاج.. يؤكد الخبراء أن أول خطوة في التعافي هي الاعتراف بالصدمة والتعامل معها كحالة إنسانية ونفسية تستوجب الدعم، لا الصمت.