"علم ابنك الكتابة وعلمه أيضا حرث الأرض وصيد الأسماك والطيور، فإن الصنعة ستنفعه في "سنة القحط" السنة التي يقل فيها منسوب النيل".. هكذا دونت تعاليم الحكيم المصرى "عنخ شاشانقی" على وجه الحجر قبل آلاف السنين.
موضوعات مقترحة
الكتاتيب في الصحراء الغربية
تُعد الكتاتيب جزءًا لا يتجزأ من التاريخ التعليمي في مصر، حيث بدأت جذورها منذ العصور القديمة عندما كانت تُعرف بمدارس المعابد، واستمرت خلال العصور المسيحية والإسلامية لتصبح مركزًا يُعنى بتعليم القرآن الكريم واللغة العربية وقواعدها، وفي الصحراء الغربية مطلع القرن العشرين، كان لتك الكتاتيب دورها التنويري والتعليمي المهم، حيث اطلعت بعدة وظائف، نذكر منها:
محو الأمية: لعبت الكتاتيب دورًا محوريًا في تقليل معدلات الأمية، خاصة في المناطق الريفية بمصر، حيث كانت تُعتبر الوسيلة الأساسية لتعليم القراءة والكتابة للأطفال الذين لم تتح لهم فرصة استكمال التعليم الرسمي.
الحفاظ على الهوية الثقافية: في ظل الاحتلال الفرنسي والبريطاني الذي كان يتعمد محو هوية الشعوب كما فعل أسلافهم الرومان عبر فرض لغات جديدة وحرق المكتبات وعزل مصادر التنوير، برز دور الكتاتيب كأداة دفاعية رغم بساطتها، وقد ساهمت في الحفاظ على اللغة العربية والهوية المصرية؛ مما جعلها رمزًا للارتباط الوطني والثقافي.
الكتاتيب في الصحراء الغربية
التنظيم وأسلوب التعليم
كانت الكتاتيب تُقام غالبًا في مبانٍ متصلة بالمساجد أو مستقلة عنها، واتسمت ببساطة تنظيمها، كان المعلم يجلس على مصطبة مرتفعة بينما يجلس الطلاب على الأرض في حلقات تعليمية، ويبدأ اليوم الدراسي عند شروق الشمس وينتهي بعد صلاة العصر، مع التركيز على منهج التلقين.
الكتاتيب في الصحراء الغربية
الحركة السنوسية ودورها فى نشر الكتاتيب
كان للسنوسيين دور كبير في نشر الكتاتيب فى صحراء مصر الغربية، وذلك فى زواياهم التى كانت دائمًا ما يجمع روادها الكتاب والسنة، وما يجتمعون عليه هو القرآن الكريم فيتلونه كل يوم ويختمونه كل شهر، وبذلك عرفوا بأن مائدتهم هي القرآن الكريم، منذ تأسيس الطريقة السنوسية على يد الإمام سيدي محمد بن علي السنوسي.
الكتاتيب في الصحراء الغربية
الكُتاب مدرسة الملوك
حدث في سنة 1900م أن خَتَم "الملك" إدريس السنوسي" حفظ القرآن وكان عمره إذ ذاك 10 سنوات، فأهداه ابن عمه المجاهد"أحمد الشريف السنوسي" كتابًا بالمناسبة، فلما أراه الملك إدريس لوالده المهدي "السنوسي" خط له والده اسمه عليه: (إدريس)، فَدَوَّن الملك إدريس ملاحظة بالمناسبة تقول:"هذا اسمي( إدريس) كتبه والدي السيد محمد المهدي السنوسي، عندما أهداني هذا الكتاب السيد أحمد الشريف السنوسي بمناسبة ختمي للقرآن سنة 1318 هجرية، ونحن ببلدة "قُرُو" في برقاوات من بلاد التبو بالسودان."
وللعلم فإن الملك إدريس كان آخر ملوك الأرض عناية بأسانيد الكتب، وقد أجيز وأجاز في كتب الحديث الستة وموطا مالك وغيرها..
الكتاتيب في الصحراء الغربية
أما أشهر محفظى القرآن ومدرسي الكتاتيب بصحراء مطروح "عائلة الفقيه" نسبة للفقيه فرج واعر "من أبنائه "مجيد" وهو من المجاهدين مع عمر المختار وإبنه هو المرحوم "رويفه" آخر شيوخ التحفيظ في الكتاتيب بنظامها القديم، وتتلمذ على يديه الكثير من أبناء قرية القصر ومن أبنائه أيضا محمد وعبد المالك والفقيه "حسين" الذي أنتقل للضبعة وعاش بها محفظا للقرآن الكريم بمسجدها القديم بفضل السنوسيين انتهت الأمية من شمال إفريقيا.
بدوره يقول الرحالة الألماني جورج فيلهام شيمبر عند زيارته للجزائر سنة 1831م: "لقد بحثت قصدا بين السكان في مدن الجزائر لم أجد واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة غير أني لم أعثر عليه في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب".
الكتاتيب في الصحراء الغربية
المصادر
ـ كتاب الجزائر في مؤلفات الرحالين الألمان 1830- 1855 - أبو العيد دودو.
ـ كتاب رحلة الألماني جورج فيلهام شيمبر إلى الجزائر 1831-183م.
الأثري عبد الله إبراهيم موسى
مدير منطقة مرسى مطروح للآثار الإسلامية والقبطية
الكتاتيب في الصحراء الغربية
الكتاتيب في الصحراء الغربية
الكتاتيب في الصحراء الغربية
وثيقة تعود لعصر الملك إدريس الأول
الأثري عبد الله إبراهيم موسي مدير منطقة آثار مطروح للآثار الإسلامية والقبطية