تشابي ألونسو يبدأ مغامرته مع ريال مدريد.. هل يعيد "الملكي" إلى طريق البطولات؟ | اليابان تؤكد موقفها الرافض لجميع الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب | بوتين لترامب: أوكرانيا لم تحترم وقف إطلاق النار خلال الاحتفال بعيد النصر | الصين تؤكد دعمها لحل الخلافات بين باكستان والهند عبر الحوار | محافظ أسوان: توريد 345 ألفا و678 طن بنسبة 70.7% من كميات القمح ضمن موسم الحصاد | الرئيس السيسي يعرب عن ترحيب مصر باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان ويؤكد أهمية الحفاظ عليه واستدامته | الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الباكستاني يشددان على أهمية العمل المشترك في مكافحة الإرهاب والتطرف | وحدة مكافحة العدوى بمستشفيات سوهاج الجامعية تحصد المركز الثاني في ترصد الأمراض الوبائية| صور | ماريسكا مدرب تشيلسي يشكو من ضيق الوقت قبل نهائي دوري المؤتمر الأوروبي | الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الباكستاني يؤكدان ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بغزة وإنفاذ المساعدات |

كشمير بين الجارتين النوويتين.. صراع لا ينتهي وجرحٌ مفتوح بين الهند وباكستان على مدى عقود

29-4-2025 | 10:23
كشمير بين الجارتين النوويتين صراع لا ينتهي وجرحٌ مفتوح بين الهند وباكستان على مدى عقودكشمير.. صراع لا ينتهي بين الهند وباكستان
محمد سباق

منذ اللحظة الأولى لانسحاب الاستعمار البريطاني عن شبه القارة الهندية عام 1947م، بدأت جذور واحدة من أعقد القضايا السياسية في العالم بالتشكل: النزاع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير.

هذا الإقليم الجبلي الجميل، بموقعه الاستراتيجي وأغلبيته المسلمة، أصبح ساحة صراع مفتوح بين قوتين نوويتين لطالما تنازعتا على السيادة عليه.

وقد أدت الخلافات التاريخية، إلى جانب النزعة الدينية والاعتبارات الجيوسياسية، إلى اندلاع عدة حروب ومناوشات دامية بين الهند وباكستان.

وفي هذه السطور، نستعرض أبرز محطات هذا الصراع الطويل لفهم جذوره وتأثيره المستمر على استقرار جنوب آسيا والعالم.

كان حاكم كشمير الهندوسي، المهراجا «هاري سينج»، يرى أنه بإمكانه الحفاظ على استقلال إقليم كشمير بتأخير اتخاذ قرار الانضمام أو البقاء.

بعد ذلك توالت سلسلة من الأحداث، شملت اندلاع ثورة للمسلمين بالإقليم على الحدود الغربية وتدخل قبائل البشتون، مما أرغم المهراجا على التوقيع على وثيقة «الانضمام» إلى الاتحاد الهندي في أكتوبر1947م، فأصبح جزءا من كشمير خاضعًا للسيطرة الهندية.

شكل التوقيع نقطة انطلاق تدخل باكستان، التي اعتبرت الإقليم امتدادًا طبيعيًا لأراضيها، في حين سعت الهند إلى ترسيخ انضمام كشمير إليها، وتبع ذلك اندلاع سلسلة من الحروب والأحداث، نستعرض أبرزها:

الحرب الأولى 1947-1948

اندلعت الحرب الهندية الباكستانية الأولى عامي 1947م، والسبب الرئيسي لإندلاعها هي قضية كشمير لأن كل من الطرفين رغب في بسط سيطرته على هذه المنطقة الإستراتيجية الهامة ، وعند نهاية الحرب الأولى بين الدولتين كانت كشمير مقسمة جزءٌ في الهند وهو ما بات يعرف بولاية جامو وكشمير، وآخر في الباكستان والذي أصبح يعرف بآزاد كشمير أي «كشمير الحرة»أندلعت الحرب في 17 من شهر يونيو 1947م حينما أصدر البرلمان البريطاني القانون الخاص باستقلال وتقسيم الهند ومنح الإمارات والولايات الحق في الانضمام إما إلى الهند أو إلى باكستان، وبهذا أنضمت معظم الولايات إلى أحد الجانبين إلا ثلاث ولايات كان من بينها ولاية جامو وكشمير إذ تردد حاكمها هاري سينغ في تنفيذ القانون البريطاني، الأمر الذي دفع الكشميريين المسلمين في مقاطعة «بونش» الواقعة في الجزء الأوسط الغربي للقيام بثورة مسلحة ساعدتمهم فيها الباكستان، وأعلن الثوار إقامة أول حكومة لـ «آزاد كشميــــر» أو كشمير الحرة ، وفي في شهر أغسطس رد الهندوس المتعصبون بأعمال عدوانية ضد السكان المسلمين في جامو والتي كان أغلب سكانها من المسلمين قبل أن تتحول إلى أقلية بعد المذابح الجماعية التي وقعت لهم وقد أستشهد في هذه المدابح حوالي 200 ألف مسلم وفر الكثير منهم إلى منطقة «آزاد كشمير».

وفي 23 من شهر أكتوبر دخل إلى كشمير مجاهدون من قبائل الباتان الواقعة شمال غرب الباكستان للدفاع عن إخوانهم المسلمين الذين يتعرضون للمدابح من قبل الهندوس، وهنا طلب هندوس كشمير المساعدة من الهند وبالفعل أستجابت الهند لمطلبهم ولكن بشرط أن تنظم الولاية إلى الدولة الهندية .

أعلنت الهند انضمام جامو وكشمير إليها في 27 من شهر أكتوبر، وأمرت قواتها النظامية بالتدخل المباشر في هذا النزاع.

فـي نـفس اليـوم رد الحاكـم الـعام لباكستان محمـد عـلي جنـاح على التدخـل الهنـدي بإصدار أوامره إلى الجنرال «جراسي» القائد البريطاني المؤقت للقوات الباكستانية لإرسال قوات باكستانية إلى كشمير، خلال شهر نوفمبر، حيث اجتمع الحاكم العام للهند اللورد «مونباتن» بعد اعتذار رئيس الوزراء الهندي نهرو بسبب مرض ألـم بـه، مـع محـمد علـي جنـاح في أول مباحثات هندية باكستانية بشأن كشمير وقدمت الباكستان في هذا الاجتماع اقتراحاً يدعو إلى وقف إطلاق النار وسحب القوات الهندية ورجال القبائل الباكستانيين في وقت واحد من أراضي ولاية جامو وكشمير على أن تتولـى الهنـد والباكسـتان إدارة الولايـة ويجرى إستفتاء تحت إشراف البلدين.

رفضـت الهنـد هـذه المقترحـات، واستمـر القتال بين الطرفين طوال فصلي الشتاء والربيع من عام 1948م، وفي أواخر شهر مارس دخلت القوات النظامية الباكستانية رسمياً في القتال.

في شهر يناير تقدمت الهند بإحتجاج رسمي للأمم المتحدة على ما أسمته بالاعتداء الباكستاني على أراض أنضمت إلى الهند .

وفي شهر مايو تمكنت القوات الباكستانية من تحقيق بعض الإنتصارات العسكرية وكان دفاعها بطولياً على قطاع «مظفر آباد»؛ مما أضطر القوات الهندية للتوقف وبذلك أصبح القتال متقطعاً وغلب على النزاع تحرك النشاط الدبلوماسي للدولتين في أروقة الأمم المتحدة.

توقف إطلاق النار بين الدولتين بعد وساطة الأمم المتحدة، وأصبح وقف إطلاق النار ساري المفعول في الأول من شهر يناير من عام 1949م، وبفعل هذه الأحداث أنقسمت كشمير إلى شطرين الأول خاضع للسيادة الهندية ويسمى جامو وكشمير وعاصمته سرينجار، والثاني تسيطر عليه باكستان وعاصمته مظفر آباد.

وهدأت الأوضاع نسبياً على الحدود، ولكن هذا الهدوء هو ما يطلق عليه الهدوء الذي يسبق العاصفة، كما يقولون.

الحرب الثانية 1965

خـلال عامـي 1963 و1964 سـاد التوتـر وازداد اضطراب الوضع بين البلدين بصورة خطيرة بعد أحداث دامية بين الهندوس والمسلمين في كشمير، إلى أن وصلت الأزمة إلى حافة الحرب الشاملة في شهر ديسمبر من عام 1964م بعد إعلان الهند إغلاق باب التسوية السياسية مما كان له الأثر، في تفجر الأوضاع التي أدت إلى الحرب عام 1965م.

كان النزاع على منطقة «ران كوتش» هو بداية شرارة الحرب الثانية بين الهند والباكستان كان ذلك في الأول من شهر يناير 1965م، وران كوتش تعني في اللغة الهندية "أرض المستنقعات"، وهي منطقة ليس لها قيمة إستراتيجية أو اقتصادية، ولكن أشتد النزاع عليها من باب فرض السيطرة وتأكيد السيادة، وتكررت المناوشات في مناطق أخرى ساهمت في تندلاع الحرب، ويمكن تلخيص سير الأحداث على النحو التالي:

 يوم 4 ، 5 من شهر أبريل أتسع الهجوم الهندي من منطقة ران كوتش إلى مواقع باكستانية في أقصى الشمال الغربي لكشمير، وتكرر الهجوم مرتين ، ولكن القوات الباكستانية تمكنت من صد الهجومين.

يوم 9 تغير موقف القوات الباكستانية من الدور الدفاعي إلى الهجوم، فقامت بهجوم على بلدة «سردار بوست» بجوار قلعة «كنجاركوت» ونجحت في الاستيلاء على المواقع ، مما أجبر القوات الهندية على التراجع تاركة بعضاً من عتادها.

يوم 24 توسعت القوات الباكستانية في هجماتها على المواقع الهندية وبخاصة بين بلدة «شدبت» وبلدة «بياربت» مستخدمة بعض الأسلحة الأمريكية والدبابات للمرة الأولى، وحاولت الهند إستعادة هذه الأماكن التي استولت عليها القوات الباكستانية لكنها لم تستطع.

 يوم 8 من شهر مايو حشدت الهند قواتها في البنجاب ودعمتها بالمدرعات وأتخذت أوضاعا هجومية، وعلى أثر ذلك تقدمت الباكستان بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن.

في 30 من شهر يونيو نجحت وساطة دولية قام بها رئيس وزراء بريطانيا هارولد ولسن في تخفيف حدة التوتر والتوصل إلى اتفاق نص على وقف إطلاق النار في ران كوتش وانسحاب الحشود العسكرية في البنجاب إلى الخلف والعودة إلى حالة ما قبل الحرب.

في الأول شهر سبتمبر شنت القوات الباكستانية هجوماً قوياً في منطقة «شامب» جنوب غرب كشمير أستخدمت فيه المدرعات، واستطاع هذا الهجوم دفع القوات الهنديـة إلـى الخلـف، وتمكنـت القـوات الباكستانية من الإستيلاء على مدينة «أخانور» التي تبعد مسافة حوالي 20 ميلاً داخل الأراضي الهندية.

في الثالث من شهر أتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً دعا فيه الهند وباكستان إلى وقف الحرب فوراً واحترام خط وقف إطلاق النار والإنسحاب الكامل والتعاون مع المراقبين العسكريين للأمم المتحدة في الهند والباكستان للإشراف على مراقبة وقف إطلاق النار.

في اليوم السادس لشهر سبتمبر، خرقت الهند القرار الأممي وشنت هجوماً واسع النطاق على الجبهة الغربية بأكملها وبخاصة في منطقة البنجاب ومدينتي لاهور وسيالكوت.

في 9 من الشهر نفسه قام السكرتير العام للأمم المتحدة بزيارة للهند والباكستان محاولاً دعم القرار الأممي وإقناع الأطراف المتحاربة إلى وقف الحرب بين ولكنه فشل في هذه المحاولة ، وعاد من الهند وباكستان دون أن تسفر جهوده عن شيء.

وفي غضون ذلك وجهت الصين إنذارًا شديدًا إلى الهند وهددتها بالاشتراك الفعلي في الحرب إذا لم تستجب لنداءات المجتمع الدولي بوقف الحرب، لكن الولايات المتحدة رفضت هـذا الإنـذار قائلـة «إن الصيـن لا يمكنـها أن تهاجم الهند دون أن تتعرض للردع الأمريكي».

 في اليوم العشرين من الشهر نفسه عاد مجلس الأمن وأصدر قراراً جديداً بوقف إطلاق النار ودعى لانسحاب قوات البلدين إلى ما قبل الخامس من شهر أغسطس، وقبلت الدولتان هذا القرار والذي أصبح سارياً أعتباراً من يوم 23 من شهر سبتمبر1965م.

نتائج الحرب

توقفت الحرب بين البلدين بعد مباحثات سـلام تمـت برعايـة الاتـحاد السوفياتــي «السابق» في العاصمة الأوزبكية «طشقند» في شهر يناير من عام 1966م، والتي أسفرت عن التوقيع على «اتفاقية طشقند».

