عقوبات رادعة لجرائم هتك العرض يوضحها خبير قانوني

5-5-2025 | 20:55
عقوبات رادعة لجرائم هتك العرض يوضحها خبير قانونيعقوبة - أرشيفية
محمود رضا

تُعد جريمة هتك العرض من أبشع الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسان، وتتضاعف جسامتها إذا وقعت على طفل فالطفل، بحكم سنه وضعفه، لا يملك حماية نفسه ولا إدراك ما يتعرض له من اعتداء، مما يُوجب على التشريعات أن تحيطه بأقصى درجات الحماية القانونية، وفي القانون المصري يُعامل هتك العرض كجناية خطيرة خاصة إذا وقعت على قاصر.

موضوعات مقترحة

وتُعرف جريمة هتك العرض بأنها الفعل الذي ينطوي على المساس بجسد المجني عليه – ذكراً كان أو أنثى – بطريقة تخدش الحياء وتخل بالحرمة الجسدية، دون الوصول إلى حد الاتصال الجنسي الكامل. وتتحقق الجريمة سواء كان الفعل قد تم بالإكراه أو بغيره، وخاصة إذا تعلق الأمر بطفل لم يبلغ 18 عامًا.

الإطار القانوني في القانون المصري

المادة 268 من قانون العقوبات المصري "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد يُعاقب بالسجن المشدد من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات، وإذا كان عمر المجني عليه لم يبلغ 18 سنة، أو كان مرتكب الجريمة من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه، أو كان خادماً بالأجر عنده أو عند من تقدم ذكرهم، تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات".

المادة 269 مكرر: "كل من هتك عرض طفل أو طفلة لم يبلغ/تبلغ 18 سنة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات، وإذا كان الفاعل من الأشخاص المذكورين في الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات".

الأركان القانونية لجريمة هتك العرض

1. الركن المادي: يتمثل في ارتكاب فعل مادي مخل بالحياء، كالتحسس أو التجرد أو الأفعال الجنسية الجزئية دون الإيلاج.

2. الركن المعنوي: يتمثل في توافر القصد الجنائي، أي أن الجاني كان يعلم بطبيعة الفعل المخدش للحياء وأنه وقع على طفل، ويكفي توافر القصد العام دون الحاجة إلى نية الإضرار.

3. صفة المجني عليه: إذا كان المجني عليه طفلًا (أقل من 18 عامًا) فإن القانون يشدد العقوبة تلقائيًا، ولو لم يستخدم الجاني الإكراه أو التهديد.

ويُعد الأصل في جريمة هتك العرض أنها جنحة تُعاقب بالحبس إذا وقعت دون إكراه وعلى شخص بالغ، إلا أن القيد والوصف القانوني للجريمة قد يتغير ليصبح جناية في حال توافر ظروف مشددة نص عليها القانون صراحة، كتوافر الإكراه أو التهديد، أو وقوع الفعل على طفل لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، أو إذا كان الجاني ممن لهم سلطة أو ولاية على المجني عليه، أو ارتكب الفعل بطريق الحيلة أو الخداع أو داخل مكان خاص. ويترتب على هذا التعديل اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى وتشديد العقوبة لتصل إلى السجن المشدد، باعتبار أن الجريمة في هذه الحالة تمس القيم المجتمعية والإنسانية في أخص مظاهرها، ، بحسب الخبير القانوني محمد زكي أبو ليلة.

 

الأساس القانوني للتعديل الجريمة من جنحة لجناية  يكون وفقًا لنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، للمحكمة أن تُعدل وصف التهمة بما يتفق مع الوقائع الثابتة في التحقيقات أو المرافعة، ومن ثم تحويل الجنحة إلى جناية إذا توافرت ظروف مشددة.

الظروف المشددة التي تستوجب تحويل هتك العرض إلى جناية

1. صِغَر سن المجني عليه (أقل من 18 سنة) وفقا لنص المادة 269 مكررإذا وقع هتك العرض على طفل لم يبلغ 18 سنة، فإن العقوبة تكون السجن لا الحبس، ما يُغير التوصيف من جنحة إلى جناية، حيث أن الطفل لا يُشترط إثبات الإكراه عليه، لأنه في حكم "غير القادر على المقاومة"، وفقًا لما استقرت عليه محكمة النقض.

2. ارتكاب الجريمة بالإكراه أو التهديد أو الحيلة ، حيث يُعد الإكراه ظرفًا مشددًا صريحًا في المادة 268 عقوبات، ويشمل الإكراه الجسدي أو النفسي، وكذلك الخداع والاستغلال، كاستدراج الطفل أو استغلال ضعف إدراكه.

3. كون الجاني ممن لهم سلطة أو ولاية أو رعاية على الطفل كأن يكون من أصول المجني عليه (أب – جد) أو من المتولين تربيته أو رعايته (معلم – خادم – مدرب – جار مقرب) أو ممن لهم سلطة عليه بحكم العمل أو النسب فإن الجريمة في هذه الحالة تكون جناية مشددة بنص صريح في القانون.

4. تعدد المتهمين أو التكرار أو سبق الإصرار، إذا اشترك أكثر من شخص في ارتكاب الفعل (ولو واحد منهم فقط هتك العرض فعليًا)، فإن الجريمة تُشدد، أو إذا كان هناك تكرار للفعل مع نفس الطفل أو أطفال آخرين، أو إذا وُجدت نية مبيتة في تنفيذ الجريمة، كاستدراج متعمد أو إعداد مسبق.

5. وقوع الفعل في مكان خاص أو باستخدام أدوات مثل وقوع الجريمة داخل منزل مغلق، أو استخدام أدوات تُخيف الطفل أو تُقيده، يُعتبر من العوامل المشددة.

يكون الأثر القانوني لتوفر الظروف المشددة تحول القيد والوصف من جنحة هتك عرض دون إكراه على بالغ (عقوبتها الحبس) إلى جناية هتك عرض على طفل أو مع إكراه (عقوبتها السجن المشدد من 7 سنوات وقد تصل إلى 15 أو المؤبد)، كما أن الاختصاص يكون لمحكمة الجنايات بدلا من محكمة الجنح.

ويجوز للمحكمة أن تلعب دورًا بالغ الأهمية ليس فقط في تحقيق العدالة، بل أيضًا في إعادة تكييف الوصف القانوني للجريمة إذا رأت أن الوصف المقدم من النيابة العامة لا يعكس الحقيقة القانونية بشكل دقيق.

حيث أنه وفقا للمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية "للمحكمة أن تعدل التهمة المسندة للمتهم طبقًا لما تراه من وصف للواقعة الثابتة في الأوراق، ولها كذلك أن تُغيّر في التهمة بإضافة ظروف مشددة أو مرتبطة بها إذا كانت ناتجة من التحقيق أو المرافعة".

يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية من تلقاء نفسها دون شكوى كما يحق المجني عليه أو وليه القانوني المطالبة بالتعويض المدني أمام المحكمة المختصة.

تمثل جريمة هتك عرض الأطفال اعتداءً مزدوجًا على الكرامة الجسدية والنفسية، وتمس بأبسط حقوق الإنسان في الحماية والرعاية. 

وقد أدرك المشرع المصري جسامة هذه الجريمة، فأحاطها بتشريعات صارمة وظروف مشددة تعكس خطورتها، وترك للمحكمة سلطة تقديرية في تعديل القيد والوصف إذا اقتضت الوقائع ذلك، بما يضمن تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.

ولا تقتصر المواجهة على النصوص العقابية، بل تمتد لتشمل التوعية المجتمعية، ورفع كفاءة أجهزة حماية الطفل، وتعزيز ثقافة الإبلاغ الآمن ، فحماية الأطفال ليست مجرد واجب قانوني، بل مسؤولية أخلاقية ومجتمعية تمس حاضرنا وتمتد إلى مستقبل أمتنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة