ليست المقاهى وليدة هذه الأيام، وإنما يرجع ظهورها إلى القرن العاشر الهجرى/ السادس عشر الميلادى، حيث ظهر فى ذلك الوقت بناء مخصص لتقديم القهوة فى استانبول بتركيا، حين وصل إليها رجل يدعى بحكم ومضحك يدعى بشمس من دمشق، وقاما بفتح دكان واسع فى الحى الذى يُعرف بـ"تحت القلعة" وكانا يقدمان القهوة فيه.
موضوعات مقترحة
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
ظهور القهوة والمقاهي في القاهرة
أما عن المقاهى فى مدينة القاهرة، فلم تكن المقاهى معروفة على الاطلاق حتى عام 962هـ/ 1555م حتى وصل إلى مصر شخص يدعى أبو بكر بن عبدالله المعروف بالعيدروس قادمًا من اليمن عام 905هـ، وجلب معه البن لأول مرة إلى مصر، وبعد معرفة المصريين للبن، بدأت تنتشر الأماكن التى خُصصت لصنع القهوة التى أصبح يطلق عليها المقاهى.
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
عدد المقاهي بالقاهرة
وقد انتشرت هذه المقاهى انتشارًا كبيرًا فى القاهرة خلال القرن ١٦م، وكان يطلق عليها "بيوت القهوة"، ولقد أحصى الرحالة التركى أوليا جلبى مقاهى القاهرة عام 1650م فوجدها 643 مقهى.
أما كتاب "وصف مصر" الذى أعده علماء الحمله الفرنسية، فقد أشار إلى عدد المقاهى القاهرية حيث ورد ما نصه: ( تضم مدينة القاهرة حوالى 1200 مقهى، بخلاف مقاهى مصر القديمة وبولاق، حيث تضم مصر القديمة 50 مقهى، أما بولاق فيبلغ تعداد مقاهيها نحو المائة)، هذا ما ورد عن عدد مقاهى القاهرية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر.
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
أما وصف مقاهى القاهرة فى القرن 16هـ/10م فقد تناوله الرحالة التركى مصطفى على فى كتابة (وصف القاهرة)، والذى قدّم لنا فيه صورة وصفية جميلة لبيوت القهاوى القاهرية فى ذلك الوقت، وكيف أنها كانت ملتقى أهل الصلاح يتناولون فيها قهوتهم قبل ذهابهم إلى المسجد، ولكنها فى نفس الوقت يلجأ اليها المتنطعين والبطالين من قدامى الجند ذوى الهيئة الرثة ومدمنى المخدرات، الذين يستلقون على الحصرطوال النهار يتذكرون بطولاتهم الماضية، وبالإضافة إلى ما ذكره الرحالة مصطفى على عن هولاء الذين يرتادون المقاهى القاهرية، فقد صور لنا حالة المقاهى القاهرة بعين الرحالة، فقال:"إن العقارب تعبث فى أركانها، وقد تلوثت جدرانها وينتشر بها عازفو الموسيقى من المعتوهين الذين يعزفون الموسيقى الصاخبة، فتتحول تلك المغارة إلى ما يشبه العُرس، ونادرًا ما تجد بيتا للقهوة نظيفًا يصلح لأن يرتاده المتعلمون والصلحاء".
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
المقاهي القاهرية في أوصاف الرحالة
كما قدم لنا المستشرق الإنجليزى إدوارد وليم لين فى كتابه "المصريون المحدثون" وصفًا دقيقًا لمقاهى القاهرة فى القرن التاسع عشر، حيث قال: "القاهرة بها أكثر من ألف مقهى، والمقهى عبارة عن غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية على شكل عقود، ويقوم على طول الواجهة ما عدا المدخل مصطبة من الحجر أو الآجر تفرش بالحصر، ويبلغ الاتفاعها قدمين أو ثلاثة وعرضها كذلك تقريبًا، وفى داخل المقهى مقدعد متشابهة على جانبين أو ثلاثة".
