ماذا لو عادت الحياة بدون إنترنت ومحمول؟!

28-4-2025 | 18:34

ماذا لو عادت الحياة كما كانت قبل ظهور النت والمحمول؟ كيف سيكون تأثير ذلك على الأفراد والمجتمعات من الناحية الاجتماعية والنفسية؟

نصادف يوميًا أشخاصًا يتحسرون على الأيام الخوالي، بل ويسترجعون شيئًا من شريط الماضي و"حلاوته" وأخلاق "ناسه" و"بساطة" وعمق أواصر المحبة بين الأهل والجيران في الريف و"الحارة" من دون زيف أو خداع. 

صحيح أنه على الصعيد الاجتماعي، قد يؤدي اختفاء الإنترنت والمحمول إلى عودة الروابط الاجتماعية التقليدية، مثل الزيارات العائلية وما تعنيه اللقاءات الواقعية من دفء العلاقات الاجتماعية بين الناس، بدلًا من التواصل عبر الرسائل النصية والرموز والتطبيقات. 

لكن لو لم يكن الإنترنت موجودًا ـ كما أدركنا حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي ـ كنا سنظل أكثر اعتمادًا على الوسائل التقليدية في التعلم، مثل الكتب الورقية، والاجتماعات المباشرة، والمراسلات البريدية، وما يعنيه ذلك من بطء عجلة الحياة. 

فالتواصل بين الأفراد والجماعات كان سيأخذ وقتًا أطول، والفرص المعرفية والمهنية كانت ستبقى محدودة بالمكان والزمان. ولم تكن هناك وسائل ترفيه رقمية ولا تيسير في حياة ومصالح الناس، ولا تجارة إلكترونية، ولا تعلم عن بعد. 

ويعزز ذلك دراسات عديدة، منها دراسة نُشرت عام 2018 في مجلة Journal of Social and Personal Relationships، تؤكد أن العلاقات المباشرة وجهًا لوجه تسهم بشكل أكبر في تعزيز مشاعر الدعم الاجتماعي والارتباط الإنساني مقارنة بالعلاقات الرقمية، التي تخلت فيها لغة الكلام عن حروفها وحلت محلها رموز صماء ومشاعر جافة. 

من جهة أخرى، قد يخفف غياب الهواتف الذكية من ظاهرة "الإدمان الرقمي" التي باتت تؤثر سلبًا على جودة الحياة، ففي دراسة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا عام 2018 أظهرت أن تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يقلل من معدلات القلق والاكتئاب، ويحسن الشعور بالرضا العام عن الحياة. 

ومع ذلك، فإن العودة إلى الحياة بدون الإنترنت لا تخلو من تحديات مؤلمة. فاليوم، تعتمد معظم الأنشطة اليومية على التكنولوجيا، من عمل وتعليم إلى إدارة الأمور المالية والخدمات الصحية. وبدون هذه الوسائل، قد يواجه الناس صعوبات في إنجاز مهامهم أو الوصول إلى المعلومات والخدمات، إضافة إلى ذلك، قد يشعر بعض الأفراد بالعزلة، خاصة أولئك الذين يعيشون بعيدًا عن أسرهم أو يعتمدون على التكنولوجيا للبقاء على اتصال. 

وهناك تجربة واقعية جديرة بالذكر حدثت عام 2021، حينما تعرضت خدمات فيسبوك و"واتساب" لعطل عالمي دام عدة ساعات، خلال هذه الفترة، أبلغ العديد من المستخدمين عن شعورهم بالتوتر والفراغ، بينما عبر آخرون عن ارتياحهم المؤقت وعودتهم لممارسة أنشطة تقليدية مثل القراءة أو التحدث مع الأسرة. 

خلاصة القول، إن عودة الحياة إلى ما قبل الإنترنت والمحمول تحمل في طياتها إيجابيات وسلبيات، قد تسهم في تقوية العلاقات الاجتماعية المباشرة، وتحسين الصحة النفسية، لكنها قد تحدث أيضًا اضطرابًا في نمط الحياة الحديث، وسيواجه معارضة شديدة خاصة من مواليد زمن "النت" الذين لم يتذوقوا قط طعم "الإدمان الورقي" الذي عشناه.

والعاقل هو من يحقق توازنًا واعيًا بين الإفراط في استخدام التكنولوجيا والحفاظ على الروابط الإنسانية الأصيلة؛ لأننا بكل صراحة في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه، يصعب تخيل حياة خالية من الإنترنت والمحمول.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة