إشكالية المنتجات المقلدة

21-4-2025 | 23:19

الاقتصاد المزور أضحى عبئًا ثقيلاً على الدولة المصرية، إذ يوجد في مصر 14 ألف علامة تجارية مزورة، وهناك تقديرات تشير إلى أن عدد مصانع بير السلم أصبح يساوي أو يزيد على عدد المصانع المرخصة، ويقدر بعض الخبراء حجم خسائر تقليد العلامات التجارية بنحو 360 مليون جنيه إلى نصف مليار جنيه. 

ولا يقتصر تقليد العلامات التجارية على بلد معين أو منطقة معينة من العالم، وإنما هو سرطان ينتشر في جسد كل الدول بلا استثناء، ولا يقتصر على مجال أو منتجات محددة، بل يشمل كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ. 

أما آثار ذلك على الشركات صاحبة العلامات الأصلية فحدث ولا حرج، أهمها هو التأثير السلبي على سمعة الماركة أو الشركة في السوق، بالإضافة إلى إحجام المستهلكين عن شرائها خوفًا من أن تكون مقلدة، وبالذات إذا كانت من المأكولات والمشروبات لارتباط ذلك المباشر بالصحة العامة، مما يؤدي إلى انخفاض مبيعات الشركة صاحبة العلامة الأصلية. 

وإذا استطاع مزور العلامة التجارية أن يصدر المنتج إلى دول أخرى فهنا تكون المصيبة مصيبتين، في الداخل والخارج، وسيتجاوز الضرر هنا الشركة صاحبة العلامة الأصلية إلى المساس بسمعة مصر كدولة تخرج منها المنتجات المقلدة؛ لتفسد أسواقًا أخرى في المنطقة. 

من البديهي أن نقول إن انتشار ظاهرة تقليد المنتجات يسبب ضررًا بالغًا لبيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في مصر، لأنه سيمثل أحد أسباب عزوف المستثمر عن دخول السوق المصرية، كما سيكلف الشركات صاحبة العلامة الأصلية أموالًا كثيرة متعلقة بتكاليف القضايا والحملات التسويقية اللازمة لتصحيح الصورة وجلاء الحق ودحض الباطل. 

على الجانب الآخر، اتخذت الدولة المصرية بعض الخطوات الأساسية المتعلقة بحماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية، حيث أطلق مجلس الوزراء الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية في سبتمبر 2022، كما تم تأسيس الجهاز المصري للملكية الفكرية مؤخرًا، وتم تعيين الدكتور هشام عزمي على رأس هذا الجهاز بدرجة وزير لمدة أربع سنوات بدءًا من أغسطس 2024. 

كل الآمال معلقة على الجهاز المصري للملكية الفكرية ورئيسه، حيث سيمثل الجهاز العمود الفقري لمواجهة المنتجات المقلدة على مستوى القطر المصري، كما سيقوم بتنسيق الجهود مع كافة الأطراف الحكومية وغير الحكومية، بما فيها الشركات المتضررة من تقليد منتجاتها. 

ومن المهم أن نشير إلى أهمية وجود شخصية مميزة على رأس الجهاز مثل الدكتور هشام عزمي وهو قامة فكرية كبيرة له باع في العمل العام ولديه رؤية ثاقبة لتناول ملف الملكية الفكرية. 

أعتقد أن على كل أصحاب المصلحة أن يبادروا باتخاذ مجموعة من الخطوات الأولية الضرورية لتمهيد الطريق نحو خطوات أكبر وأعمق لتحقيق الهدف المطلوب وهو تحجيم تداول المنتجات المقلدة إلى أقل حد ممكن في مصر... 

هذه الخطوات ألخصها كالآتي: 
تغليظ العقوبة في قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002. 

التوسع في جهود جهات إنفاذ القانون. مد جسور التعاون والتنسيق بين الجهاز المصري للملكية الفكرية والشركات المتضررة من تقليد العلامات التجارية. 
دعم الشركات للجهاز المصري للملكية الفكرية بكل الوسائل القانونية. 

تسجيل الشركات لعلاماتها التجارية أولًا بأول. 
تكثيف الجهود التوعوية لمختلف شرائح الشعب المصري. 

تدشين مؤتمر سنوي لحماية العلامات التجارية الأصلية يضم كل أصحاب المصلحة.
الاستفادة من خبرة مراكز الفكر والأبحاث. 
نقل وتطبيق التجارب الدولية الناجحة في مكافحة تقليد العلامات التجارية.

[email protected]

كلمات البحث
الأكثر قراءة