من المعلوم أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة كانت شرًا لا بد منه، مثل الدواء المر الذي لا بد أن يتعاطاه المريض حتى يشفى، وكان حتمًا ولا بد أن يتم اتخاذ هذه الإجراءات عاجلًا حتى يتعافى الاقتصاد المصري وليس آجلًا لأضرار هذا الأجل، ومنها صعوبة اتخاذ هذه الإجراءات في المستقبل لزيادة أعبائها المالية وزيادة الخلل والعجز في الميزانية العامة للدولة وبطء في عمليات النمو وعجز الدولة على جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية وضعف الاقتصاد وغيرها من السلبيات.
ولا شك أن غالبية المواطنين المصريين قد تحملوا رِضًا وقسرًا وطواعية وجبرًا تبعات هذه الإجراءات الاقتصادية القاسية وما زالوا، وخاصة الطبقات الوسطى وغالبية أصحاب المعاشات ومحدودي الدخل وغيرها من الفئات الفقيرة، وذلك من ارتفاع الأسعار الجنوني في السلع والخدمات وزيادة حالات التضخم بنسبة كبيرة.
والحقيقة أن الدولة كانت على فترات تقوم بزيادة الرواتب الحكومية والمعاشات بنسب لمواجهة التبعات السلبية لإجراءات الإصلاح الاقتصادي على المواطنين، ولكن عانى غالبية موظفي القطاع الخاص من تدني أجورهم وعدم التزام معظم أصحاب القطاع الخاص بتعليمات المجلس القومي للأجور بزيادة الرواتب للقطاع الخاص، وخاصة رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه شهريًا؛ لتخفيف العبء على المواطنين في ظل حالة التضخم الحالية.
والكل يشاهد بمقلتيه ويسمع بأذنيه ويعلم أنه في كل مرة يتم تحريك أسعار البنزين والسولار والغاز والمازوت للأعلى يقابله زيادة كبيرة ومطردة في أسعار السلع والخدمات جميعها بدون استثناء، حتى التي لا تؤثر عليها تحريك أسعار المحروقات بحجة أن أصحابها هم مستهلكون في النهاية وسوف يعانون من ارتفاع الأسعار، ولكن لا يقابل كل ذلك تحريك موازٍ في الأجور والمعاشات، فكيف يواجه غالبية الموظفين من الطبقة الوسطى وأصحاب المعاشات هذه الزيادات المتكررة في أسعار السلع والخدمات مع كل تحرك في أسعار المحروقات، خاصة أنه من المفترض أن هناك زيادات أخرى في أسعار الطاقة مستقبلًا.
وضروري وضروري جدًا مع كل تحرك في أسعار الطاقة يقابلها حزمة من الحماية الاجتماعية؛ سواء مالية أو عينية أو الاثنين معًا لطبقة الموظفين وأصحاب المعاشات خاصة، حتى يستطيعوا مواجهة غول الأسعار الذي يلتهم كل دخولهم مع أول خمسة أيام في بداية كل شهر، ويعيشون بالكاد والسلف والدين ومد اليد بقية الشهر، وهذا لتحقيق العدل والاستقرار والترابط الأسري والسلم الاجتماعي وحماية الوطن.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.