لم تعد "الشبكة الذهب" حلم كل فتاة، بل تحولت إلى كابوس ثقيل يلاحق آلاف الشباب والفتيات في مصر، بعدما تجاوز سعر جرام الذهب عيار 21 حاجز الـ4760 جنيهًا، وهو ما يُعد سابقة تاريخية لم تشهدها السوق المحلية من قبل. هذا الارتفاع غير المسبوق في أسعار الذهب أثقل كاهل المقبلين على الزواج، وأجبر الكثيرين على إعادة التفكير في تقاليد الخطبة والمهر والشبكة، بل وأدى في بعض الحالات إلى إلغاء الزيجات أو تأجيلها إلى أجل غير مسمى.
موضوعات مقترحة
"مش قادر أجيب شبكة"
محمد (28 عامًا)، يعمل موظفًا في شركة خاصة، ويستعد للزواج منذ عامين، لكنه وجد نفسه في مأزق جديد بعد صعود الذهب المفاجئ. يقول: "كنت مرتّب كل حاجة، والشبكة كانت المفروض تبقى 30 جرامًا، لكن بعد اللي حصل، ده معناه أكتر من 150 ألف جنيه! ده رقم فوق طاقتي تمامًا."
حاول محمد التفاوض مع أهل خطيبته لتقليل كمية الذهب، فكان الرد: "إزاي يعني؟ هي أقل من غيرها؟!"
اقرأ أيضا:
نشتري ولا نبيع؟ رئيس شعبة الذهب يُجيب على السؤال الصعب بعد ارتفاع الأسعار
فرص واعدة لخام الذهب في هذه المناطق بصحراء مصر الشرقية
الشبكة الذهب
الأسرة المصرية بين العرف والواقع
تقاليد الشبكة الذهبية المتوارثة منذ عقود لا تزال تحكم الكثير من البيوت المصرية، خاصة في الصعيد والدلتا. وتُعد الشبكة رمزًا اجتماعيًا لا يُمكن التنازل عنه بسهولة. إلا أن الأزمة الاقتصادية، وتقلّص القدرة الشرائية، تدفع بعض الأسر تدريجيًا إلى إعادة النظر في هذه العادات.
الحاجة فاطمة، والدة عروس من المنوفية، تقول: "الناس كلها بتقول إن الذهب غلي، بس لما ييجي الكلام على بنتك، بتحسي إنك لازم تجيب لها أحسن حاجة.. علشان ما يقولوش العريس جاي يستخسر فيها."
أصحاب محال الذهب: السوق مش بيساعدنا
عم يوسف، صائغ في ميدان الجامع مصر الجديدة، يوضح أن الإقبال على شراء الشبكة تراجع بنسبة تزيد عن 60% في آخر ثلاثة شهور، قائلا: "الناس بقت تيجي تسأل وتمشي.. في ناس بتكتفي بخاتم ودبلة، وفي اللي بيسأل عن شبكات فضة أو دهب صيني."
ويضيف أن السوق يعاني من الركود رغم الأسعار الخيالية، لأن "اللي بيشتري دلوقتي غالبًا بيشتري للضرورة القصوى، مش استثمار أو هدية زي زمان."
الشبكة الذهب
حلول بديلة تظهر في الأفق
في ظل هذه الضغوط، بدأت بعض المبادرات الشبابية تدعو لتغيير المفاهيم المرتبطة بالزواج، مثل مبادرة "نتجوز من غير شبكة"، التي لاقت رواجًا على مواقع التواصل الاجتماعي. تقول دعاء، إحدى مؤسسات المبادرة:
"هدفنا مش نلغي الشبكة، بس نرجعها لرمزيتها، مش تبقى عبء مالي، ممكن الشبكة تكون قطعة رمزية من الذهب، والباقي يتصرف في تأسيس البيت."
الشبكة الذهب
بين الواقع والمأمول
في وقت تزداد فيه الأسعار يومًا بعد يوم، يبقى التحدي الأكبر هو التوفيق بين التقاليد الاجتماعية والقدرة الاقتصادية. ويبدو أن كثيرًا من الشباب أصبحوا بحاجة إلى ما هو أكثر من الحب والنوايا الطيبة لخوض غمار الزواج؛ يحتاجون إلى تفاهم مجتمعي شامل يُعيد تعريف الأولويات، ويخفف من الأعباء التي توشك أن تقتل أحلامهم.