من عصر قدماء المصريين وحتى الآن.. تعرف على الأصل التاريخي لمائدة «شم النسيم»

21-4-2025 | 09:50
من عصر قدماء المصريين وحتى الآن تعرف على الأصل التاريخي لمائدة ;شم النسيم;مائدة شم النسيم
فاطمة عمارة

احتفل المصريون القدماء بعيد "شمو" ويعنى بالهيروغليفية عيد الحصاد، وهو في ‏الوقت نفسه أحد ثلاثة فصول قسم بها المصري القديم السنة، وفي العصر القبطى ‏تحول الاسم إلى شم، ثم أضيف إليه كلمة النسيم، ولأن شم النسيم هو الاحتفال بقدوم ‏فصل الحصاد، فلم يتخل عنه المصرى عبر الأزمنة حتى بعد أن اعتنقوا المسيحية ‏ثم الإسلام.‏

موضوعات مقترحة

وتم تحديد اليوم بميعاد الانقلاب الربيعى وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل والنهار، ‏وكانوا يعلنون عنه عند الهرم الأكبر حيث يجتمع الناس في احتفال رسمي، فيظهر ‏قرص الشمس قبل الغروب كأنه يجلس فوق الهرم، واختلف المؤرخون على تحديد ‏متى بدأ الاحتفال به، فيرجعه البعض إلى عصر ما قبل الأسرات وقبل بناء ‏الأهرامات بقرون طويلة، ويرى غيرهم أنه يعود إلى 4000 قبل الميلاد. 

أما ‏الغالبية من المؤرخين فيرون أنه بدأ الاحتفال رسميًا به اعتبارًا من عام 2700 ‏ق.م أى مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الرابعة، وانتقل إلى حضارات العالم القديم ‏من مصر، والحقيقة أنه بدأ شعبيا يحتفل به المزارعون حتى تحول إلى عيد رسمى ‏مع نهاية الأسرة الثالثة. ‏

وظلت عادات الاحتفال بالحصاد التى حرص عليها المصرى القديم مستمرة حتى ‏الآن، فيخرج الناس إلى الحدائق ويمرحون ويهللون، ويركبون القوارب النهرية، ‏وخصوا هذا اليوم ببعض المأكولات الخاصة وهى البيض والفسيخ والبصل ‏الأخضر والخس والملانة (الحمص).‏

ويوضح الأستاذ عصام ستاتى في كتابه (شم النسيم – أساطير وتاريخ وعادات ‏وطقوس) أن هذه الأطعمة الخمسة مرتبطة بخماسية الكف وأصابع اليد، ولها جذور ‏مقدسة ومرتبطة بالعقائد المصرية القديمة، وانتقل بعض من هذه المائدة إلى شعوب ‏العالم.‏

البيض

يسمى في الهيروغليفية (سوحت)، وبالقبطية سوحى، وكان بيض النعام يقدم كجزء ‏من الجزية التى تقدمها الشعوب المغلوبة لمصر، ويرمز في العقيدة المصرية القديمة ‏إلى خلق الحياة، وهى رمز الشمس المتجددة وانبثاق الحياة، وأما الرسم عليها ‏وزخرفتها فقد ارتبط هذا بليلة عيد شمو حيث كان المصري القديم ينقش على ‏البيض دعواته وأمنياته ويجمعها في سلال من سعف النخيل الأخضر ويعلقها في ‏شرفات المنازل أو أشجار الحدائق، ويبدأ العيد بتبادل التحية (دقة البيض) وإذا لم ‏تنكسر تتحقق الأمنية، ثم يأكلونها، وانتقلت تلك العادة إلى آسيا الصغرى وفلسطين، ‏أما تلوين البيض فقد ظهر في فلسطين بعد المسيحية وتم صبغه باللون الأحمر ثم ‏انتقل منها إلى مصر، إلا أن المصريين أضافوا ألوانا أخرى بعد هزيمة الصليبين ‏في المنصورة والذى وافق خروجهم في شم النسيم.‏

الفسيخ

عرف المصرى القديم السمك منذ بداية استقراره حول النيل، وحرم أكله ثلاثة ‏أشهر كل عام حيث تقل فيها مياه نهر النيل، ولذلك كانوا يحفظونه بالتجفيف ‏والتمليح وظهر هذا في رسومات على مقبرة (نب كاووحر) بسقارة، وظهر الفسيخ ‏منذ الأسرة الخامسة، ويوضح الكتاب، أن علماء البحار أكدوا وجهة نظر ‏المصريين القدماء في عدم أكل السمك الطازج في أوقات معينة بالسنة أنها تكون ‏فترة تكاثر للأسماك وتلك الشهور هى (يونيو ويوليو وأغسطس)، وذكر هيردوت ‏أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في الأعياد وأطلقوا عليه اسم "بور" وأصبح في ‏القبطية "بورى".

وكان السمك المملح يوصف للوقاية وعلاج بعض أنواع حميات ‏الربيع والوقاية من ضربات الشمس وذلك حسب بردية إبيرس الطبية، ويرجع ‏السبب العقائدى في هذه الوجبة إلى مفهوم أن الحياة وجميع المخلقات خلقت من ‏الماء، وكان يصاحبه دائما نباتات جزرية كناية عن فكرة الانبثاق من عالم الموت ‏السفلى.‏

البصل

ظهر على موائد القرابين في الأسرة الخامسة، وذكر هيرودوت أن المصريين كانوا ‏يأكلونه بكميات كبيرة، وكان يستخدم في الوصفات الطبية لعلاج العديد من ‏الأمراض، وظهر على مائدة شم النسيم مع الأسرة السادسة، وارتبط بأحد أساطير ‏منف التى تروى أن ابن أحد ملوك المصريين أصيب بمرض عضال وتوقف ‏الاحتفال بالأعياد وقدمت القرابين، وشُفى بعد أن أمر أحد الكهنة بوضع ثمرة ‏ناضجة من البصل تحت رأسه بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها مع شروق ‏الشمس ليستنشقها الأمير الصغير كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل فوق ‏السرير وعلى أبواب الغرف وبوابات القصر، ثم أتى شم النسيم بعد شفائه بأيام ‏فأمر الملك بتعليق البصل على أبواب البيوت، ومن ذلك الوقت حتى الآن أصبح ‏البصل ملازما للفسيخ في احتفالات ذلك اليوم.‏

الخس

ظهر الخس على جدران المعابد والمقابر منذ الأسرة الرابعة، وزرع منه أنواع ‏عديدة، اسمه بالهيروغليفية "عب" أو "حب" أو "عبو" وبالقبطية "أوب، اعتبره ‏المصريون القدماء من النباتات المقدسة، اشتهرت مدينة أخميم بزراعته، وذكر في ‏بردية إبيرس الطبية في 13 وصفه طبية، ويحتفل المصريون ببشائره في شم ‏النسيم.‏
الملانة والحمص 

هى الحمص الأخضر، عرف في مصر منذ الدولة القديمة، وأطلق على الحمص ‏اسم (حور بيك) بمعنى رأس الصقر، حيث إن الثمرة تشبه رأس حور الصقر ‏المقدس، وسموا الملانة طبول الحصاد لأن بنموها يكتمل الحصاد، وذلك لصدور ‏أصوات كقرع الطبول مع هبوب نسمات الربيع، وللحمص فوائد عدة ذكرتها ‏البرديات الطبية ويستخدم في علاج الكلى، الكبد، المثانة، ويقي الأطفال من ‏أمراض الربيع، ويستخدم مطحون الحمص في إيقاف نزيف الجروح، وكانت ‏الفتيات تصنع من الملانة الخضراء عقودا وأساور لتتزين.‏

ولم يكتفوا بهذه الأكلات الخمس في احتفالاتهم بل كان إلى جانبها الإوز والبط، ومن ‏تقاليدهم التزين بزهور الياسمين واسمه بالهيروغليفية (ياسمون)، وكذلك تكحيل ‏العين للوقاية من الرمد الربيعى.‏

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة