«ترامب» فى الشرق الأوسط.. الشارع العربي يحدد أجندته: فلسطين أولًا

8-5-2025 | 22:23
;ترامب; فى الشرق الأوسط الشارع العربي يحدد أجندته فلسطين أولًاد.إبراهيم فوزي- د.ندى ملكاني- د.سعود الشرفات- د. راجي البياتي-د.نيفين وهدان- هاني سليمان- محمد كاظم
محمد الطماوي
الأهرام العربي نقلاً عن


موضوعات مقترحة
•    د.إبراهيم فوزي: مواجهة أساليب ترامب التفاوضية قد تُجبره على التراجع وفهم مصالح العرب
•    د.ندى ملكاني: زيارتة لحظة سياسية فارقة وعلى العرب التفاوض بمنطق الصفقة لا الشكوى
•    د.سعود الشرفات: شروط واضحة لا تعاون دون وقف الحرب في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية
•    د. راجي البياتي: جولة استراتيجية أمريكية لتعزيز التحالفات واحتواء تحديات الشرق الأوسط
•    د.نيفين وهدان: المطالب تشمل احترام السيادة وإنهاء العدوان على غزة و إقامة دولة فلسطينية
•    هاني سليمان:  وقف إطلاق النار ودعم خطة إعادة الإعمار المصرية في غزة على رأس الأولوليات
•    محمد كاظم: تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة العربية يتطلب إبعادها عن سياسات المحاور    


في زمن تتقاطع فيه التحالفات وتتشابك فيه المصالح، يطل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا على الشرق الأوسط، في زيارة تحمل في طياتها أكثر من رسالة، وأكثر من اختبار، فالمنطقة التي ظلت لعقود ملعبًا للسياسة الأميركية، لم تعد كما كانت: خارطة النفوذ تتغير، القوى الدولية تتزاحم، والبيت العربي تتنازعه أزمات داخلية وانقسامات استراتيجية، زيارة ترامب، المتوقعة خلال أيام، تأتي في توقيت بالغ الحساسية؛ فالعالم العربي يقف عند مفترق طرق حاسم: صراع فلسطيني لم يغلق، تهديدات إيرانية تتصاعد، حروب مفتوحة في أكثر من ساحة، والتحولات الجارية في واشنطن نفسها.

وفي خضم كل ذلك، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: ما الذي يريده العرب من ترامب؟ أمنٌ إقليمي؟ دعم اقتصادي؟ موقف عادل من فلسطين؟ أم مراجعة لسياسات أميركية زرعت الألغام أكثر مما صنعت السلام؟ لكن السؤال الأهم قد يكون: ما الذي يريده ترامب من العرب؟ هل يسعى لتوظيف دعمهم في صراعاته الداخلية؟ أم يستهدف بناء تحالفات صلبة في مواجهة الصين وروسيا؟ هل يخطط لفرض أجندة سياسية واقتصادية جديدة؟ أم يسعى لإعادة تسويق "صفقاته" القديمة بأسماء جديدة؟ هذا التحقيق يذهب إلى ما وراء التصريحات والبروتوكولات، ليكشف التوازنات الخفية، والمطالب الحقيقية، وما يُقال في الغرف المغلقة، نستعرض خرائط التفاهمات المرتقبة، والرهانات المتبادلة، والمطالبات العربية من الزيارة.

سلم الأولويات

في البداية، قال الدكتور إبراهيم فوزي، مُدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال مايو الجاري تُعد من أبرز الأحداث السياسية في ظل الظروف الإقليمية والدولية التي تتسم بالسيولة والاضطراب الشديدين.

وأضاف أن الإدارة الأمريكية تدخل هذه الزيارة ولديها تصور واضح حول ما تريده، مشددًا في المقابل على أهمية أن تضع الدول العربية أجندة واضحة ومحددة لأولوياتها في العلاقة مع واشنطن.

وأوضح أن القضية الفلسطينية يجب أن تتصدر هذه الأجندة، مشيرًا إلى ضرورة التمسك العربي أولًا بالوقف الفوري للحرب، وثانيًا برفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وثالثًا بالتأكيد على خطة إعادة إعمار القطاع التي سبق أن أقرتها الجامعة العربية.

وتابع أن رابع الأولويات يجب أن تكون المطالبة بعقد مؤتمر دولي لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، داعيًا إلى ممارسة واشنطن نفوذها على إسرائيل من أجل تأسيس دولة فلسطينية مستقلة تكون القدس الشرقية عاصمتها، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.

وأشار إلى أهمية التأكيد خلال زيارة ترامب على أن وقف الأعمال العدائية في البحر الأحمر لن يتحقق باستخدام القوة المسلحة، بل عبر إنهاء مستدام للحرب في قطاع غزة، مضيفًا أن الحل العسكري أثبت محدوديته في تحقيق الاستقرار.

وحول الملف السوري، أكد فوزي أن الأوضاع الهشة في سوريا تحتل موقعًا متقدمًا على سلم الأولويات، لافتًا إلى حاجة الدول العربية لضمانات أمريكية تُكرّس وحدة سوريا، وتدفع نحو رفع العقوبات عن النظام الجديد هناك.

واقترح فوزي تشكيل لجنة رفيعة المستوى مشتركة تضم تركيا وإسرائيل والدول العربية، بوساطة أمريكية، من أجل منع تفاقم الصراعات المذهبية في سوريا، موضحًا أن التنسيق والنقاش المشترك هو السبيل الوحيد لنزع فتيل الحرب في المنطقة.

وشدد على ضرورة التأكيد على عدم جرّ المنطقة إلى صراع غير محسوب يخدم المصالح الإسرائيلية فقط دون مراعاة لمصالح الحلفاء العرب للولايات المتحدة، مؤكدًا أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط يتطلب التزام جميع الدول، بما فيها إسرائيل، بجعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وفي هذا السياق، أشار فوزي إلى أن إدارة ترامب تُدرك جيدًا طبيعة المطالب العربية، وأنها قد أعدت، بالتنسيق مع مستشاريها، خطة للتجاوب مع بعضها ومحاولة إضعاف التمسك العربي بقضايا أخرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
واستطرد قائلاً إن على العرب أن يكونوا مستعدين لكل المفاجآت التي قد تحملها الزيارة، خاصة أن ترامب يتعامل بعقلية رجل الأعمال الذي يدخل المفاوضات بسقف مطالب مرتفع، ويعتمد على عنصري المفاجأة

والصدمة، ويمارس ضغوطًا نفسية لتحقيق مكاسب تفاوضية.

وختم فوزي تصريحه بالتأكيد على أن التجربة تُثبت أن عدم الرضوخ لمطالب ترامب، والتصدي لأساليبه، قد يؤدي إلى تراجعه في النهاية عن مواقفه الصادمة، ويجعله أكثر استعدادًا لتفهم مصالح الأطراف الأخرى.

ملفات شائكة
من جانبها، قالت الدكتورة ندى أسامة ملكاني، الأستاذة بقسم الدراسات السياسية بكلية العلوم السياسية – جامعة دمشق، إن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى السعودية وقطر والإمارات تأتي في سياق سياسي حساس، وتحمل رهانات عربية وأمريكية مرتفعة المستوى، في ظل أزمات خانقة تحيط بالمنطقة.

وأضافت أن ترامب، الذي يتبنى عقلية رجل المال، يسعى لجذب الاستثمارات، بينما تتطلع الدول العربية إلى حشد دعم سياسي أمريكي يخفف من حدة أزماتها، مشيرة إلى أن واشنطن بدورها لا ترغب في فقدان نفوذها في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة.

وأوضحت أن ملف غزة يمثل أولوية قصوى بالنسبة للدول التي تشملها الزيارة، حيث ترى هذه الحكومات أن الفرصة سانحة لإحداث اختراق في جدار الحرب المستمرة، مضيفة أن الشعوب والحكومات العربية لاحظت غياب ضغط أمريكي جاد على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يُصر على استسلام حماس دون الوصول إلى تسوية تنهي المأساة الإنسانية.

