وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ..

8-5-2025 | 21:48

لما رُزقتُ بابنتي الوحيدةِ، تيقنتُ أنَّ قدرًا كبيرًا وعظيمًا من السعادةِ، إنَّما يكونُ في إنجابِ البناتِ، وأنَّ رحمةً تسكنُ القلوبَ، وطمأنينةً تقرُّ في النفوسِ، بوجودِهنَّ. سميتُها (جودي) لتكونَ لأبيها، الأمانَ والاستقرارَ، تمامًا كجبلِ نوحٍ، عليه السلامُ: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ.. ذاكَ الذي استقرتْ عندَهُ سفينةُ الإيمانِ، بعدَ رحلةِ الصعابِ، والأمواجِ كالجبالِ، حيثُ السماءُ تُقلعُ، والأرضُ تبلعُ، والماءُ يغيضُ.

أجملُ ما قيلَ في حُبِّ الأبِ لابنتِه، كلامُ رسولِنا العظيمِ (صلى الله عليه وسلم) في ابنتِه التقيةِ النقيةِ، الزهراءِ فاطمةَ، رضي اللهُ عنها وأرضاها: قطعةٌ منِّي، يريبُني ما يريبُها، ويؤذيني ما يؤذيها. هُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالياتُ. 

قالَ الصالحون: أخبروهم أنَّ الأنبياءَ آباءُ بناتٍ! ولا يزالُ الرَّجلُ عقيمًا، حتى يُوهبَ البناتُ، وإنْ كانَ لهُ مئةٌ منَ الأبناءِ! لو كانَ بينَ إخوةِ يوسفَ أخواتٌ بناتٌ، لدافعنَ عنه، ووضعنهُ في أعماقِ القلبِ، لا في أعماقِ الجُبِّ! ولقصصنَ أثرَهُ، كما فعلتْ أختُ موسى؛ لتُعيدَهُ لحضنِ أُمِّهِ. 

البنتُ قرةُ العينِ، ونورُ الفؤادِ، الصديقةُ بلا شُبهةٍ، والحبيبةُ بلا غيرةٍ، أمُّ أبيها، وإنْ كانتْ طفلةً.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة