العلاج بلدغ النحل أو ما يعرف بـ«سم النحل»، أسلوب توارثته الأجيال عبر عديد من الأزمان، يعود حاليًا إلى واجهة الطب البديل، إلا أن الجدل الدائر حوله بين مؤيدٍ يشيد بفوائده السحرية، ومعارضٍ يحذر من مخاطره، فرض البحث عن إجابة لسؤال «أين تكمن الحقيقة؟».
موضوعات مقترحة
«بوابة الأهرام» في سبيلها للبحث عن إجابة، التقت خبراء ومتخصصين لكشف الغموض حول هذا العلاج المثير للجدل؛ هل تُشكل لسعات النحل مفتاحًا لعلاج الأمراض المستعصية؟، أم أنها مجرد مسكّن مؤقت للألم؟
خلية نحل العسلسم النحل.. بين العلم والخرافة
«الخلية عالم منظم.. ملكة تضع البيض، وشغالات تبني الخلايا السداسية بإتقان»، يصف المهندس أحمد أبو سريع خبير تربية النحل، متخصص في العلاج بسم النحل، يصف نظام العمل في عالم النحل، ويؤكد: «سم النحل ليس مجرد سائل مؤلم.. بل صيدلية طبيعية متكاملة».
ويوضح المهندس الزراعي، أن سم النحل يحتوي على أكثر من 150 مادة فعالة، مثل الكورتيزون الطبيعي والإنترفيرون، مما يعزز من المناعة الذاتية -بحسب أبو سريع- الذي حذر من اللجوء إلى العلاج به دون فحص حساسية مسبق.
خلية نحل العسللا تنتهي قصة اللدغ عند هذا الحد، فبينما تُستخدم لدغات النحل لعلاج الذئبة الحمراء والروماتيزم – وفقا للمهندس أبو سريع- يُشير الدكتور فتحي الصحن، أستاذ الطب بجامعة الإسكندرية، إلى أن «لدغ النحل مُسكّن مؤقت.. لا يعالج جذور المرض».
الدكتور فتحي الصحن الأستاذ بكلية الطب جامعة الإسكندرية«حتى العسل، رغم فوائده، قد يُسبب ضررًا إذا استُخدم بجهل، مثل تقطيره لعلاج التهابات العين» يضيف الدكتور الصحن.
يعيد «أبو سريع» التأكيد أن العلاج بلدغات النحل أصبح أكثر انتشارًا، وبات الأطباء يوصون به، بعدما كان يواجه العديد من التحديات في الماضي.
وكشف أن من أبرز الأمراض التي يعالجها لدغ النحل، الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي، مشاكل الأعصاب والروماتيزم، الميكروب السبحي وأمراض الجهاز التنفسي، وبعض الحالات الجلدية المزمنة.
ويقول: إن العلاج لا يتم في جلسة واحدة، بل يتطلب عددًا من الجلسات تختلف حسب حالة كل مريض ومدى استجابته.
خلايا النحلفوائد لدغ النحل
الدكتور الصحن يقول: إن لسعة النحل تُحفّز الجسم لإفراز مواد طبيعية تقلل الألم، لكنها لا تعالج المشكلة من جذورها، مشيرا إلى أن بعض منتجات النحل، مثل غذاء الملكات، تُستخدم في تصنيع الأدوية والمكملات الغذائية، خاصة لعلاج الأمراض المناعية وتعزيز التئام الجروح.
خلايا النحلزي واق ودخان مهدئ.. رحلة استخلاص السم من النحل
«تصوَّر نفسك ترتدي بدلة واقية لتواجه سربًا من النحل الغاضب»، هكذا يصف المهندس أبو سريع عملية استخلاص السم.
ويتابع: التعامل مع خلايا النحل يحتاج إلى خبرة وحذر، موضحًا أن النحالين يستخدمون زيًا خاصًا عبارة عن بدلة مجهزة بقناع واقٍ، لحمايتهم من اللدغات، كما يستخدمون «المُدخّن»، وهو أداة تُطلق دخانًا يعمل على تهدئة النحل قبل فتح الخلية، مما يُسهل عملية جمع السم والعسل.
ويشير إلى وجود طرق حديثة لاستخلاص سم النحل، لتحويله إما إلى مسحوق يُستخدم في الحقن، أو دهانات علاجية.
الدكتور محمد أنسي الشافعي نقيب صيادلة الإسكندريةوجه آخر.. لسع النحل «خطر مميت»
رغم الإثارة في العلاج بلدغات النحل، يحذّر الدكتور محمد أنسي الشافعي، نقيب الصيادلة بالإسكندرية، من الانجراف وراء الإعلانات المضللة عن العلاج بسم النحل، قائلا: «هناك من يدعي باحتواء بعض المنتجات على سم النحل.. وهي مجرد خدعة».
«العلاج بلدغات النحل ومنتجاته له أسس علمية، ولا يمكن أن يُمارس بشكل عشوائي أو من قبل غير المتخصصين» يضيف الدكتور أنسي.
ويشدد نقيب الصيادلة بالإسكندرية على أن العلاج بالطب البديل -بما في ذلك منتجات النحل- يجب أن يتم تحت إشراف طبي متخصص، مشيرًا إلى أن هناك مدارس عالمية في هذا المجال، خاصة في آسيا وأوروبا الشرقية.
ويُضيف: «العلاج العشوائي قد يُودي بحياة المريض!».
ويحذر الدكتور أنسي من أن سوء استخدام سم النحل قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، تصل في بعض الحالات إلى دخول المريض إلى العناية المركزة، أو حتى فقدان حياته بسبب تفاعل تحسسي شديد.
الخلاصة.. لا تثق بالنحل قبل الطبيب
بين الأمل والخطر، يتفق الخبراء على أن سم النحل ليس «لعبة»، بالطبع له فوائد حقيقية لِمَن التزم بشروط السلامة، لكن إهمال استشارة الطبيب قد يحوّل اللسعة إلى رصاصة قاتلة .