الحكومة الألمانية الجديدة.. نصفها سيدات و«جزار» وزيرًا للزراعة وكيميائية للاقتصاد ومحامية للصحة

8-5-2025 | 17:08
الحكومة الألمانية الجديدة نصفها سيدات و;جزار; وزيرًا للزراعة وكيميائية للاقتصاد ومحامية للصحةفريدرش ميرتس
عبد الناصر عارف

بدأت حكومة الائتلاف الكبير في ألمانيا ممارسة عملها وسط ضغوط متعددة، خاصة بعد الولادة المتعثرة والمفاجأة الصادمة في الاقتراع على المستشار الجديد ميرتس، حيث فشل في الفوز من أول جولة، وتم إجراء تعديل دستوري عاجل ليتم إعادة الاقتراع في جلسة استثنائية للبوندستاج مساء اليوم نفسه الذي فشل فيه في الصباح في الحصول على الأغلبية المطلقة، بعد أن خرج بعض نواب الائتلاف عن الالتزام الحزبي، وهذا لم يحدث في تاريخ ألمانيا.

موضوعات مقترحة

ولم يخلُ تشكيل الحكومة الجديدة من المفاجآت، بل والغرائب والطرائف، فقد شغلت النساء نصف الحقائب الوزارية تقريبًا، وتكوّنت حكومة الائتلاف بين الاتحاد المسيحي - يضم حزبي المسيحي الديمقراطي وتوأمه "البافاري" المسيحي الاجتماعي – والحزب الاشتراكي الديمقراطي من 17 حقيبة وزارية، منها حقيبة وزارية جديدة للرقمنة وتحديث الدولة، شغلها رجل أعمال يحمل درجة الدكتوراه في الفيزياء ورئيس أكبر سلسلة متاجر في أوروبا متخصصة في الإلكترونيات، وهو الدكتور كارستن فيلدبيرجر، بينما يحمل غالبية الوزراء شهادات علمية في القانون، بما فيهم المستشار الجديد فريدريش ميرتس، كما أن معظمهم أعضاء في البوندستاج.

وطبقًا للتقاليد السياسية في ألمانيا، يتم الاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية وبرنامج الحكومة في فترة ولايتها الدستورية، وهي أربع سنوات، بين الائتلاف الحزبي، والذي يتكون من حزبين أو أكثر، حيث لم يحدث أن تم تشكيل حكومة من حزب واحد في تاريخ ألمانيا.

الوزارات السيادية تبادلية

ويتكون الائتلاف الحكومي الجديد - الذي جاء نتيجة انتخابات مبكرة وهي نادرًا ما تحدث في ألمانيا، جرت في فبراير الماضي – من ائتلاف الحزبين الكبيرين: الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي، وهما أقدم حزبين سياسيين في ألمانيا، ودرجت التقاليد السياسية على اتباع أسلوب محدد في توزيع الحقائب الوزارية السيادية بين الحزبين؛ فوزارة الخارجية يقابلها وزارة الدفاع، والاقتصاد يقابلها المالية، والداخلية يقابلها وزارة العدل، فإذا ذهبت أية وزارة من هذه الوزارات لحزب معين، فلابد أن تذهب الوزارة المقابلة للحزب الآخر، وذلك منعًا لانفراد حزب واحد بالتحكم في السياسات المصيرية والحساسة.

وزير الدفاع الأكثر شعبية في ألمانيا

وقد تم إسناد وزارة الخارجية في الحكومة الجديدة إلى خبير الشؤون الخارجية المتحمس لمساندة أوكرانيا في الاتحاد المسيحي والمقرب إلى المستشار شولتس، الدكتور يوهان فادفول، ويحمل درجة الدكتوراه في القانون، خلفًا للسيدة أنالينا بيربوك في الحكومة السابقة، وفي المقابل أُسندت وزارة الدفاع إلى بوريس بيستوريس، القيادي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو الوزير الوحيد الذي احتفظ بمنصبه الذي كان يشغله في الحكومة السابقة، وطبقًا لاستطلاعات الرأي، فهو الشخصية الأكثر شعبية في ألمانيا، حيث يسعى لبناء جيش ألماني قوي وصناعة أسلحة متطورة.

أما لاريس كلينجبايل، الرئيس المشارك للحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي تولى المفاوضات الصعبة مع ميرتس لتشكيل الائتلاف، فقد شغل وزارة المالية إلى جانب منصب نائب المستشار، فيما ذهبت الحقيبة الوزارية المقابلة وهي الاقتصاد إلى الحزب المسيحي الديمقراطي، وشغلتها الكيميائية المتخصصة في الهيدروجين الأخضر كاترينا رايش.

حكومة سياسية.. التكنوقراط يمتنعون

ومن التقاليد الديمقراطية في ألمانيا، كما في معظم دول الاتحاد الأوروبي، أن جميع وزراء الحكومة هم وزراء سياسيون ولا يُشترط أن يكونوا تكنوقراط أو خبراء متخصصين في مهام وزاراتهم، ولذا قد يبدو من الطرائف والغرائب لغير الأوروبيين أن تتولى وزارة الصحة محامية وليست طبيبة، حيث شغلت المحامية والسياسية نينا فاركن منصب وزيرة الصحة في الحكومة الجديدة، وهي نائبة في البرلمان منذ 2013، بينما شغلت محامية أخرى وزارة التعليم والأسرة، وهي السيدة كارين برين، التي وُلدت وترعرعت في هولندا، حيث فرت عائلتها إلى هولندا هربًا من الحكم النازي.

وتولت سيدة أعمال أخرى وزارة الإسكان والبناء، وهي فيرينا هوبرتس.

أما المفاجأة الأخرى، فكانت إسناد وزارة الزراعة والغابات إلى جزار محترف يمتهن الجزارة، ولديه سلسلة محلات في الجزارة، ويحتفظ بصوره بملابس الجزارة وهو يمارس مهنته على حسابه في منصات التواصل الاجتماعي، كما يدير نزلاً سياحيًا عائليًا في الغابات السوداء بولاية بافاريا، ولكنه سياسي محافظ دينيًا واجتماعيًا من صعيد ألمانيا "ولاية بافاريا"، وهو عضو في البرلمان منذ عام 2013.

فيما شغل زميله الجنوبي أيضًا، ألكساندر دوبريندت، الباحث في علم الاجتماع، منصب وزير الداخلية، وهو محافظ متدين أيضًا، متحمس لزيادة صلاحية جهاز الشرطة في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وبدأ عمله أمس بزيادة عدد شرطة الحدود لمنع دخول اللاجئين غير المرغوب فيهم، وانضم إليهما الصحافي والناشر المحافظ والمتدين، رئيس تحرير صحيفة فوكس السابق فولفرام فايمر، وهو مؤلف كتاب بعنوان "الشوق إلى الله"، ليشغل منصب وزير الثقافة والإعلام في حكومة المستشار ميرتس الجديدة.

ريم العراقية اللاجئة السابقة وزيرة للتعاون الاقتصادي

ولأول مرة تضم حكومة في ألمانيا وزيرة من أصل عراقي، وهي ريم العبلي وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية - 35 عامًا -، كانت أسرتها من الفارين من نظام صدام حسين إلى روسيا، حيث شغل جدها منصبًا قياديًا في الحزب الشيوعي العراقي وشارك في جماعات مسلحة في كردستان العراق، ومن روسيا لجأ والدها إلى ألمانيا، ونزلت مع أسرتها في نزل اللاجئين في ألمانيا وهي في السادسة من عمرها، وتخرجت من جامعة برلين الحرة في تخصص السياسة الدولية، وتزوجت من الملاكم الألماني المحترف رادوفان، وحملت اسمه إلى جانب اسم عائلتها، ليصبح اسمها الرسمي ريم العبلي – رادوفان، وشغلت منصب مفوضة الحكومة الاتحادية لشؤون الهجرة والاندماج، وتتحدث العربية والآشورية إلى جانب اللغة الألمانية.

ويقول المستشار محمد عطية، نائب رئيس اتحاد الجاليات الأفريقية في ألمانيا ورئيس البيت المصري بهانوفر، لـ"بوابة الأهرام" إن الوزيرة ريم العبلي لها خبرة طويلة في التعامل مع الجاليات الألمانية من أصول مهاجرة، ويمثل وجودها في وزارة التعاون الاقتصادي فرصة كبيرة لدعم التعاون العربي الألماني في المرحلة المقبلة، خاصة في الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية والاستفادة من المعونة الألمانية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: