ترتبط سيناء وجدانيًا وروحيًا بكل إنسان مصري ارتباطًا، تتوارثه الأجيال وسيظل هذا الارتباط قويًا لأسباب كثيرة، أهمها أنها شاهدة على بسالة الجندي المصري، وقوته، وتفرد أبناء الوطن في حفاظهم الدائم على كل شبر منها، إذ إن رمال تلك الأرض رويت وتعطرت بدماء أبنائها، وأصبحت مصدر فخر واعتزاز.
ويُعدُّ عيد تحرير سيناء، الذي يُحتفل به في 25 أبريل من كل عام، مناسبة وطنية خالدة في وجدان الشعب المصري، حيث يستعيد المصريون ذكرى استرداد كامل أرض سيناء من الاحتلال الإسرائيلي في عام 1982، وأصبحت تلك المناسبة لما لها من أهمية مصدر إلهام للمبدع في السينما والمسرح والأغاني.
فقد عبرت كل الفنون عن تلك اللحظات التي قال فيها المفاوض المصري كلمته، وعلت فيها كلمة الحق بأن تلك الأرض لن تقف عليها قدم محتل يومًا ما، وأنها كتبت في وثائق وكتب سماوية باسم المصريين فقط.
وقدمت السينما المصرية العديد من الأعمال، فمن الأفلام، على سبيل المثال وليس الحصر قدمت "الطريق إلى إيلات" (1993)، الذي جسد بطولات القوات البحرية المصرية ضد الاحتلال، وفيلم "العمر لحظة" (1978)، وفيلم "حكايات الغريب"، ومعظم تلك الأحداث دارت على أرض سيناء.
وهنا لا أدعي أننا قدمنا ما تستحقه سيناء من قدرها، بل نحتاج إلى أعمال تكتب على تلك الأرض، أعمال عن الجندي الذي حرر، وعن المفاوض الذي بذل جهدًا كبيرًا، وعن القائد الذي قال كلمته بأنه لن يتوقف عن المقاومة لاستعادة كل حبة رمل، كما كانت وتسجل في كتب التاريخ بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب.
عبرت الفنون المصرية عن لحظة لا يجب أن يقتصر التعبير على الوقت الذي نجح فيه أبناؤها في استرداد الحق، ولا أن نقف عند بعض الأغنيات الرائعة مثل "يا حبيبتي يا مصر"، و"مصر اليوم في عيد"، و"رايحين شايلين في إيدينا سلاح".
ولكن نتمنى أن نستلهم من هذا الحدث كل عام أعمالًا جديدة؛ لأنه ليس حدثًا وقتيًا أو مناسبة تمر مرور الكرام، بل هي مجد عظيم، وعلى كل جيل أن يعبر عنه بطريقته الخاصة، وليس فقط الآباء هم من يكتبون ويخرجون الأعمال ويتغنون به في تسجيلات قديمة.
عيد تحرير سيناء ليس مجرد مناسبة تمر مرور الكرام، بل حدث عندما يتذكره العدو يشعر بالعار، لأنه فشل في أن ينتزع حبة رمل من جندي مصري، وهذه في حد ذاتها بطولة أخرى سجلت للمصري الذي يعلم جيدًا أنه صاحب الحق، وأنه لن يقف في وجهه أحد حتى يستعيد كل حبة رمل، وبخاصة أن تلك الرمال معطرة بدماء أبنائنا، وشاهدة على عظمة الإنسان المصري.
نحتاج إلى مسابقات في الشعر، والسيناريو، والقصة، ومعارض للفنون التشكيلية، فقد كنا في المدارس والجامعات نحتفي بسيناء وبحرب أكتوبر في كراساتنا، ولا أعرف لماذا غابت كراسات الرسم عن مدارسنا، وكراسات الموسيقى، كانت حصص الرسم والموسيقى فرصة لغرس الانتماء في نفوس أبنائنا، لأن الأجيال الجديدة من التلاميذ والطلبة وحتى الجامعات لا يدركون قيمة وأهمية تلك اللحظة.