فخامة الرئيس.. معك من أجل حياة كريمة

30-4-2025 | 13:23

عندما ننبري للكتابة عن موضوع معين قد يختلف معنا كثيرون، وقد يتفق أيضًا كثيرون، فالاتفاق والاختلاف سنة كونية، بل ويكسب موضوعنا محل النقاش حركية وديناميكية ومواكبة للواقع الذي نحياه. 

لكن عندما نمسك أقلامنا ونتصدر للكتابة عن مصر، فالأمر قد يكون مختلفًا، فليس ثم وطني مخلص محب لترابها وشعبها إلا ويقف صامتًا منتبهًا متأدبًا عند الحديث عنها، حتى وإن نقد فلينقد كيفما يشاء، لكن نقده ينبغي أن يكون نقدًا موضوعيًا بناءً يبتغي من ورائه النصح والإرشاد للإصلاح لا للهدم والتدمير، لا يستغل ظرفًا معينًا تمر به البلاد، شأنها شأن أي دولة من دول العالم، فليس ثم رغد على الدوام، وليس ثم ضائقة على الدوام. 

لا يستغل مثلًا ظروفًا اقتصادية عالمية ضربت العالم بأسره، فيصب وابلًا من اللعنات والشتائم والسباب متأففًا من هذه الأزمة، نقول لأمثال هؤلاء، لماذا نسيتم الخير الذي قدمته لكم مصر؟! ألم تتعلموا في مدارسها، جامعاتها؟! ألم تعملوا في مؤسساتها؟! ألم تنعموا بالأمن والأمان والسلم والاستقرار؟! التفتوا حولكم واعتبروا مما يحدث في العالم من حولنا الآن، صراعات، نزاعات، خلافات، حروب، السودان ليس منا ببعيد، فلسطين، الصومال، حرب روسيا وأوكرانيا، لماذا لم تتذكروا جنودنا البواسل وجيشنا المرابط على الحدود، صمام أمان من كل الجهات والاتجاهات؟! لا تجعلوا من انتقاداتكم لظروف معينة تمر بها البلاد ذريعة يتخذها المحبطون المثبطون الذين يريدون بث روح اليأس عند عوام الشعب، اجعلوا نقدكم نقدًا موضوعيًا منهجيًا، ولا تجعلوه نقدًا مذهبيًا سوفسطائيًا هدامًا. 

ورب واحد يجابهني بسؤال، أليس من حق الشعب أن يحيا حياة كريمة؟ نعم هو سؤال مشروع ومطلب ليس صعب المنال، ومن الممكن أن يتحقق بكثير من الصبر، والالتفاف حول رئيسنا، وحول قادتنا الذين هم جنود مجهولة في هذه المعادلة التي يظن المثبطون للهمم أنها معادلة فك شفراتها صعبة وعصية، لكن ليس ثمة معضلة إلا ولها الحل الناجع، فالمصري الذي هزم جحافل التتار، وحطم جيوش الإنجليز والفرنسيس ودحر العدوان الثلاثي، ودمر أسطورة بارليف الجيش الذي، قالوا عنه، لا يقهر، قادر على التجاوز، تجاوز هذه المحن بمنتهى الصبر والعزيمة والإصرار على المواجهة، كان من الممكن أن يتولى الرئيس زمام الحكم وتنقضي مدته دون أن نشعر بأي تغيير، في شتى مناحي الحياة في مصر، انظروا إلى السياسة الداخلية كم حزب سياسي في مصر الآن، كم انتخابات تمت، انظروا إلى السياسة الخارجية، بحنكة الرئيس وصقوره فرضنا أنفسنا على كل دول العالم، وأصبحنا نُدعى إلى المنتديات العالمية السياسية، وأصبحت لنا الكلمة والمشورة، في الناحية الاقتصادية، الانضمام إلى مجموعة بريكس ليست منا ببعيد، التي ستكون فتحًا اقتصاديًا عظيمًا سينعكس أثره على كل مواطن في هذه البلدة الطيبة أهلها، ناهيكم عن الاستثمارات العملاقة التي بلغت المليارات من الدولارات، لكن خلق الإنسان من عجل، دومًا ما نتعجل جني الثمار. 

انظروا أيضًا إلى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وإعادة بنائها من جديد بعد أن نخر السوس جدرانها، ومن ثم تحملت الدولة المسئولية وضربوا الفساد وأطاحوا بأهله. أيضًا انظروا إلى البنية التحتية للدولة، ولى زمن الترقيع، محطات مياه عملاقة، شبكات صرف صحي امتدت حتى وصلت إلى القرى والنجوع، محطات توليد كهرباء جديدة، شبكات طرق وكباري ربطت العاصمة برباط محكم، فبعدما كنا نذهب في قضاء مصلحة نستغرق ساعات طويلة، بات الأمر هينًا يسيرًا أليس كل ذلك تم بالفعل، أليست هذه نقلة جديدة ونهضة حضارية تواكب العصر ومستجداته؟! حتى إذا ما وصلنا إلى الثورة التسليحية، وقوة الردع فحدثوا ولا حرج، أحدث أسطول طيران حربي بكل أنواعه، فرقاطات، كليات ومعاهد عسكرية استحدثت ككلية التمريض والطب العسكري تواكب أحدث المستجدات العالمية في الطب. 

ناهيكم عما كنا نعيشه من حوادث إرهابية ملأت البلاد هنا وهناك، خفافيش ظلام، تضرب ضربتها وتعود لجحورها كالجرذان، أين هي الآن؟! تم دحرها فلم يعد لها وجود، من الذي طهرنا من هؤلاء الأنجاس القتلة؟! ومن كان يرعاهم؟!

حدث ذلك في مصرنا المعاصرة، نعم حدث. إن مقومات بناء الإنسان المصري المعاصر ترتكز على عدة أمور:

أولها: البناء الروحي لهذا الإنسان المصري الذي يحمل ما يحمله بداخله من حب لوطنه، لكن هذه العاطفة وهذا الحب يريدان من يخرجهما من حيز الوجود بالقوة إلى حيز الوجود بالفعل، بمعنى إخراج هذا الجانب الروحي في الإنسان، وجعله يسيطر على جانبه المادي أو بمعنى أدق إعادة التوازن النفسي لهذا الإنسان المصري الصبور، لكن كيف يكون ذلك؟! يكون عن طريق تنمية روح المواطنة، هي موجودة بداخله فعلًا لكن إثارة حِميته عن طريق خطاب إعلامي منضبط يوجهه إلى حب وطنه، وألا يستمع إلى الشائعات والقيل والقال، كذلك عدم دغدغة مشاعر هؤلاء البسطاء بإبراز هؤلاء الأثرياء وهم يتحدثون عن قصورهم وسياراتهم ومقتنياتهم، هؤلاء إن صدق حدسي أبعد ما يكونون عن المواطنة، لكن الذي سيدافع عن وطنه هؤلاء البسطاء بكل ما أوتوا من قوة. 

وهنا يأتي دور علماء الدين عن طريق خطاب ديني متجدد يوضحون فيه أهمية حب الوطن، وأنه من الإيمان ومن فروض العين لا يملون الدعوة إلى ذلك، في كل مناسبة، حتى لو مناسبات قومية، فشعبنا طيب عطوف روحه سمحة بطبيعته.

ثانيها: البناء المادي لهذا الإنسان المصري المعاصر، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال الاهتمام به سياسيًا، عن طريق مشاركته في الحياة السياسية، وعن طريق الشفافية والمصارحة والمصداقية في طرح المشكلات وكيفية معالجتها، وقد شاهدنا ذلك مرارًا وتكرارًا في خطابات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رأينا ذلك في مؤتمرات الشباب، والحوارات الوطنية ومخرجاتها التي هي قيد التنفيذ الآن. 

أيضًا النهوض بهذا الإنسان اقتصاديًا عن طريق العمل الجاد على تحسين دخله وتحسين راتبه، وتوفير حياة كريمة له وتوظيف كل ثروات البلد لخدمته ولخدمة ذويه، كذلك النهوض بالإنسان في مجال التعليم؛ سواء الإلزامي أو الجامعي أو ما بعد الجامعي، عن طريق تحقيق العدالة في التعليم، بمعنى ليس من العدالة أن يتعلم أفضل تعليم من يمتلك المال، وإنما التعليم لابد أن يكون متاحًا للجميع، النهوض بمدارسنا، بمعلمينا، بالمنشآت التعليمية والإدارات التعليمية وتطهيرها من بؤر الفساد، كذلك التوسع في إنشاء جامعات جديدة، أعني ما أقول جامعات حكومية جنبًا إلى جنب مع الجامعات الخاصة والأهلية، وإدخال علوم جديدة بمقررات دراسية جديدة تتواءم مع سوق العمل، خصوصًا ونحن الآن على أعتاب سيطرة الذكاء الاصطناعي والرقمنة والميتافيرس، ثورة معلوماتية على كافة الأنظمة ومنها النظام التعليمي، مع التنبيه على ألا نغفل دور وأهمية العلوم الإنسانية التي هي في أساسها غذاء للروح وبناء للإنسان وبناء لشخصيته. 

إذا أردنا تحقيق فلسفة ناجحة لبناء إنسان مصري معاصر يعيش في دولة مؤسسات وقانون مثل مصرنا الغالية التي تسعى سعيًا حثيثًا للنهوض بهذا الإنسان من خلال تنمية مستدامة، فينبغي أن تكون هناك منهجية منظمة وتخطيط سليم، وهذا يقودنا إلى النقطة الثالثة. 

ثالثها: المنهجية والتخطيط الإستراتيجي الدقيق، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تقوم دولة على العبث والفوضى، وإنما عن طريق منهجية في التفكير تقوم على التخصص الدقيق فعالم الاقتصاد يوكل إليه شئون الاقتصاد، الخبراء التربويون يتعهدون التربية والتعليم، وهكذا في كافة المجالات.

* أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

كلمات البحث
الأكثر قراءة