يحتفظ القضاء العُرفي بين أبناء البدو بمصطلحاته الخاصة التي تستمد أصولها من قاموس واسع تحكمه العادات والتقاليد التي تعارف عليها أبناء البادية في أحكامهم القضائية.
ويتميز أبناء البادية في أرض سيناء الحبيبة بقاموسهم اللغوي الفريد الذي يستمد أصوله من البيئة والتقاليد والأعراف التي تضرب في عمق التاريخ، وفي محاولة لجمع هذا الإرث اللغوي، قام الدكتور سليمان عباس البياضي، عضو اتحاد المؤرخين العرب وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بجمع قاموس خاص يضم مصطلحات القضاء العرفي في أرض الفيروز، مع ذكر معاني كل كلمة من كلمات التقاضي.
بعض المصطلحات المستخدمة في مجالس القضاء العشائري
نحن تبع وما نحن نبع
هذه العبارة تُستخدم للدلالة علي أن هناك أعراف، وتقاليد متبعة ومتفـق عليهـا، سار عليها الآباء والأجداد ونحن ملزمون بها، وهي تُـستخدم للتخفيـف علـي المتضرر في حالة تشدده في إعطاء العمار.
بين حقك وأسقطه
تُستخدم هذه العبارة دائماً في المصالحات، والتي تتم بالتراضي وليس بالتقاضي، ويقال فيها للمتضرر بين حقك واسقطه، أي قص حقك وحدد مقداره، وبعد ذلك جود به لله والرسول وحضور الخير.
أتحمل القالة وأشيل الثقالة
ويُقال أحياناً (يحط القالة والثقالة)، وبمعني أنه يتحمل كل ما يترتب عليه من حق سواء كان مادياً أو معنوياً، أي أنه يتحمل الملامة والمغارم المالية.
الرجال ما تنعدف
بمعني : أن راعي البيت الذي تم فيه خط القضاة الذين سينظرون القضية هو أول القضاة الذين سينظرون هذه القضية.
الحاضر حر والغايب مضطر
هذا القول خاص بموضوع الكفل، وبمعني أن الكفيل الحاضر يتم تعينه بإرادتـه (كفيل الوفاء)، أما الغائب فهو مجبر علي الكفل، ولا يستشار، وغالباً ما يكـون الكفيل الغائب هو كفيل الدفاء، أو شخص يتم رمي وجهه علي موضـوع معـين (علي الطلبة الفلانية وجه فلان).
هذا في عرض الكفيل لا شفة ولا هفه
غالباً ما يقال ذلك عند اصدار الحق من القاضي، وبمعني أن هذا الحـق الـذي أصدره القاضي مكفول ومضمون الدفع، في عرض الكفيل بلا نقصان أو مواربة.
قرش الكفيل بقرشين وسوقه بسوقين
بمعني : أن كفيل الوفاء إذا دفع ما كفله من حق، فإن كل قرش يدفعـه يـسترده مضاعفاً، وكل ما يسوقه أو يجلبه من حلال، ومتاع لإيفاء ما التزم به يـسترده مضاعفاً.
الكفيل إن دفع من حر ماله، وصلب حاله يلحق المثني
بمعني: إذا دفع الكفيل ما في وجهه من جيبه الخاص، فإنه يستحق أن يأخذ مـا دفعه مضاعفاً (الصف والمثني)، أي المال الأصلي وضعفه.
الكفيل دفاع خسار
بمعني : أن الكفيل يقع محل الأصيل (المدين الأصلي) إذا تخلف الأخير عن الدفع.
لا صار الخاطر معدود، العدل مفقود
أي أنه مادام هناك غاية ومحسوبية، فلن يكون هناك عدالة وإنصاف.
هذا ولد أقدر أحطه في الذفال، وأقرطه ملعب العيال
هذا دلالة علي التصغير وتقليل القيمة، وبمعني أنني أستطيع أن أضعه في رداء، وأقذف به في ملعب الأطفال دون أية مقاومة منه.
إن قعد ما شمر، وإن قام ما جمر
بمعني: أن هذا الرجل إذا جلس لقضاء حاجته فإنه لا يرفع ثيابه، وإذا ما انتهـي من قضاء حاجته فإنه لا ينظف جسده.
ينلط علي زوره، وينرد عن شورة
أي يضرب علي زوره ويرد عن رأيه، (ليس بصاحب قرار).
أنا في عرفي وقضاي
مقولة يقولها القاضي العرفي قبل تشريع الحق وإصدار الحكم.
حقك منكوت اسندني علي معدوفي
مقولة يقولها المتضرر من حكم القاضي، وتعني أن المتـضرر يـرفض قـرار القاضي، ويطلب إحالته إلي القاضي الذي ادخره (عدفه)، وهذه المقولة كمن يقدم طلب استئناف في القضاء العادي.
حق جاني أشده ما أهده
مقولة يقولها أي قاضي في قضية حكم بها قاضي سابق، وحولت إليه للاستئناف، وبمعني أنني أدعم وأؤيد قرار القاضي السابق.
أنت في حقك أجحفت، ومن ربك ما خفت (اسندني علي معدوفي)
يقولها المتضرر من حكم القاضي، ويعبر فيها عن عـدم رضـاه عـن الحكـم الصادر، وأن القاضي ظلمه، ويطلب منه إحالته إلى القاضي الذي أدخره (عدفه).
غلام مكتوف أو أربعين وقوف
قاعدة عرفية تُستخدم في قصاص القتل، وتعني إما أن يُقدم غلاماً مكتوف الأيدي لذبحه بدلاً عن القتيل، وإما أن يقدم أربعين من الإبل دية للقتيل.
هرج مقرع في بيت مشرع.
بمعنى كلام موزون في بيت مفتوح وأمام العامة.
كل دابة معلقة من كراعها
بمعني: أن كل شخص مسئول عن أفعاله.
الرجل يربط من لسانه، والشاه من كراعها
بمعني: أن الرجل لابد وأن يفي بما تعهد به.
لا علي دم شهود، ولا علي عيب ورود
بمعني: أن الدم يحدده صاحبه، ولا يحتاج إلي شهادة، وأن المرأة مصدقة بمـا تدعيه علي الرجل، لأنه من غير مصلحة المرأة وأهلها الإدعاء كذباً لما سيلحقهم من عار.
من حمد الله لا في دم نقيع ولا عصب قطيع
تقال هذه العبارة للتخفيف علي المتخاصمين، وبمعني أن المشكلة التـي حـصلت بسيطة وليست فيها جروح وإعاقات.
جرح اللسان أصعب من جرح السنان
بمعني أن الكلام الجارح، والتعرض لأعراض الناس بالقول أصعب من ضربات السيف.
غلط اللسان إضراط أفم
تُستخدم للتخفيف علي المتضرر في حالة خطأ اللسان، وبمعني أن الخطـأ الـذي حصل هو عبارة عن حديث فارغ ليس له أهمية.
هذي رزقة مشروي عند راعي البيت في كل ما يهمني
تُقال هذه العبارة عند القاضي الأول الذي ينظر القضية، وغالباً ما تُقال عند ربط العلوم في بيت الملم، ويقوم أحد الأطراف بتقديم رزقة (رسم قضية) استعداداً لأن يأخذ ماله ويدفع ما عليه (رزقة مشروي، وتعني رزقة بيع وشراء.
هذه رزقتي في خير مي في شر
عندما يقدم الخصم رزقته، فإنه من الأدب أن يقول أن هذه الرزقة في خير مـع تمنياته بأن تكون نتائج الجلسة خيراً وليست شراً، (أي أنه يتمني الخير والبعد عن المشاكل).
ودي يسلمني رسنه حتي آخذ حقي منه من عند أهل العلم
أي أنني أطالبه أن يمتثل للأعراف والتقاليد، ويقابلني عند قاضي؛ لكي أخذ حقـي منه.
كيف تقول هذا الرجل ما بيكفل، وهو بكرجه مليان وما إنثلم في ديوان
في حالة أن رفض الخصم الكفيل الذي قدمه له قبيله، فإن قبيله يحتج بهذا القول، وبمعني: كيف ترفض كفالة هذا الرجل، وهو صاحب ديـوان ولـم يجـرح أو يخدش أو تسفه أقواله في أي مجلس.
هذا لا يعرك ولا يدرك
بمعني : أن هذا الرجل لا يؤخذ علي أفعاله (سفيه).
لا جته منا آسية ولا دروب ردية
أي أننا لم نُسيء لهذا الرجل، ولم نُفكر في إيذائه.
حطيته بين ساق ودليل، ولزمته باللزم والكفيل
أي أنني وضعت خصمي أمام الأدلة الدامغة علي إدانته، والزمته بالكفل المناسب لمثل هذه القضية.
أنا أريد السلاك ولا أنا طلاب للهلاك
بمعني: أنني أبحث عن إنهاء المشكلة وليس إلى تأجيج الصراع المهلك للطرفين.
هذا كلام بهتان من لسانه للشيطان
يًقال هذا الحديث للتدليل على الكذب، والإدعاء الباطل ووسوسة الشيطان.
ما جينا عليه بأسا ولا بضربه عصا
أي أننا لم نعتدى عليه لا بالقول ولا بالفعل.
أنا لا هييت ولا ساسيت ولا واسيت
بمعنى: أنني لم أخطط ولم أساعد على هذا الفعل وليس لي أية مسئولية.
عقبة فلان ولا هو من العاقبين
كلمة يقولها القاضي عند تشريع الحجج، وتعنى بأن المدعى عليه قد قال رداً على حجة المدعى كذا وكذا، وأن حديثه بعد حديث المدعى ليس تقليلاً لشأنه بل قيمته وكرامته محفوظة.
علقنا رزقكم وشرعنا حججكم والصلحة على الجماعة
هذا الحديث يقوله القاضي بعد تشريع الحجج للخصمين، لكى يعطـى الفرصـة الأخيرة للمصالحة، أي أنه يطلب مساعده حضور الخير في التدخل للمصالحة ، وأن تنتهى القضية بالتراضي وليس بالتقاضي، وتعنى كلمة علقنا رزقكم أي أننـا سنعيدها في حالة مصالحتكم، أما إذا صدر قـرار الحكـم فلـن تعـاد الرزقـة لأصحابها.
عليه رزقة ما له حجة
هذا الكلام عبارة عن شرط يضعه المتضرر عند إعطاءه العمار للجاني، ويعنـى أنه في حالة الجلوس عند القاضي فإن الجاني، عليه أن يدفع رسم القضية ولـيس له الحق في الحديث أو الدفاع عن نفسه.
خلى ثوبها قداد وخرزها بداد
هذه العبارة تُقال في حجة المتضرر في قضايا العرض، وفـى قـضية صايحه الضحى بالذات، وتعنى بأن الجاني مزق ثياب الضحية وبدد خرز قلادتها وهـى تقاوم الاعتداء.
من عود الخيزران باع ومن القماش الأبيض ذراع .
هذا نوع من العقوبات الأدبية، وعلي الجاني أن يجهز ثلاث رايات بيضاء مثبتـة في أعواد من الخيزران لتعليقها في ثلاث بيوت يحددها القاضي أو المتضرر فـي حالة إذا كان حقه في لسانه، ويستخدم التنبيض في حالات العرض وتقطيع الوجه والتسويد.
عطوة صافية، أصفي من القمح الأحمر والبن الأخضر
عبارة تُقال من الجاهه لإرضاء المتضرر، بأننا جاهزون أن نأخذ منـك عطـوة صافية بلا أي شائبة.
خادم تقود وعبد يسوق.
عبارة ترد علي لسان القاضي من ضمن الحقوق التي يفرضها علـي الجـاني، وخاصة في قضايا العرض، وبمعني أن علي الجاني أو أهله أن يحـضر جمـلاً تقوده عبده ويسوقه عبد.
من يوم ما هب ريحها ونبت شيحها وأنا فليحها
عبارة تُقال من المدعي أو المدعي عليه في قضايا الأرض عند أهل الديار، وتعني أنني أملك هذه الأرض منذ أن خُلقت.
من يوم ما انبسط ترابها وزعق غرابها وأنا كرابها
عبارة تعني نفس المعني السابق (وكرابها يعني حراثها).
وكاد وهرج ركاد
أي أنه شيء أكيد وقول ناضج وهادئ.
في حنية وركبة مثنية
أي أن الحديث في مجلـس عـامر بالرجـال الجالـسين المتـربعين، ولـيس المضطجعين.
إن لقيت اللوي إلوى
وتُقال هذه العبارة في حالة التهرب من الموضوع الأصلي، ومحاولة الإفـلات، وبمعني أن خصمك إذا بدأ في التهرب والتسويف فافعل مثله.
التقى النقي إن دورت فيه العيبة ما تنلقي
وتطلق هذه الصفة علي الشاهد، وبمعني أنه متدين ونظيف من كل العيوب.
خط حدود أرضك وبالنار بردها
من بدأ في قضايا الأرض وبمعني أنك تستطيع أن تحدد أرضك وتثبت ملكيتك لهـا وذلك بعد لحس البشعة.
باراته علي براته
بمعني أن براءة المتهم مرتبطة بدفع أتعاب المبشع.
الدم مسرابه واحد
ويعني ذلك: أن خمسة الجاني مسؤولة عن الحدث، وأن أي فرد في هذه الخمسة يمكن الثأر منه لأن الأصول واحدة.
الكرم مثل السيف الطايب، ما هو مقصور علي شب ولا شايب
ويستخدم هذا القول لحث الشباب علي الكرم وقراء الضيف.
برجليه وقوف وبعيونه بيشوف
ويقصد هنا بالشاهد الذي حضر الواقعة.
ثلاثة مع اللزيم
ويقصد بذلك ثلاثة قضاة سينظرون القضية والكفل اللازم.
ثلاثة من خشم تسعة
ويقصد بذلك ثلاثة قضاه من تسعة المنشد.