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
كما قدم لنا دكتورعراقى يوسف محمد فى كتابه عن الوجود العثمانى المملوكى فى مصر معلومات هامة عن بيوت المقاهى فذكر:( إن بناء المقاهى والعمل بها فى مصر فى العصر العثمانى لم يقتصر على المدنيين من أبناء الشعب، بل إن بعض العسكر من طوائف مستحفظان ـ عزبان المتفرقه ) قد قاموا ببناء المقاهى فى أحياء مختلفة وخاصة فى الأسواق الهامة والمناطق الحرفية والتجارية، كما مارس بعض المماليك هذه المهنة بأنفسهم، بينما اقتصر دور الجوربجية والأولاد باشية على حيازة القهاوى وتأجيرها للأهالى المشتعلين بهذا العمل وقد وصل ايجار القهوة شهريا حوالى (ألفى نصف فضة) ويبدو أن ممارسة مهنه القهوجى قد طابت لهولاء العسكر وخاصة طايفة مستحفظان حتى أنهم منهم من ارتقى إلى درجه شيخ القهوجية، وهذا يعنى الإلمام الكافى يتقاليد وأصول المهنة، وعنى العسكر بتوريث هذة القهاوى، وما بها من أدوات مختلفة لماعتيقهم بعد وفاتهم.
وعن شكل المقهى القاهرى فى القرن التاسع عشر، يحدثنا الرحاله الفرنسى بريس دافين فيقول:"إن كان عبارةعن حجرة صغيرة تكون واجهتها على الشارع ومصنوعة من الخشب المفتوح، وتمتد هذه الواجهة الخشبية ماعدا الباب، وتوجد خارج هذة الحجرة الصغيرة مصطبة من الآجرأوالحجر يبلغ ارتفاعها نحو قدمين، وتغطى الأرضية بالحصر ويتم اضافة مقاعد مشابهة فى داخل المقهى وتشهد المقاهى ازدحامًا كبيرًا بعد الظهر وفى المساء وروادها من الطبقات الدنيا والتجار وهم يفضلون الجلوس على المصطبة الخارجية، ويحمل رواد المقاهى تبغهم ويتولى القهوجى تقديم القهوة لهم بسعر خمس فضات للفنجان الواحد".
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
وصف الشيشة
أما الرحالة الفرنسى مونتوليه، فقد قدم لنا وصفًا للشيشة فى تلك الفترة فيذكر:"إنها عبارة عن وعاء زجاجى، يملأ نصف بالماء وتخرج منه أنبوب أو خرطوم طوله من 16 إلى 19 قدم، ويوضع عند رأس الوعاء قطعتان من الفحم وعليها الطباق المستورد من مكة" .
ومما ذكره الرحالة الفرنسى نيبور عن المقاهى فى رحلته التى قام بها فى القرن الـ 18 وسجلها فى كتابه "رحلة الى مصر" إن من أهم ألوان التسلية التى يعرفها المصريون والسوريون والعرب الجلوس فى المقاهى مساء لتدخين نارجيلة تبغ والاستماع إلى رواتهم وموسيقييهم ومغنييهم الذين يترددون على هذه الأماكن بحثًا عن كسب زهيد".
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
وكانت توجد بماهى القاهرة بعض الأماكن المخصصة لرواية القصص والحكايات الشعبة يرويها رواة القصص؛ لأنه لم يكن يوجد مذياع أو تليفزيون فى ذلك الزمان وكانت وسيلة الترفية الوحيدة هى سماع القصص والملاحم والسير التاريخية على السنة الرواة الذين عرف بعضهم بالظاهرية نسبة إلى الظاهر بيبرس البندقدارى، والذى شاعت سيرته فى هذا الزمان وخاصة فى القرن الـ 16م، كذلك كان هناك الهلالية الذين تخصصوا فى رواية قصة السيرة الهلالية، بالإضافة إلى بعض القصص الأخرى المحببة لجمهور المقاهى فى ذلك الوقت، مثل قصة "سيف بن ذى يزن" و"عنترة بن شداد" و"ألف ليلة وليلة"، وكانت تستخدم الآت الطرب المختلفة كالربابة والعود وغيرها.
الأثري عبد الله إبراهيم موسى
مدير منطقة مرسى مطروح للآثار الإسلامية والقبطية
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
القهوة والمقاهي في لوحات المستشرقين
الأثري عبد الله إبراهيم موسي مدير منطقة آثار مطروح للآثار الإسلامية والقبطية # # # # #