ومـن هـذه الأحــداث يستنتـج أن أي معاهــــدة سـلام بيـن البلديـن تعتبـر معاهـدة هــشة ولا يمكن التعويل عليها، وما دامت قضية كشمير لم تحل يمكن أن تستدرج الدولتين إلى حرب شاملة في أي وقت ، مالم تحل كل القضايا العالقة بينهما، وهذا الذي حصل عام 1971م فإن نفس المشكلة هي التي فجرت الأوضاع مرة أخرى .

مع تصاعد التوتر، أطلقت باكستان «عملية جبل طارق» في أغسطس من العام ذاته، وبدأت غزو الجزء الهندي، فردت الهند بهجوم عسكري شامل على غرب باكستان، استمرت المعارك 17 يوما، مخلفة آلاف القتلى من الجانبين.

وقد دفع شعور البلدين «الهند وباكستان» إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لم تبديا موقفيهما من الأزمة، إلى السعي لتوطيد علاقاتهما مع الاتحاد السوفياتي والصين، التي سيطرت قبيل المعارك على منطقة «لاداخ» الهندية.

1966م: في مطلع ذلك العام وقعت الهند وباكستان على «إعلان طشقند»، وهو معاهدة سلام تعهد فيها الطرفان بإعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وسحب القوات والعودة إلى حدود عام 1949م.

الحرب الثالثة 1971

الحـرب الهنديـة الباكستانيـة الثالثة 1971م، أو ما يطلق عليها الحرب الخاطفة إذ أنها لم تستمرسوى أسبوعين، ومن نتائجها فصل باكستان الشرقية عن الغربية وقيام ما يعُرف اليوم بجمهورية بنجلاديش.

في الثالث والعشرين من شهر نوفمبـر مـن عـام 1971م أعلـن الرئيـس الباكستاني يحيى خان حالة الطوارئ عقب هجوم هندي على حدود بلاده.

وفي الأول من شهر ديسمبر قطعت الهند وبمساعدة مـن «الموكيتـي باهييني» أي «محاربوا بنجلاديش» خطوط السكك الحديدية بين العاصمة داكا وخولنا وشيتا كونغ الميناءين الرئيسيين على خليج البنجال وكوميلا قرب الحدود الشرقية، وفي اليوم الثاني شنت القوات الجوية الهندية ضربـات مركـزة أستهـدفت مـطارات باكستانية ، وأستمر القصف طوال يومين حتى دُمرت معظم الطائرات الباكستانية وفرضت الهند سيطرتها الجوية في سماء باكستان الشرقية.

فـي اليـوم الخامـس مـن شـهر ديسمبر أغرقت القوات البحريـة الهنديـة المدمرخيبر والمدمرة شاه جيهان، وأغرقت أيضاً غواصة باكستانية على متنها ثمانون بحاراً في خليج البنغال، وفي اليوم التالي ضربت بلدة «جيسور»؛ تمهيداً لكي تكون جاهزة لاستقبال حكومة بنجلاديش بعد عودتها من منفاها بكلكتا وبهذا أنقسم إقليم شيتـا كونـج إلـى شطريـن، كما تمكنـت القـوات البحريـة الهنديـة من أسر السفينتين الباكستانيتين «مينيلوف» و«مينيليدي».

ومع هذه الإنكسارات المتكررة للقوات الباكستانية أمر الجنرال نيازي قائد القوات الباكستانية الشرقية قواته بالانسحاب العام وفي هذا الوقت حاول مجلس الأمن الدولي فـي اليـوم نفـسه وللمـرة الثانيـة خلال 24 ساعة استصدار قرار يدعو الهند وباكستان إلى وقف إطلاق النار وإنسحاب قوات البلدين من أراضي الطرف الآخر، لكن الاتحاد السوفياتي «السابق» حال دون ذلك بإستعماله حق النقض «الفيتو».

وكـان هـذا «الفيتـو» بعـدما رفـض المجـلس مشروع قرار سوفياتي يتضمن دعوة باكستان لوقف أعمال العنف في باكستان الشرقية.

أحيلت القضية برمتها إلى الجمعية العامة للأمـم المتحـدة فـي يـوم 8 من نفس الشهرحيث لا تتمتع أي من الدول بحق النقض، وأصدرت الجمعية العامة للأمـم المتحـدة قراراً بعد 24 ساعة يفرض على «الهند وباكستان» وقف إطلاق النار الفوري وسحب القوات العسكرية من الأراضي التي أحتلتها كل منهما ، ولكن هذا القرار ظـل دون تنفيـذ وسـارت الحـرب حتى نهايتها، ما إن أتخذت القوات الباكستانية المنسحبة مواقعها حول داكا حتى بادرتها القوات الجوية الهندية بقصف شديد في 10 من شهر ديسمبر مما أدى إلى استسلام حوالي ألفي جندي وضابط باكستاني.

مع وصول طلائع الأسطول السابع الأميركي إلى خليج البنغال تتقدمها حاملة الطائرات الذرية «إنتر برايز» قادمة عبر مضيق ملقا يوم 14 من نفس الشهر في مسعى لوضع حد لهذه الحرب، ولكن رئيسة وزراء الهند إنديرا غاندي استبقت الأحداث بأعلانها أن «داكا مدينة حرة في وطـن حـر»، ونظـراً للتـفوق الواضـح فـي ميـزان القـوة آنـذاك وعـدم مـقدرة الجيـش الباكستاني عـلى تحـمل المزيد من الخسائر، قبلت الباكستان على مضض وقف العمليات الحربية، وعلى إثر ذلك وقع قائد القوات الباكستانية الجنرال نيازي في 16 من شهر ديسمبر وثائق الاستسلام في داكا وتسلمها منه قائد القوات الهندية الجنرال «أورورا».

نتائج الحرب

انتهت الحرب بعد أن فقدت باكستان جزأها الشرقي ولم يستطع الرئيس يحيى خان مواجهة الغضب الشعبي فقدم استقالته في العشرين من نفس الشهر ليخلفه الزعيم الباكستاني ذو الفقار علي بوتو.

وقد تكبدت الباكستان في هذه الحرب خسائر فادحة كان أهمها إنفصال شطرها الشرقي كدولة جديدة عرفت باسم جمهورية بنجلاديش.

ومازال فتيل الحرب جاهزاً للإشتعال بين البلدين ذلك؛ لأن الأسباب التي أدت للحروب السابقة مازلت موجودة ولم يتغير الوضع بل زاد الأمر سوءً بعد أن أصبحت الدولتان «الهند والباكستان» أعضاء في النادي النووي .

وفي عام 1974م، أجرت الهند أول اختبار نووي لها، بينما أجرت باكستان اختبارها النووي في وقت لاحق، وأصبحتا ضمن قائمة أقوى 10 دول نووية في العالم، ما أثار قلقا دوليا من استخدام السلاح النووي في الصراع بينهما.

في عام 1989م،  اندلع تمرد مسلح بقيادة «جبهة تحرير جامو وكشمير» ضد حكم الهند على الجزء الواقع تحت سيطرتها من الإقليم، إذ دعت بعض الجماعات المتمردة إلى الاستقلال، بينما طالبت أخرى بالاتحاد مع باكستان.

اتهمت الهند باكستان بتزويد «المتمردين» بالأسلحة، ودعتها إلى وقف «الإرهاب عبر الحدود». وقد قتل آلاف المدنيين والعسكريين في معارك بين قوات الأمن والمتمردين الكشميريين، وفر آلاف من هندوس كشمير إلى مناطق أخرى خوفا من هجمات انتقامية.

وخلال عامي 1990ـ1991م، استمر التمرد على الحكم الهندي، ما دفع السطات الهندية إلى نشر مئات الآلاف من الجنود في «جامو وكشمير»، وسط تصاعد العنف ضد المدنيين من كلا الجانبين. بين مايو ويوليو 1999م، اندلعت «حرب كارجيل» بين البلدين بعد أن عبر متمردون مدعومون من باكستان الحدود المتنازع عليها، واستولوا على نقاط عسكرية هندية في المرتفعات الجليدية لجبال كارجيل، ما دفع القوات الهندية إلى الرد بقوة واستعادة معظم المنطقة.

وتحت ضغط دولي، اضطرت باكستان إلى سحب قواتها من باقي منطقة كارجيل، وإنهاء الصراع الذي أودى بحياة ألف مقاتل من الجانبين.

محاولات تخفيف التوتر

بين عامي استمرت الأعمال العدائية بين الجانبين عبر خط السيطرة، ووقعت هجمات أبرزها الهجوم على برلمان جامو وكشمير عام 2001، في حين اتهمت الهند مجموعات باكستانية مسلحة بالمسؤولية عنه.

وفي عام 2003م، أُعلن عن وقف إطلاق النار على الحدود بين البلدين ، ودخل حيز التنفيذ في العام التالي، وسعت الهند وباكستان إلى علاقات أكثر ودية عموما وتعاون إقليمي أكبر.

وفي عام 2008م، أدى هجوم على مدينة مومباي الهندية إلى مقتل 166 شخصا، واتهمت الهند جهاز الاستخبارات الباكستاني بالوقوف وراء العملية وأوقفت مفاوضات السلام.

وبين عامي 2010-2011م، اندلعت احتجاجات كبيرة مناهضة للحكومة في وادي كشمير الخاضع للإدارة الهندية بعد مقتل متظاهر على يد الجيش الهندي، وأعلنت الحكومة تدابير لتخفيف التوتر.

وفي سبتمبر 2011، قُتل 3 جنود باكستانيين على يد القوات الهندية في إطلاق نار عبر خط السيطرة، واتهمت الهند باكستان ببدء إطلاق النار أولا.

وشهدت المنطقة الخاضعة للسيطرة الهندية في عامي 2013ـ2014م، احتجاجات عقب إعدام أحد أعضاء جماعة «جيش محمد» الكشميرية بسبب دوره في الهجوم على البرلمان الهندي عام 2001.

وقد عقد رئيسا وزراء الهند وباكستان اجتماعا عام 2013، واتفقا على محاولة تقليل الهجمات العنيفة على الحدود المتنازع عليها في كشمير، إلا أنه في أغسطس من العام التالي ألغت الهند محادثاتها مع باكستان بعد اتهامها بالتدخل في شؤونها الداخلية.

وقد اتهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي باكستان بشن حرب بالوكالة على المنطقة الخاضعة لسيطرة بلاده، وتبادل البلدان تحذيرات شديدة اللهجة بعد تصاعد العنف عبر الحدود بينهما.

فرضت السلطات الهندية حظر تجول على معظم المنطقة الخاضعة لسيطرتها، بعد احتجاجات عنيفة إثر مقتل برهان واني في 2016ـ2017، القيادي البارز في جماعة حزب المجاهدين، على يد قوات الأمن.

وشهدت المنطقة هجمات مسلحة عدة، منها مقتل 18 جنديا هنديا على قاعدة عسكرية بـ«جامو وكشمير»، وإطلاق الجيش الهندي النار على مسلحين مشتبه بهم أثناء محاولتهم دخول معسكر شمال المنطقة.

وفي عام 2017م، اندلعت اشتباكات عنيفة في «جامو وكشمير» في ذكرى مقتل القائد برهان واني، وهاجم مسلحون في يوليو من العام نفسه حجاجا هندوسا، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين، في أسوأ هجوم من نوعه منذ عام 2000.

وأعلنت الحكومة الهندية في 2019 إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، التي كانت تمنح إقليم «جامو وكشمير» حكما ذاتيا منذ أكثر من نصف قرن.

وقُسم في أكتوبر من العام نفسه الإقليم إلى إدارتين تخضعان لسيطرة مباشرة من الحكومة المركزية الهندية.

وخضعت «جامو وكشمير» في 2020ـ2023، لإغلاق مشدد استمر أكثر من عام، إذ قُطعت خدمات الإنترنت والاتصالات الهاتفية، واعتقل آلاف الأشخاص، بينما ادعت الهند أن الإغلاق كان ضروريا لتحقيق الأمن والتنمية الاقتصادية.

وقد بلغ العنف ذروته عام 2020، مع تسجيل أكثر من 4 آلاف حادث إطلاق نار عبر الحدود، في حين سُجلت زيادة في تجنيد المسلحين.

وفي فبراير 2021، أعلنت القوات الهندية والباكستانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على طول خط السيطرة، بهدف تخفيف حدة التوترات، غير أنه سُجلت خروقات من الجانبين على أمد أشهر عدة.

وقد وقع أول حادث بعد اتفاق وقف إطلاق النار في يونيو 2023، حين اتهم الجيش الباكستاني القوات الهندية بقتل مدنيين اثنين على طول خط السيطرة.

ولايزال الصراع الوم على أشده بين الجانبين، وسط مخاوف الجميع من أن تنغمس آسيا في حرب كبيرة قد ينجر إليها العالم بأسره.

كلمات البحث
الأكثر قراءة