في قلب وادي الراحة، وعلى مقربة خطوات من دير سانت كاترين، وقفت أمام باب خشبي بسيط يحمل عبق التاريخ وسكينة الروح.
موضوعات مقترحة
ففي الذكري الـ 43 لتحرير سيناء، زارت "بوابة الأهرام" استراحة السادات ومقر خلوته في قلب الوادي المقدس أمام جبل التجلي في سانت كاترين.
استراحة السادات لم تكن مجرد مأوى لرئيس دولة، يلجأ إليها في أصعب قرارات عرفها التاريخ الحديث، بل كانت ملاذًا لإنسان تاقت روحه للتجلي في حضرة الجبل، وللتقرب من الله في المكان الذي تجلى فيه سبحانه لموسى عليه السلام.
هذه الاستراحة، التي تحوّلت إلى متحف، تحمل بين جدرانها حكايات عن رئيس اختار أن يقضي فيها العشر الأواخر من رمضان بعيدًا عن صخب العاصمة، يتلو آيات القرآن الكريم ويستقبل بدو سيناء في جلسات تمتزج فيها الحكمة بالبساطة.
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
مكونات المتحف:
كل ركن في هذا المتحف ينطق بشخصية السادات السياسي المحنك والرئيس المؤمن "اللقب الذي أحبه وتصدر تحقيقات صحفية"، مصحفه الشخصي وسجادة صلاته، غليونه الشهير، صور نادرة توثق لحظاته في وادي الراحة، بالإضافة إلى تمثال ولوحة فنية أهدتهما له وزارة الثقافة.
لم تتغير الغرفة التي كان ينام فيها؛ سريره النحاسي، مكتبه الخشبي، حتى المطبخ والحمام ما زالا على حالهما، وكأن الزمن توقف احترامًا لهيبة الذكرى.
حتى الهدايا التي أهداه إياها البدو ما زالت محفوظة بعناية؛ أوانٍ فخارية، أدوات تراثية، وكنكة القهوة التي لطالما شاركهم بها أحاديث السمر.
وأنا أتجول بين أركان المكان، أحسست أنني لست أمام متحف، بل في حضرة سياسي عبقري عاش بسيطًا، ورحل عظيمًا. المكان كله يشع روحانية، يجبرك على التأمل، ويوقظ داخلك شعورًا نادرًا بالسكينة، كيف كان يلوذ بباب الرحمن في موقع التجلي ليكون في أبعد نقطة عن البشر وأقرب موقع لله، الذي وصفه الرحمن "الوادي المقدس طوي".
استراحة السادات اليوم ليست فقط جزءًا من مشروع “التجلي الأعظم” المشروع القومي الذي يحول مدينة سانت كاترين لتكون مزارًا عالميًا أرض للأديان والتسامح والملاذ الروحي الذي يليق بعظمة خص الله بها أرض مصر دون عن غيرها من العالمين، بل هي رسالة سلام للكون من أرض سيناء..
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
محتويات لا تعرف التكلف.. وتفيض بالحياة
عند الدخول إلى استراحة السادات، لا تستقبلك الفخامة، بل دفء التفاصيل، كل قطعة هنا تختزن لحظة، وكل زاوية تروي حكاية .
وداخل استراحة السادات بطل الحرب والسلام، رسالة مهمة تقول إن العظمة لا تُقاس بالبهرجة، بل بالصدق، والتأمل، والقدرة على الإصغاء لصوت الداخل.
أول ما تقع عليه العين، مصحف كبير وضع بعناية على منضدة خشبية، بجواره غليون السادات الشهير وسجادة صلاته، وكأنها تنتظر صاحبها ليعود وهي نفس السجادة الموجودة في صورة علي الحائط لأوقات.
وعلى الجدران، تنتشر صور نادرة له، يظهر فيها متأملاً بين الجبال، حافي القدمين أحيانًا تطبيقا لقول الآية الكريمة "اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوي"، مبتسمًا لبدو سيناء، أو سارحًا في الأفق وكأنه يرى ما لا نراه.
غرفة نومه ظلت كما هي؛ سرير بسيط من النحاس، أغطية قطنية خفيفة، وخزانة صغيرة. حتى أدواته الشخصية – فرشاة الحلاقة، نضارته، لا تزال تشهد على حضور لم يغادر، "بيجامته" الكستور المقلمة الشهيرة من إنتاج مصانع المحلة الكبري.
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
في حضرة السادات.. تأملات في خلوته بسانت كاترين
أما مكتبه، فهو الركن الأجمل، ليس لفخامته، بل لما يحمله من رمزية. مكتب خشبي مشغول يدويا، أوراق متفرقة، آلة كاتبة قديمة، وعدسة مكبرة. هناك أيضًا صور عائلية، ورسائل من محبيه، بعضها بخط أطفال، وكلها تنبض بالحب، تليفون للاتصال بالقيادة المركزية برئاسة الجمهورية تربطه بمسئولياته.
وشباك لا تري منه إلا أعظم ما يراه بشر"جبل التجلي"، ليعلن أنه هنا كان يجلس السادات يناجي ربه وينفرد بذاته ويدعو الله أن يؤتيه الحكمة.