في إطار استراتيجية الدولة المصرية للحفاظ على التراث وتعزيز الوعي الثقافي والديني، تبذل وزارة السياحة والآثار جهودًا متواصلة لتطوير وصيانة المساجد التاريخية وبناء مساجد جديدة وفقًا للطراز المعماري الإسلامي الأصيل، حيث تأتي هذه الجهود في إطار شراكات وتنسيق مستمر بين الوزارة ووزارة الأوقاف، والمجالس المحلية، والجهات المعنية بالتراث، لضمان الحفاظ على القيمة التاريخية والدينية للمساجد، وتهيئتها لاستقبال الزائرين والسياح في آن واحد، بما يحقق التكامل بين البعدين السياحي والديني.
موضوعات مقترحة
فقد شهدت الفترة الأخيرة الانتهاء من أعمال ترميم عدد من المساجد الأثرية في القاهرة التاريخية إلى جانب إطلاق مشروعات ترميم في محافظات أخرى مثل الإسكندرية وأسوان وسوهاج، حيث تم تنفيذ هذه المشروعات بأعلى معايير الدقة باستخدام تقنيات حديثة تحافظ على الهوية المعمارية للمباني.
وفي سياق موازٍ، تعمل الوزارة على تنشيط الفعاليات الثقافية المرتبطة بهذه المساجد والمناطق التراثية، من خلال تنظيم ندوات، وعروض فنية، وأمسيات إنشاد ديني، وفعاليات ثقافية، التي تلقى إقبالاً واسعًا من المواطنين والسياح على حد سواء، وتُسهم هذه الفعاليات في تعزيز الثقافة المجتمعية، وربط الأجيال الجديدة بتراثهم الوطني والديني.
وتعمل وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع القطاع الخاص لإطلاق مبادرات تندرج ضمن رؤية "مصر 2030" للتنمية المستدامة، والتي تضع الحفاظ على التراث وتوظيفه في خدمة الاقتصاد الوطني ضمن أولوياتها، بما يعزز من مكانة مصر كوجهة سياحية وثقافية رائدة في المنطقة.
مسجد "المعز" بمدينة مستقبل.. منارة دينية وثقافية متكاملة
ضمن المشاريع الجديدة، يبرز مسجد "المعز" بمدينة مستقبل كمثال حي على الدمج بين العمارة الإسلامية الحديثة والوظيفة المجتمعية المتكاملة، وجاء تصميم المسجد بطراز معماري إسلامي يبرز من خلال القباب المتعددة والمآذن المرتفعة والزخارف الدقيقة التي تزين المنبر والجدران.
يتكوّن المسجد من طابقين ويضم ساحتين للصلاة: داخلية تتسع لـ1026 مصليًا، وخارجية تتسع لـ1384 مصليًا، بالإضافة إلى مصلى مخصص للسيدات يسع 384 مصلية. ويضم المسجد مرافق حديثة تشمل أماكن للوضوء، مداخل متعددة، مساحات خضراء، أماكن انتظار، مكتبة إسلامية، غرف للأنشطة الاجتماعية، وسكنًا للإمام والمؤذن، مما يجعله مركزًا دينيًا وثقافيًا متكاملًا، حيث يقول المهندس أيمن القوصي، الخبير العقاري، مسجد المعز ليس مجرد دار للعبادة، بل هو نموذج لمركز إسلامي متكامل، يخدم الجوانب الدينية والثقافية والاجتماعية ضمن رؤية تطوير المدن الجديدة
الفعاليات الثقافية وربط التراث بالحداثة
توازيًا مع أعمال التطوير، تركز وزارة السياحة والآثار على تنشيط الحياة الثقافية في محيط المساجد والمناطق التراثية، عبر تنظيم فعاليات فنية ودينية وثقافية، مثل الندوات الفكرية، أمسيات الإنشاد الديني، العروض الفنية، وورش العمل، حيث تهدف هذه الفعاليات إلى تعزيز الوعي الثقافي لدى المواطنين، وربط الأجيال الجديدة بتراثهم، كما تسهم في تنشيط السياحة الثقافية والدينية، من خلال تقديم تجربة متكاملة للزائر تجمع بين المتعة البصرية والفكرية.
"أسبوع القاهرة للصورة 2025".. مصر على خريطة الثقافة العالمية
في إطار دعم الفعاليات الكبرى، تستضيف القاهرة فعاليات "أسبوع القاهرة للصورة" لعام 2025 خلال الفترة من 8 إلى 18 مايو، تحت شعار "البحث عن الرؤية"، بمشاركة واسعة من الفنانين والخبراء من مصر والعالم. ويُقام الحدث في 18 موقعًا بوسط القاهرة، ويشمل معرضًا فنيًا خاصًا من 5 إلى 16 مايو في موقع خارج النطاق التقليدي للمهرجان، في خطوة غير مسبوقة.
يُعد هذا المهرجان منصة للتبادل الثقافي والإبداعي، حيث يضم أكثر من 100 فعالية تعليمية تشمل ورش عمل، جلسات حوارية، تحليلات فنية، ولقاءات مهنية. وقد صرّح المهندس عمرو سلطان، أحد الداعمين للفعالية نحن نؤمن بأن الإبداع هو ركيزة أساسية لبناء مجتمعات مستدامة ومزدهرة، ومشاركتنا في أسبوع القاهرة للصورة تجسيد لالتزامنا بدعم الثقافة والابتكار، ووضع مصر على خريطة الفن العالمي.
رؤية مصر 2030.. الثقافة والتراث في خدمة التنمية
تنسجم كل هذه الجهود مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، والتي تضع الحفاظ على التراث، وتنشيط دور الثقافة، وتوظيفهما في خدمة الاقتصاد الوطني، ضمن أولوياتها. وتسعى الدولة من خلال هذه المبادرات إلى تعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية وثقافية رائدة على المستويين الإقليمي والدولي.
تحالف حكومي وخاص لدعم الثقافة والتراث ضمن رؤية مصر 2030