أوروبا تولي ظهرها لإسرائيل

22-4-2025 | 13:45

ترامب أصاب أوروبا بالتخبط والحيرة، ولم تصمت دول الاتحاد الأوروبي طويلا، وقد بدأت باتخاذ تدابير عاجلة لترميم خسائر سقوط هذا التحالف التاريخي، ويعتبر مؤشرًا خطيرًا نحو تغيير ولاءات أوروبا المتفق عليها مع واشنطن في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وفي قول آخر تصريحات ترامب تنسف الرباط المقدس الغربي.

وكسرت ألمانيا حاجز بنود التحالف القديم مع واشنطن، وفتحت خزانتها لبناء ترسانة أسلحة ضخمة، وذلك منذ ولاية ترامب الأولى، حين صرح لرئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون" بأن الولايات المتحدة لن تقدم مساعدات لحلف شمال الأطلسي، وتكمن الخطورة في عودة اتصال ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبدوره ينهي اتصاله عزلة الغرب المفروضة على روسيا، واللقاء الساخن بين ترامب وزيلنيسكي قطع الشك باليقين، واتهمه باختلاس أموال المساعدات الأمريكية.

وألمانيا كقوة دولية تخطت قواعد الحلف الأطلسي، وسارعت منذ ولاية ترامب الأولى إلى تعزيز قواتها الدفاعية، وشرعت في بناء وتطوير أسطول بحري ضخم، خاصة أن ألمانيا منذ أن التحقت كعضو في منظمة حلف شمال الأطلسي تجنبت تسليح قواتها البحرية، واحتلت البحرية البريطانية والأمريكية مكان البحرية الألمانية.

وثارت ألمانيا على تعهداتها إزاء الحلف، وسعت إلى حلها فور قرارات ترامب الأولى في 2020، وخصص مجلس نواب الاتحاد الألماني حوالي 19 مليار يورو لتطوير قوات البحرية، وتمضي في تصنيع غواصات ذكية، وأول مهمة منوط بها هي حماية البنية التحتية في قاع البحر كخطوط الأنابيب وكبلات الطاقة والإنترنت، وفي المواجهة تطور موسكو على مدار الوقت قدراتها البحرية، وأرسلت ألمانيا فرقاطة بحرية إلى المحيط الهندي وأخرى إلى الهادي.

واعتقدت بعض قيادات أوروبا حين أعلن ترامب في ولايته الأولى نيته عن وقف المساعدات الأمريكية للقارة العجوز أن تصريحاته مجرد زوبعة في فنجان وستنقضي بسرعة، غير أنه عاد في ولايته الثانية، واعتمد قرارات فعلية دون الرجوع إلى حكام أوروبا، ويبدو أن قرارات ترامب لم تكن مفاجئة، إنما كان لها صدى من سنوات طويلة، حينما طالبت نخب أمريكية استعداد أوروبا الاعتماد على ذاتها وتطوير قواتها الدفاعية، ولخصت إذاعة مونت كارلو الفرنسية موقف ترامب عقب ترشيحه في قولها: إعلان الطلاق الأوروبي الأمريكي.. يكتب الفصل النهائي لمفهوم الغرب.

ويبرز سؤال هل ستظل لندن الحليف الإستراتيجي لواشنطن أم ستقر بالانفصال؟ وقرار ألمانيا بتحديث جيشها يعني انطواء كل دولة أوروبية على ذاتها وتغريدها خارج سرب الاتحاد الأوروبي، ومن هنا قد يبدأ سباق التسلح بين الدول الأوروبية، وهو مقدمة إلى تفكك المصالح الغربية، وإعادة لترتيب أولويات السياسات الداخلية والخارجية، وعلى رأسها مغازلة الصين لأوروبا، وإجراء تحالفات قوية بينهما، وذلك نكاية في أمريكا، ويمكننا الذهاب إلى أبعد من هذا، وأن نتصور خلال السنوات القادمة تضارب المصالح بين واشنطن وأوروبا تجاه الدعم الإسرائيلي، ولا سيما إمكانية إقرار دول أوروبية بتخفيض المساعدات للكيان الصهيوني، أو بمعنى آخر تولي بعض دول أوروبا ظهرها لإسرائيل، ولماذا نستبعد هذه الفرضية؟ ودول أوروبية أقرت بقيام دولة فلسطينية من وقت قريب.

[email protected]

كلمات البحث
الأكثر قراءة