سيناء... ماذا قد يخط بناني!

25-4-2025 | 12:35

كل عام، وبالتحديد يوم الخامس والعشرين من أبريل، تهل علينا نسائم ذكرى عزيزة على كل قلب مصري حر، وقد لا أكون مبالغًا إذا قلت ذكرى عزيزة على قلب كل عربي تجري في عروقه دماء العروبة.

ذكرى تحمل ما تحمله من ذكريات ماض أليم شهدت عليه رمال هذه البقعة المباركة من أرض الوطن، ماض دنست فيه الأرض المباركة؛ حيث وطأته أخبث من أنجبت الإنسانية، أعداء البشرية، هؤلاء الصهاينة الملاعين محتلين حبيبتنا سيناء غدرًا ومكرًا وعمالة.

إلا أن الآلام تحولت إلى آمال؛ بعدما حررنا الوطن من رجس هؤلاء الأبالسة حفدة القردة والخنازير، بعدما طردناهم شر طردة، فأخرجناهم منها أذلة وهم صاغرون.

من خلال أبطال حملوا أرواحهم فوق أكتافهم مؤمنين بقدسية قضيتنا العادلة التي مفادها (الدار لنا، الأرض لنا)، صدقوا ما عاهدوا الله تعالى عليه فصدقهم الله تعالى (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ)، فكان النصر حليفهم (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ).

فعادت سيناء لنا، وعاد ما تبقى منها تحت وطأة المحتل الغاشم وفق بنود اتفاقية السلام التي تلقفتها تل أبيب تلقفًا، ورفعت راياتنا فوق كل سيناء الحبيبة، وفوق طابا بعد مفاوضات دامت نحو 7 سنوات لكن بفضل الله تعالى، وبفضل هيئة قضائية محنكة تم المراد.

وبدأت مسيرة البناء وتحولت الرمال الصفراء إلى منتجعات جاذبة للسياح، فأصبحت سيناء مزارات سياحية، وشدت إليها الرحلات السياحية الترفيهية، وكذلك السياحة العلاجية، ولا يزال التعمير مستمرًا ولم لا وسيناء جزء من كل، جزء أصيل من أرض الوطن فصارت واقعًا ملموسًا نحياه.

ولا يزال البناء والتعمير مستمرًا فسيناء باتت شغل القيادة الشاغل ومن حق أهلها أن ينعموا بكل مقومات الحياة المدنية الحديثة.

جميعنا يحتفل بهذه الذكرى العظيمة كل حسب رؤيته وحسب إمكانياته وحسب أدواته المتاحة، فهناك أشعار الشعراء التي تلقى في الأمسيات الثقافية التي تعقد في مثل هذه المناسبات، وهناك الندوات وهناك المهرجانات التي تكرم فيها أسر الشهداء.

وهناك تقام الاحتفالات كل حسب إمكانياته ولو حتى من يمسك بعلم يسير به في الشوارع، المهم الجميع يعبر عما يجيش بخلده حول هذه المناسبة الجليلة.

لكن في اعتقادي أن الاحتفال هذا العام سيكون مختلفًا بعض الشيء، وذلك لعدة أسباب مهمة أولها: التجرؤ والتطاول علينا الذي حدث من أمريكا، عبر ما يمكن أن نطلق عليه فرض سياسة الأمر الواقع عبر إملاءات علينا، وكأنهم أوصياء علينا أو أننا أداة في أيديهم نفعل ما يأمروننا به، من استقبال الإخوة الفلسطينيين إلى سيناء الحبيبة.

وكأن سيناء ملك يمينهم يدخلون من يشاؤون إليها وقتما يشاؤون ويخرجون من يشاؤون في أي وقت يشاؤون.

لكن هيهات هيهات أنى لهم هذا، فقد أعلنها القائد مدوية لا للتهجير، ونعم للإعمار متحديًا الجميع، ففرضنا رأينا على الجميع، ولم لا ونحن أصحاب أرض وأصحاب حق.

ثانيتها، عندما أعلنها فخامة الرئيس، قائلًا سيناء خط أحمر، ولنضع آلاف الخطوط تحت هذه العبارة، فخط أحمر؛ لأن رمالها الفيروزية محناة بدماء الأبطال، ومن ثم فالتفريط في حبة رمل منها حرام على الرجال.

كذلك سيناء خط أحمر؛ فجميعنا مستعدون للدفاع عنها بدمائنا وقد قالها الرئيس من فعلها قبل ذلك مستعد أن يفعلها مرات ومرات.

ثالثتها، حملات التأييد من جموع الشعب الهادرة التي ملأت شوارع مصر في صلاة عيد الفطر، معلنة الوقوف خلف القائد في الذود والدفاع عن سيناء، فلا تفريط.

فضلًا عن المظاهرات التي حملت الأعلام في رفح الحبيبة، معلنة أننا نحن هنا (حرس سلاح - خلي السلاح صاحي)، مما أربك الصهاينة، فجابت مظاهراتهم ربوع تل أبيب، وعلت أصواتهم لن نوجه بنادقنا ناحية مصر.

رابعها، تصريحات الصحف العبرية والإعلام العسكري الصهيوني أن الجيش المصري خرق بنود كامب ديفيد بنشره فرقًا من الجيش في سيناء، وزيادة بناء القواعد العسكرية، ودخول الأسلحة الثقيلة، ولم لا، هل نترك أراضينا هملًا بدون حماية.

خامسها، المناورات العسكرية الأخيرة بين مصر والصين أليست خير دليل على براعة وقدرة قواتنا المسلحة، وتلك رسالة مهمة للجميع أن مصر تأتي إليها جميع دول العالم للاستفادة من خبرات قادتها العسكريين.

سادسها، زيارة الرئيس الفرنسي لمصر وتجوله بأريحية في شوارع مصر وزيارته الميدانية لمستشفيات العريش ورفح، وتفقد حال الجرحى الغزاويين ومرافقة طائرات الرافال الفرنسية التي تحمل علم مصر، وعودته إلى بلاده مسبحًا بحمد مصر وكرم ضيافة مصر والتقدم التقني لمصر، مما دفعه إلى القول سنعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس في غضون شهور.

إن الاحتفال بذكرى تحرير سيناء هذا العام يحمل ما يحمله من المسرات والبشارات ليس لمصر وحدها بل لكل العالم.

فهنيئًا لكم أيها المصريون بسيناء، هنيئًا لكم يا عرب سيناء بسيناء، فأنتم مصر ومصر أنتم.

أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

كلمات البحث