جاعت وأكلت قراها
ويقصد بذلك الشخص الذي يعتدي علي أقرب المقربين منه.
الحق وصاحبه اثنان
أي أنه حق واضح وثابت.
خاين الإبل ما يجيها دلبحة.
أي أن من يريد أن يسرق الإبل يأتيها واقفاً ومنتصب القامة، وهذا قول يـستخدم للحث علي الشهامة والكبرياء وينهي عن الغدر والغيلة.
غسيلنا في سيلنا
هذا القول يستخدم للحث علي أن تحل المشاكل العائلية داخل العائلة دون شوشـرة أو فضيحه.
من ساق وما ذاق له نصف السياق
أي أن من خطب فتاه، ودفع مهرها ولم يدخل بها، وافترقا فله نـصف المهـر المدفوع.
من دفع السياق مسك الساق.
وهذا القول يستخدم في حالة النزاع علي فتاة وعليه: فمن خطب ودفـع المهـر وكتب الكتاب، فإن هذه الفتاة تكون من حقه حتي لو تبدي بها قريبها.
حاطة بين سحري ونحري
هذا القول يستخدم للدلالة علي مسئولية قائلة الكاملة المادية والمعنوية عن شخص آخر، ومستعد للدفاع عنه وتحصيل حقوقه ودفع ما عليه بكل الوسائل.
يوردون على بير ويحملون علي بعير
يستخدم هذا القول في حالة أخذ العمار بين عائلتين متنازعتين، ولكن هذا القول لا يطبق في الواقع، لأن الجاني وربعه يحاولون الابتعاد عن مـساكن ومـضارب المتضرر وعشيرته درءاً للمشاكل.
الصبر زين ومنه مقضاة ثنتين، تكسب جميل وتأخذ الحق وافي
هذا القول يستخدم للحث على الصبر وتحكيم العقل وعدم التهور.
في ديوان وبكرج مليان
أي في مجلس للرجال يحتسون فيه القهوة.
في بيته يؤتي الحكم
ويعني ذلك: إن القاضي لا ينظر القضية ويحكم فيها إلا في بيته.
الدم مغطي العيب
ويعني ذلك: أن القتل يفوق كل ما سواه من الجرائم، وهناك تفسير آخـر بـأن القتل يمحو العار وذلك في قضايا العرض.
عصب قطيع ودم نقيع
بمعني أن هناك ضرب مبرح أدي إلي إسالة الدماء بغزارة، وإعاقات جسدية.
الدم ما عليه فوال
ويستخدم هذا القول لنشر العمار بين الناس وتطويـق المـشاكل، ويعنـي أن أي عضو في العشيرة ومن خمسة المجني عليه يستطيع إعطاء العمار، ولا يـستطيع أحد أن يلغي قوله (يفوله)، ولكن لا يجدد هذا العمار إلا بحضور كبير العشيرة أو صاحب الحق.
إهدام وإردام
وهذا القول مأخوذ من الهدم والردم، وبمعني التـصافي وإنهـاء المـشكلة بـين المتخاصمين، وقد يقال بنفس المعني إحفار ودفان أي هنا حفرنا وهنا دفنـا هـذه المشكلة.
صاحبك في البر شولق له
ويحذر هذا المثل من الاستهانة بالناس واحراجهم، وحفظ كرامتهم، أما إذا أردت المزاح فبإمكانك المزاح مع صديقك بدون احراجه أمام الناس، ويقال أيضاً فـي هذا السياق (شلاق والخيل طلاق) وهذا القول كناية عن الحرية المطلقة، وكلمـة شُولق تعني رفع رجله مستهيناً بمن أمامه.
قوم تواست ما غلبت
أي إذا عمت المساواة والعدل بين القوم فإنهم لن يغلبوا.
أنا طالع عن الناس الفلانيين، لا أشاركهم لا في المال المشلول، ولا فـي الرجل المقتول
ويستخدم هذا القول في حالة طلوع شخص أو مجموعة، عن شخص أو مجموعة من خمستهم في ديوان وبكرج مليان، وبعد ذبح شاه الطلوع وقراء من في الديوان، ويعتبر ذلك براءة مطلقه بين الطالع والمطلوع عنه (راجع موضوع الطلوع).
أنا دافع بعير النوم لا اسارية ولا ابارية أذبحه ومش ايدك في رواق بيتي
هذا القول يستخدم في حالة قبول المتضرر بعير النوم من أحد أفراد، أو مجموعة من خمسة القاتل، ويعلن من دفع بعير النوم (من تبرأ عن الجاني)، بأنه سـيقطع كل علاقة له بالجاني، وليس له بالجاني أي علاقة (راجع موضوع الطلوع).
د. سليمان عباس البياضي
عضو اتحاد المؤرخين العرب
د. سليمان عباس البياضي