وتابعت أن العرب يأملون في أن تمثل زيارة ترامب فرصة لدفع الملف الفلسطيني باتجاه التسويات بدلًا من التصعيد، موضحة أن التحدي ليس بسيطًا، خاصة في ظل تصريحات ترامب بعد لقائه بنتنياهو التي أكد فيها أن "كلا الجانبين على الصفحة نفسها" في ما يتعلق بالصراع، في إشارة إلى التصعيد وليس التهدئة.

وحول الموقف الأمريكي، أشارت ملكاني إلى أن واشنطن لم توافق على بعض المخططات التهجيرية للفلسطينيين، ما يفتح نافذة أمل للدفع باتجاه تسوية، مؤكدة أن الإدارة الأمريكية تسعى للاحتفاظ بمفاتيح الاستقرار في المنطقة، وأن مدخل ذلك يتمثل أولًا في إيجاد حل للصراع في غزة، وثانيًا بالدعوة إلى مؤتمر سلام تضغط فيه واشنطن على إسرائيل لتحقيق تسوية عادلة نسبيًا.

واستطردت قائلة إن اللحظة السياسية الراهنة تمثل فرصة للعرب، في ظل محاولات ترامب لاستقطاب الدول الثرية بالمنطقة لدعم الولايات المتحدة في صراعها مع قوى دولية كبرى، وعلى رأسها الصين، مؤكدة أن جوهر السياسة يكمن في السعي لتحقيق الاستقرار ومنع الحروب، مضيفة أن رغم التحديات التي تعزز سيناريو التشاؤم بشأن مستقبل غزة وتعثر قيام الدولة الفلسطينية – وهو مطلب سعودي أساسي كما يبدو – فإن هناك فرصًا يجب اغتنامها.

وأشارت إلى أن ترامب، في ضوء مؤشرات الركود الاقتصادي في بلاده، يهدف لجذب الاستثمارات، غير أن الخوف من فقدان النفوذ الأمريكي قد يدفعه إلى تحالف بين رأس المال والنية السياسية لدفع عجلة الاستقرار في المنطقة، موضحة أن هذه المعادلة تصب في مصلحة الطرفين، وحول الملف الإيراني، أوضحت ملكاني أن الدول الخليجية تطمح للاستمرار في إشراكها في تفاصيل المفاوضات مع طهران، مؤكدة أن الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة إيران تُعد من أبرز محاور التفاهم بين واشنطن والعواصم الخليجية.

وتابعت أن هناك مخاوف من أن تلجأ إيران إلى زعزعة الاستقرار في سوريا لتشتيت الجهود الأمريكية، مشيرة إلى أن العرب يسعون لدعم واشنطن في هذا السياق.
كما أكدت أن الجانب العربي الرسمي قد يسعى خلال الزيارة إلى دعم مشروع سياسي في سوريا يقوم على الحوار بين الأطراف السورية، بهدف تطويق الفوضى، مشددة على أن المال يحتاج إلى بيئة مستقرة، وأن ترامب كرجل أعمال يدرك أن الصفقات الاقتصادية تحتاج إلى استقرار سياسي.

القضية الفلسطينة

من جانبه، العميد المتقاعد الدكتور سعود الشَرَفات، مدير مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب في عمّان، إن من المتوقع أن تتوجه الدول العربية بعدد من المطالب الحيوية إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته المرتقبة، في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية والتوترات الدولية المتزايدة.
وأضاف الشرفات أن القضية الفلسطينية لا تزال في صدارة الأولويات، مضيفاً أن العرب سيطالبون ترامب بدعم جهود السلام في غزة، والضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار فوراً من أجل إنقاذ المدنيين، بالإضافة إلى دعمه للجهود الدولية لإيجاد حلول دائمة، وفي مقدمتها حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي.

وأوضح أن التعاون الأمني يشكل جانباً مهماً من العلاقات مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى ضرورة تعزيز التعاون بين واشنطن والدول الخليجية في مجال مكافحة الإرهاب، وتوفير الدعم العسكري والاستخباراتي لمواجهة التهديدات الإقليمية، وعلى رأسها التهديدات القادمة من إيران.

وأكد الشرفات أن البعد الاقتصادي يحظى باهتمام خاص من الدول العربية، موضحاً أن تشجيع الاستثمارات الأمريكية، خصوصاً في قطاعات الطاقة والبنية التحتية، وتعزيز التجارة الثنائية مع دول الخليج، هو مطلب أساسي ضمن أجندة العلاقات المستقبلية.

وتابع أن تسوية النزاعات الإقليمية تمثل ضرورة ملحة لاستقرار المنطقة، لافتاً إلى أهمية دعم واشنطن للجهود الرامية إلى حل الأزمات في اليمن وسوريا وليبيا، وتشجيع الحوار بين الدول الإقليمية كطريق وحيد لتحقيق التهدئة والتعاون المشترك.

وحول العلاقات الثنائية، أشار الشرفات إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والدول الخليجية في شتى المجالات، منوهاً إلى أهمية العمل على حماية المصالح المشتركة وتطوير العلاقات على أسس متوازنة.

واستطرد الشرفات قائلاً إن هناك تحديات أخرى لا تقل أهمية، وعلى رأسها التصدي للتطرف والإرهاب، ومواجهة التهديدات النووية، وبشكل خاص مشروع إيران النووي، مشدداً على أهمية دور الولايات المتحدة في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي.

واختتم الشرفات تصريحاته بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب شراكة حقيقية بين واشنطن والعواصم العربية، تقوم على احترام المصالح المتبادلة، ودعم الأمن الجماعي، والتعاون في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية.

إعادة التوازن

قال الدكتور راجي البياتي، الباحث والأكاديمي في العلوم السياسية، إن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى منطقة الخليج تحمل دلالات استراتيجية مهمة، لكونها الثانية له خارج البلاد منذ توليه الرئاسة، مشيراً إلى أنها تعكس اهتماماً متجدداً بتعزيز الشراكات الأمريكية في المنطقة.

وأوضح أن المحطة الأولى في الجولة تعكس عمق العلاقات التاريخية مع واشنطن، والتي شهدت تطوراً كبيراً على مستوى الاستثمارات والتعاون الأمني. وأضاف أن الزيارة تأتي في سياق تحولات سياسية تشهدها المنطقة، ما يمنحها بعداً يتجاوز الجوانب البروتوكولية، خاصة مع تزايد التحديات في ملفات إقليمية حساسة.

كما أشار إلى أن التعاون الأمني والاقتصادي بين الولايات المتحدة ودول الخليج يمتد لعقود، ويُعد ركيزة لاستقرار المنطقة، مؤكداً أن هذه الجولة قد تحمل رسائل بشأن ترتيب أولويات السياسة الأمريكية، وتعزيز الأدوار الإقليمية لبعض الحلفاء.

واختتم البياتي بأن زيارة ترامب المرتقبة ليست مجرد زيارة رمزية، بل تأتي ضمن سياق أوسع لإعادة التوازن في علاقات واشنطن بالمنطقة.

احترام السيادة

وترى الدكتورة نيفين وهدان، أستاذة العلوم السياسية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن أنظار العالم تتجه إلى الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط، المقررة في الفترة من 13 إلى 16 مايو المقبل، في وقت يشهد فيه الإقليم تعقيدات غير مسبوقة.

وأضافت أن تصاعد الأزمات الشرق أوسطية وتشابك المصالح الدولية والإقليمية يجعل من هذه الزيارة فرصة استراتيجية للدول العربية لطرح قضاياها الجوهرية على الإدارة الأمريكية، ضمن أجندة واقعية ورؤية موحدة تراعي المصالح القومية العربية.

