في خضم النزاعات الأسرية التي قد تصل إلى أروقة المحاكم، تبرز قضية مصير الذهب الذي يقدمه الزوج لزوجته عند الزواج. هل يعتبر الذهب جزءًا من «قائمة المنقولات» التي تستحقها الزوجة عند الطلاق أو الخلاف؟ أم أنه مجرد "هدية" لا تملك المرأة المطالبة بها لاحقًا؟ بين العُرف والقانون، تتعدد التفسيرات وتختلف الأحكام، مما يضع آلاف النساء في معارك قانونية معقدة للحصول على حقوقهن.
موضوعات مقترحة
الذهب بين العُرف والنية
تاريخيًا، جرت العادة في كثير من المجتمعات العربية أن يُقدم الزوج شبكة من الذهب لعروسه، تعبيرًا عن التقدير وضمانًا لمستقبلها. لكن لم يُوضع دائمًا تعريف قانوني دقيق لما إذا كانت الشبكة تعتبر جزءًا من المنقولات أو ملكًا خالصًا للزوجة.
في حديث مع رشا فهيم، المحامية بالنقض، أوضحت أن: "العبرة الأساسية في هذه المسألة ترجع إلى نية الطرفين وقت تقديم الذهب. فإذا تم الاتفاق على أن الذهب جزء من المهر أو مقدم صداق، فهو ملك خالص للزوجة. أما إذا اعتبره الطرفان مجرد هدية، فإن الأمر يخضع لقواعد الهبة ويمكن استرداده بشروط معينة."
هل الذهب يكون ضمن قائمة المنقولات الزوجية ؟
هل هناك أساس قانوني لمبدأ الذهب ملاصق للزوجة؟
ويؤكد الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني، لا يوجد أساس قانوني إلا إذا تنازلت للزوج عن الذهب أو أخذت الذهب أو رفعت دعوى خلع وكان الذهب من ضمن القائمة، لافتًا إلى أن حكم النقض هذا لحالة وجود شهود وأدلة حول خروج الزوجة بالذهب، وللأسف فسر هذا الحكم بطريقة خطأ لان المحكمة تتقصى هل الزوجة خرجت ومعها الذهب أم لا ؟
الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع
اقرأ أيضا:
أزهري : «القايمة» جزء من مهر العروسة ويجب أن تكتب
"قايمة" المنقولات "قانون أم عرف" ؟ نهاد أبو القمصان تجيب
القانون المصري وموقف القضاء من الشبكة
ونجد أن القانون المدني المصري لم يُفرد نصًا صريحًا خاصًا بالشبكة، إلا أن المحاكم المصرية استقرت في كثير من أحكامها على أن الذهب يُعامل باعتباره جزءًا من قائمة المنقولات الزوجية إذا تم إدراجه بها، أو إذا ثبت بالعرف والعادة أن الشبكة تُعطى مقابل الزواج.
في إحدى القضايا الشهيرة أمام محكمة الأسرة، طالبت زوجة باسترداد شبكتها التي كانت قد أدرجت ضمن قائمة المنقولات. المحكمة قضت لها بالحق الكامل في استلام الذهب أو قيمته السوقية، مؤكدة أن: "الشبكة من مستلزمات الزواج، وحق أصيل للزوجة متى تم إثبات تقديمها كمقدم صداق أو إدراجها ضمن قائمة المنقولات."
هل الذهب يكون ضمن قائمة المنقولات الزوجية ؟
رأي دار الإفتاء من ذهب الزوجة
دار الإفتاء المصرية كان لها رأي واضح في هذه المسألة. فقد أكدت أن الذهب المُهدى للزوجة بمناسبة الزواج، يعتبر حقًا لها طالما تم تقديمه كمهر أو جزء منه، ولا يجوز للزوج أو ورثته المطالبة به بعد عقد الزواج والدخول.
وفي فتوى رسمية أوضحت الدار أن:"الشبكة المقدمة للزوجة تعتبر من المهر عرفًا، ويجب ردها للزوجة عند الطلاق إذا كانت في حوزة الزوج."
هل الذهب يكون ضمن قائمة المنقولات الزوجية ؟
قصص من الواقع لاسترداد الشبكة
التقت «بوابة الأهرام» بالسيدة "أميرة.ع"، وهي موظفة تبلغ من العمر 30 عامًا، التي خاضت معركة قضائية استمرت ثلاث سنوات لاسترداد شبكتها. تقول:
"بعد الانفصال رفض طليقي تسليمي الشبكة بحجة أنها كانت هدية وليست ضمن المنقولات. لكنني استطعت إثبات أن الشبكة جزء من قائمة العفش، وحصلت على حكم لصالحى أخيرًا."
وفي قصة أخرى، فشلت إحدى السيدات في إثبات حقها في الشبكة لأنها لم تسجلها ضمن القائمة ولم يكن هناك شهود على الاتفاق، مما أضاع عليها حقها القانوني.
هل الذهب يكون ضمن قائمة المنقولات الزوجية ؟
نصائح قانونية لحماية حقوق الزوجة
وينصح المستشار القانوني مصطفى رجب ينصح المقبلين على الزواج بإتباع عدة خطوات لحماية حقوقهم، ومنها:
1- تسجيل الشبكة ضمن قائمة المنقولات بشكل واضح ومحدد بالوزن والنوع.
2- وجود شهود على تقديم الذهب واعتباره جزءًا من المهر.
3- الاحتفاظ بفواتير الشراء إن أمكن.
يضيف المستشار القانوني مصطفى رجب: "كلما كانت الوثائق والمستندات واضحة، كلما كان من السهل إثبات حق الزوجة في الذهب حال وقوع نزاع."
و بين العُرف والقانون تظل أحقية الزوجة في الذهب قائمة، لكنها تحتاج إلى إثبات قانوني واضح. وفي ظل ازدياد النزاعات الأسرية، أصبح من الضروري أن يتحلى الطرفان بالشفافية والوضوح منذ البداية لضمان الحقوق وتجنب المعارك القضائية الشاقة.