واجهت الكثير من التحديات، لكنها استطاعت أن تصنع منها قوة تدفعها للنجاح وإثبات الذات، فلم تقف ظروفها حائلا أمام تحقيق أحلامها، مريم النجدى فتاه كفيفة عمرها 29 عاما، تخرجت فى كلية الألسن قسم "أسبانى"، ثم اتجهت إلى الدعم النفسى حيث تعمل حاليا "أخصائى نفسى بمستشفى بهية"، مريم تمتلك حنجرة ذهبية وشاركت بالغناء فى العديد من الاحتفالات أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أثنى كثيرا على صوتها، كما تتقن العزف على آلة "الكمان"، ولم تكتف بذلك بل حبها للعمل التطوعى يجعلها تشارك فى الكثير من الأعمال الخيرية، فى السطور التالية تفاصيل أكثر عن مريم النجدى وقصتها الملهمة التى تثبت أن الإرادة تصنع المعجزات.
صناعة محتوى
عن بدايتها مع تقديم المحتوي علي مواقع التواصل الاجتماعي تقول مريم: منذ صغري وأنا أشعر أن لدي رسالة مختلفة، فكانت أقصى أحلامى مساعدة الآخرين وبدأت رحلتي التطوعية منذ أن كنت طالبة بالمرحلة الإعدادية، حيث شاركت في تعليم لغة برايل والعمل مع الجمعيات الخيرية وبعد التحاقي بالجامعة واجهت تحديات كثيرة في التعامل مع المجتمع خصوصا لأنى قضيت فترة التعليم قبل الجامعى بمدرسة داخلية، لكنى صدمت عندما خرجت إلى المجتمع المفتوح الذى يضم كل أنواع الناس باختلاف أفكارهم وثقافاتهم، مما دفعني لإنشاء محتوى توعوي عبر الإنترنت حول كيفية التعامل الصحيح مع المكفوفين حيث أدركت أن هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الناس حول كيفية التعامل مع ذوي الهمم، لكنهم قد يخجلون من طرحها، لذا قررت أن أكون صوتا لنشر الحب والوعي بشكل إيجابى.
عازفة الكمان مريم النجدى
مستشفى بهية
فيما يخص عملها كأخصائي نفسي بمستشفي بهية، توضح مريم أن علاقتها ببهية بدأت عندما شاركت كمتطوعة في حفل خيري بدار الأوبرا المصرية لدعم محاربات السرطان، ووقتها تأثرت جدا بقصة إحدي المحاربات، ومنذ ذلك اليوم شعرت أن لها دورا يجب أن تؤديه، وبالفعل التحقت بالعمل في الدعم النفسي بالمستشفي وأصبحت بهية جزءا مهما من حياتها.
وتكمل مريم: لا أقدم جلسات فردية للعلاج النفسي لكني أقدم الدعم من خلال الفن والموسيقي في جلسات جماعية أتحدث خلالها مع المحاربات، ونغني معا، حتى لو لم تكن أصواتهن جميلة، فالمهم هو التعبير عن المشاعر بكل الطرق، وتضيف: عملي في بهية جعلني أرى الحياة من منظور جديد، وأشعر بنعم الله تعالي عليّ، فعلي الرغم من فقداني البصر إلا أنني علي يقين بأن الله تعالي عوضني بالكثير من النعم والصفات الجميلة التي من أهمها الرضا وتقبل النفس وزرع بداخلي الامل وأعطاني القوة علي الاستمرار خاصة بعد وفاة والدى وأختي الكبرى، مما جعلني أكثر تقبلا وتسليما لما يكتبه الله لنا.
عازفة الكمان مريم النجدى
دور العائلة
وعن دور عائلتها في تكوين شخصيتها المميزه، تؤكد مريم: نشأت في بيئة داعمة جدا، فلم يعاملني أهلي أبدا على أنني مختلفة، بل جعلوني أشعر بأنني مميزة ولدي رسالة في الحياة. وكذلك أساتذتي في مدرسة النور والأمل كان لهم دور كبير في بناء ثقتي بنفسي، ورؤية العالم بمنظور مختلف، كل ذلك أثرى شخصيتى وجعلنى أتحمل المسئولية منذ الصغر وأسعى دائما للنجاح وإثبات الذات فلا يمكن أن أسمح لأى ظروف أن تمنعنى من العيش كما أريد وأتمنى.
عازفة الكمان مريم النجدى
مواقف مؤثرة
أما عن أكثر المواقف التي أثرت في حياتها فتقول مريم: كل شخص قابلته على مدار سنوات حياتى أثر فيّ بشكل أو بآخر، لكن لن أنسي ابدا حديثي مع طبيب عيون أخبرني أنه عندما يضطر لإبلاغ أي أسرة بأن طفلهم سيكون كفيفا، فإنه يفتح لهم صفحتي على إنستجرام ليطمئنهم أنه بإمكان ابنهم أن يكون شخصا ناجحا يوما ما، فهذا الموقف بقدر بساطته لكنه منحني دافعا أكبر للاستمرار فيما أقدمه .
عازفة الكمان مريم النجدى
العزف
وعن اختيارها العزف علي آلة الكمان توضح مريم أنها الآلة الاقرب لقلبها فهي تعبر عن المشاعر بطريقة استثنائية. وتضيف: عزفت لفترة طويلة مع فريق النور والأمل، ثم توقفت عن المشاركة معهم، لكنني مازلت أستخدم الموسيقى لإسعاد محاربات بهية وكل الناس من حولي.
عازفة الكمان مريم النجدى
دعم الدولة
وعن مدي اهتمام الدولة بذوي الهمم تري مريم أنه علي الرغم من أن الامر تحسن كثيرا في السنوات الاخيرة وأصبحت الدولة تبذل جهدا ملحوظا لدعم ذوي الهمم خاصة في مجالات مثل الفن والرياضة، إلا أنهم مازالوا في حاجة شديدة لتمكين النماذج المتميزة في المجالات العلمية، من خلال توفير الفرص والموارد التي تساعدهم على تحقيق نجاح أوسع.
وتكمل: أعتقد أن المجتمع بحاجة إلى وعي أكبر حول قدرات ذوي الهمم، وعندما يُعامل الجميع بإنسانية واحترام، لن تكون هناك أي مشكلات. فنحن قادرون على الإنتاج والمساهمة في المجتمع، ويجب أن يُتاح لنا المجال لإثبات ذلك.
عازفة الكمان مريم النجدى
الصوت
وعن أهمية أصوات الأشخاص تؤكد مريم أن الصوت هو وسيلتها للتعرف علي الأشخاص والتمييز بينهم فهو يحمل الكثير من المشاعر ويعكس ما بداخل الإنسان من طباع وصفات، ومن خلال الصوت تتمكن من الحكم علي الأشخاص فهناك من ترتاح بمجرد الاستماع إلي أصواتهم، وآخرون مهما حاولوا لا تشعر بالارتياح تجاههم.
عازفة الكمان مريم النجدى
تامر حسني
وعن علاقتها بتامر حسني توضح مريم أنها قابلته للمرة الاولى عندما كانت طفلة صغيرة، وبعد سنوات انتشر لها مقطع فيديو وهي تغني إحدي أغانيه الشهيرة، وفوجئت به يتصل بها ويطلب مقابلتها وبالفعل كانت في قمة سعادتها وشاركته أداء أغنية "خليك فولاذي"، وحققت الأغنية انتشارا واسعا علي مواقع التواصل الاجتماعي، وتري مريم أن تامر حسني شخصية ملهمة وداعمة للآخرين، وهو نموذج حقيقي للإنسان المتواضع جابر الخواطر.
لغة الإشارة
وعن سبب تعلمها لغة الإشارة، تؤكد مريم أنه من حق الاخرين أن نفهم لغتهم مثلما نطالبهم بفهم لغتنا، لذلك تعلمت لغة الإشارة للتواصل مع الصم وضعاف السمع، فيجب أن نعيش في مجتمع يفهم فيه الجميع بعضهم البعض دون حواجز .
الرئيس السيسي
وعن تكريمها من الرئيس عبد الفتاح السيسي توضح مريم أنها شاركت بالغناء في عدة احتفالات بحضور الرئيس السيسي وكانت المرة الاولي خلال مؤتمر الشباب عام ٢٠١٩، حيث قام الرئيس بتكريمها دون علمها فكانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لها، وتضيف: شعرت أن هذا التكريم هو تقدير لعائلتي، خاصة أن والدي كان قد توفي قبل المؤتمر بفترة قصيرة، كما شاركت بعد ذلك في احتفالات "قادرون باختلاف"، وكان الرئيس دائما ما يشجعني ويقول لي "صوتك حلو".
أحلام
وعن أحلامها وطموحاتها تقول مريم: أحلم بمجتمع أكثر وعيا واحتراما للجميع دون تمييز. وأن أصبح شخصية مؤثرة ومصدرا للطاقة الايجابيه للآخرين .
وأتمني أن أكون مصدرا لإلهام الآخرين وشعورهم بالسعادة وأن أترك بصمة إيجابية في العالم.