وأوضحت وهدان أن المرحلة الراهنة تفرض ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين واشنطن والعواصم العربية، على أسس جديدة تراعي المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، مشيرة إلى أن الزيارة تأتي وسط حالة من الشكوك، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، في ضوء التصريحات والسلوكيات السياسية المثيرة للجدل التي صدرت عن ترامب.

وأكدت أن التعامل العربي مع هذه الزيارة يجب أن يتسم بالحذر والوضوح، خصوصاً في ما يتعلق بتحديد الأولويات القومية العربية، وعدم السماح بانزلاق العلاقات إلى أنماط تقليدية لا تواكب التحديات الجديدة.
وتابعت أن من منظور مصري وعربي عام، فإن احترام السيادة الوطنية للدول العربية يجب أن يكون في مقدمة المطالب، مؤكدة أن المساس بسيادة القرار العربي بات خطاً أحمر، لا سيما مع التغيرات التي أعادت تشكيل أدوار الدول العربية، وأبرزت أهمية الأمن الجماعي كهدف استراتيجي مشترك.

وحول القضية الفلسطينية، قالت وهدان إنها ستبقى الملف الأهم على أجندة التحرك العربي، مشددة على ضرورة فتح مسار سياسي متوازن يستند إلى حل الدولتين، والضغط على إسرائيل لوقف العدوان على غزة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وأشارت إلى أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تضع في مقدمة أولوياتها خلال هذه الزيارة التعامل مع التهديدات الإيرانية، خاصة ما يتعلق بالبرنامج النووي، موضحة أن الخيار الأمثل هو تجنب الانزلاق إلى مواجهات عسكرية، والاعتماد على الدبلوماسية البراغماتية كأداة لتحقيق التوازن.

واستطردت مؤكدة أن الولايات المتحدة مطالبة بأن تعيد النظر في طريقة تعاملها مع قضايا المنطقة، من منطلق الشراكة لا الوصاية، وأن تبني سياساتها على احترام استقلالية القرار العربي ومصالح الشعوب، لا على تحالفات آنية تخدم مصالح آنية فقط.

ومضت قائلة إن الزيارة يمكن أن تُشكل بداية جديدة لعلاقات عربية أمريكية أكثر توازناً، إذا ما استُثمرت بحكمة وتم توحيد الموقف العربي حول رؤية واضحة تأخذ في الاعتبار المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية لدول المنطقة.

إعادة الإعمار

قال هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة، إن هناك جملة من المطالب العربية التي ستُطرح على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال جولته المرتقبة في المنطقة، مشيرًا إلى أن على رأس هذه المطالب يأتي الملف المتعلق بإنهاء الحرب في غزة.

وأضاف أن وقف إطلاق نار شامل وكامل هو مطلب رئيسي، إلى جانب دعم الخطة العربية لإعادة الإعمار والتعافي المبكر، وهي الخطة التي تبنتها مصر خلال اجتماع الجامعة العربية، موضحًا أن من الضروري أيضًا إنهاء السيناريو الأمريكي المتداول بشأن التهجير في قطاع غزة.

وأكد سليمان أن هذا الملف يحظى بأولوية كبيرة، لما له من تأثير مباشر على استقرار المنطقة، متابعًا أن التوصل لحل في غزة قد يفتح الباب أمام تهدئة واسعة تمتد إلى البحر الأحمر، وقد تدفع إيران إلى إبداء بعض المرونة السياسية.

وأشار إلى أن المرونة الإيرانية المحتملة ترتبط بمبادرات الاستقرار والتهدئة، في حال شعرت طهران بأن هناك توجهًا أمريكيًا جادًا نحو حلول سياسية أكثر اتزانًا.
وحول الملف الإيراني، قال سليمان إنه سيكون حاضرًا بقوة على طاولة النقاش، سواء في ما يخص البرنامج النووي الإيراني أو في ما يتعلق بسلوك طهران الإقليمي، موضحًا أن لهذا السلوك تأثيرًا مباشرًا على العلاقات الإسرائيلية الإيرانية وعلى أمن المنطقة.

وتابع أن المملكة العربية السعودية وقطر تلعبان أدوارًا مهمة في هذا السياق، مشيرًا إلى أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تشمل السلوك الإقليمي لطهران، وليس فقط ملفها النووي.

وأوضح أن المسألة الأمنية المرتبطة بالوجود الإيراني، وكذلك ارتداداته على العلاقات الدولية، ستكون من أبرز النقاط المطروحة، لما لها من انعكاسات على أمن المنطقة، والسياسات الإقليمية، وحركة التجارة العالمية.

وأكد أن هناك مطالب عربية ستتناول أيضًا دور الولايات المتحدة في إعادة الاستقرار إلى مناطق عدة، خصوصًا في الداخل السوري، وضبط السلوك الإسرائيلي في لبنان، لما لهاتين الدولتين من تأثير بالغ في المنطقة.

واستطرد سليمان قائلاً إن الممارسات الإسرائيلية الأخيرة تسببت في حالة من عدم الاستقرار، محذرًا من إمكانية نشوء صراع ممتد، مما يفرض على واشنطن مسؤولية دعم مقاربات لتحقيق الاستقرار وقيادة الوضع الانتقالي في سوريا ولبنان خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف أن ملفًا آخر قد يُطرح يتمثل في الدور العربي في الوساطات الدولية، لا سيما ما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية سبق أن استضافت في الرياض بعض المباحثات بين الطرفين.

ورأى أن هذا الدور يمكن أن يتوسع ليشمل وساطات أخرى في ملفات دولية، مؤكدًا أهمية هذا التحرك في تعزيز مكانة العرب على الساحة العالمية.

الأمن والاستقرار

وفى السياق ذاتة، محمد كاظم، الكاتب الصحفي والإعلامي العراقي، كاظم أنه يمكن تلخيص مطالب العرب من ترامب في الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة، وإحياء مشروع الدولة الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، مؤكداً ضرورة وقف الدعم الأمريكي غير المشروط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصاً في المجالات العسكرية والدبلوماسية.

وأضاف أن دعم الخطة العربية بقيادة مصر لإعادة إعمار غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، ورفض سياسات الاستيطان أو ضم الأراضي الفلسطينية أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني، هي من أولويات الموقف العربي، مع دعم خاص لموقفي الأردن ومصر في هذا السياق.

ومضى كاظم قائلاً إن هناك ضرورة لمطالبة ترامب بعدم الانحياز الكامل لإسرائيل على حساب الحقوق العربية، خاصة فيما يتعلق بما يجري في غزة وجنوب لبنان والاعتداءات المتكررة على السيادة السورية.
وحول ملف الطاقة، أشار كاظم إلى أن الدول العربية المنتجة للنفط والغاز تحرص على دعم سياسة تضمن أسعاراً مقبولة تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين، موضحاً أهمية التعامل مع الدول العربية كشركاء استراتيجيين وليس فقط كمصادر للطاقة.

وأكد كاظم على ضرورة تعزيز الاستثمارات الأمريكية في المنطقة العربية، خاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية، وفتح الأسواق الأمريكية أمام الصادرات العربية، وتقليل الرسوم الجمركية، فضلاً عن دعم برامج التنمية والتحديث ونقل التكنولوجيا، خصوصاً في مجالات الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي.

وأضاف أن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة يتطلب إبعادها عن سياسات المحاور الدولية، مع أهمية مكافحة الإرهاب، ودعم الدول التي تواجه تهديدات من تنظيمي داعش والقاعدة، وضمان أمن الخليج العربي وسلامة الملاحة في البحر الأحمر.

واستطرد كاظم مشدداً على أهمية البعد الإنساني، من خلال زيادة المساعدات للاجئين والنازحين، خصوصاً من سوريا واليمن وفلسطين، وتسهيل منح تأشيرات للطلبة والعمالة العربية إلى الولايات المتحدة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة