الكتاب لا يشجع على الطلاق ولكنه يشرح طرقا مختلفة تساعد على التماسك الأسرى
موضوعات مقترحة
فى حالة استحالة العشرة وحين يصبح الانفصال أمرا لا مفر منه فلابد أن يكون "طلاقا صحيا"
أثار كتاب "أيوه أنا اتطلقت" للكاتبة ومرشدة العلاقات النفسية والأسرية "آية إيهاب"جدلا كبيرا منذ أول ظهور له فى معرض الكتاب حيث تصور البعض أنه يشجع على الطلاق ولكن الحقيقة غير ذلك تماما فرغم أن العنوان يبدو صادما وجريئا ويعد صوتا صريحا للمرأة المطلقة إلا أن الكتاب خصص فصلا كاملا لأثر الطلاق على الرجل والضرر الذى يقع عليه.. وهذا ما سوف نعرفه من مؤلفة الكتاب وما إن كان يدعو للطلاق أم لاستمرار كيان الأسرة والحفاظ عليها وعلى الصحة النفسية للأبناء.
أيهما كان أكثر إثارة للجدل عنوان الكتاب أم مضمونه؟
أنا أصلا لم أتوقع أن يثير الكتاب كل هذا الجدل خاصة أنى كنت أقصد من عنوان الكتاب منظورا آخر تماما غير الذى أخذه الناس وقالوا إنه يشجع على الطلاق وهو كلام غير صحيح على الإطلاق.. فأنا أصلا مرشدة علاقات أسرية وزوجية يعنى طبيعة عملى ودورى المجتمعى هو مساعدة أى شخص عنده مشكلة أو خلاف مع شريك حياته على تجاوز الأمور ومحاولة إيجاد طرق للتفاهم وتحسين العلاقة من أجل استمرار الحياة والحفاظ على كيان الأسرة وفى حالة استحالة العشرة فلابد أن يكون الطلاق صحيا سواء للرجل أو المرأة ومن ثم فكتاب "أيوة أنا إتطلقت" هو محاولة لتصحيح المفاهيم الخاطئة فى الزواج والطلاق.
وكيف يكون الطلاق صحياً؟
بأن يضع كل طرف من الاثنين نفسه مكان الآخر ويستوعب مشاعره وظروفه والمخاوف التى وصلت به لطلب الطلاق وأن يدركا أن العشرة التى كانت بينهما تستحق أن يقدر كل منهما الآخر ويعطيه كامل حقوقه المعنوية والمادية لأن الطلاق لايعنى بالضرورة أن هناك طرفا جيدا وآخر سيئا إنما وارد جدا أن يكون الاثنان ممتازين ولكن غير متفاهمين أو أنهما تزوجا فى سن صغيرة ومع الوقت والسن والنضج أفكارهما ومشاعرهما تغيرت مع الزمن وبالتالى احتياحاتهما تغيرت لذا فالزواج فى سن صغيرة عادة ما ينتهى بالطلاق مع السنين والخبرة خاصة إذا لم يكن الزوجان على نفس المستوى من النضج وهنا ستحدث فجوة بينهما تؤدى الى الانفصال لذا فلابد أننا كل فترة نحب بعض بشكلنا وأفكارنا الجديدة أو بمعنى آخر نجدد المحبة حتى نحافظ على علاقتنا ببعض والتواصل بيننا ونفهم أن الشخص الذى كنا نحبه من عشر سنين مختلف تماما عن الشخص الذى نعيش معه الآن لأننا نتغير مع الزمن.
أعتقد أنه بقدر رصيد المودة والرحمة فى الزواج بقدر ما يكون الطلاق صحيا؟
مضبوط جدا ولكن هذا يتطلب أن يكون الطرفان على نفس القدر من المودة والرحمة وأن يتجاوز الشخص الذى كان يريد استمرار الزواج مشاعر الرفض لأن الإنسان بطبيعته كلما واجه مشاعر بالرفض كلما كان أكثر عنفا وعدوانية لكن إذا تقبل الأمر وتعامل معه على أنه شىء طبيعى سيتجاوز هذا الشعور ويحافظ على المودة بعد الطلاق وهو أمر غاية فى الأهمية خاصة لو كان فى أولاد لأنه يمنحهما حياة صحية بعد الطلاق.
لماذا أصبح الطلاق هو الحل الأسهل؟
بالنسبة للأجيال الجديدة أو الشباب أصبح الطلاق سهلا لأنهم لم يعوا أهمية وقدسية الحياة الزوجية خاصة لو كانوا خارجين من أسر غير مترابطة أو نشأوا بين أب وأم منفصلين فلم يدركوا قيمة الأسرة وأهمية تربية الأولاد بين الأب والأم وبالنسبة للكبار فى الأربعينات والخمسينات وهى مرحلة أصبحت تشهد حالات طلاق لاحصر لها لأنها مراحل انتقالية وبالمناسبة من أخطر المراحل الانتقالية وأعقدها سن الأربعين لأن الإنسان فيها يعيد حساباته مع نفسه على كل المستويات ومشكلتها أن الإنسان قد يتخذ فيها قرارات غير متزنة لأنه ينتقل من وعى لوعى لذلك مهم جدا فى تلك المرحلة أن نلجأ لمتخصص نفسى يساعدنا على اتخاذ القرارات الصحيحة وبعد تجاوزها نبدأ نفكر فى القرارات التى يمكن اتخاذها سواء فى الزواج أو الشغل أو غيره من القرارات المصيرية.
مع ارتفاع نسب الانفصال.. هل أصبح الطلاق حالة اجتماعية عادية أم فشل؟
أنا أراه أنه حالة اجتماعية عادية مثل المتزوج والأرمل والعازب.. فلا يوجد شىء اسمه فشل فى الزواج وإنما سبب الطلاق عادة يكون غياب التفاهم والاحتواء بين الطرفين لذا فالانفصال هو تصحيح خطأ ومحاولة تجنبه فى فرص الحياة جديدة كما أنه يخلق تحديا عند الرجل والمرأة ليحسن من نفسه فى تجربة الزواج الثانى أما كون الطلاق فشل فهى فكرة خاطئة صدرتت إلينا وهى أصلا ليست حقيقية فأى شخص فى الدنيا معرض لأنه يختار خطأ أو يتصور أنه يحب ويكتشف مع العشرة أن تلك المشاعر كانت مجرد إعجاب أو انبهار ومع الوقت اختفت وأصبح الاستمرار مستحيلا وبالتالى فالطلاق ليس فشلا ولكنه تجربة أصابت فى أشياء وأخطأت فى أشياء أخرى وعلينا التعلم من الخطأ وتحسين الصواب وخلق نسخة أفضل من أنفسنا.
كلامك معناه أن التجربة الجديدة نسخة محسنة من التجربة القديمة؟
الى حد ما ولكن مهم جدا ألا نظلم التجربة الجديدة بالقديمة وألا نقارن كل شخص بالآخر لأن كل تجربة لها معطياتها وظروفها لذا فلابد عندما نخوض ارتباطا أو زواجا جديدا أن ننسى تماما ما سبق ونركز فى نفسنا ونطور منها والمناسب لنا بناء على ما تعلمناه من تجربتنا السابقة.
من الأكثر تأثرا بالطلاق الرجل أم المرأة؟
الاثنان.. لذا أنا خصصت فصلا كاملا فى الكتاب بعنوان "الرجل والطلاق" لأننا كلنا أمام الألم والخسارة سواء.. والوجع هنا لايفرق بين رجل وامرأة فالنفس البشرية واحدة وبالتالى كلنا نشعر بنفس الألم والمخاوف والقلق والفرق الوحيد بين الرجل والمرأة هنا فى التحديات التى تواجه كلا منهما بعد الطلاق وبالمناسبة التحديات التى تواجه الرجل بعد الطلاق ليست سهلة وأضيفى عليها أن المجتمع يفرض عليه ألا يظهر ضعفه عكس المرأة التى يسمح لها بذلك وحتى لو الرجل تزوج بعد فترة من الطلاق يواجه اتهامات بالخيانة والتخاذل والأنانية أما المرأة لو تزوجت فيقولون إنها وجدت العوض والسند والأمان.. يعنى فى أوقات كثيرة الرجل يكون أكثر تأثرا وضررا بالطلاق، وهذا ما حاولت شرحه فى الكتاب بمنتهى الحيادية لعله يكون مرشدا للقارئ عن واجبات وحقوق كل طرف من الزوجين تجاه الآخر ولكن عموما فيما يخص التأثير بالطلاق فأنا أرى أن الرجل والمرأة يقع عليهما نفس الضرر.
ألا ترين أن المرأة مازالت الطرف الأكثر ضررا بسبب نظرة المجتمع للمطلقة؟
الحقيقة أن الجدل الذى أثاره الكتاب دليل على صدق كلامك وعلى أن الطلاق مازال "بعبع" المرأة ولكنى أرى أن هذه النظرة غالبا ما تحدث فى أول الطلاق وسرعان ما يتم تجاوزها خاصة أن المرأة الآن أصبحت قادرة على مواجهة الظروف والتحديات التى تتعرض لها بعد الانفصال سواء وجدت الدعم ممن حولها أو لا؛ لأنها إن لم تجده فتستطيع أن توفره لنفسها لذا أدهشنى جدا الجدل المثار حول الكتاب من أنى مطلقة وأفتخر أو سعيدة بالطلاق مع أن من قال هذا الكلام لو كان قرأ فقط المكتوب على ظهر الكتاب لاكتشف أن الكتاب يشجع على الحفاظ على قيمة وقدسية الزواج.
أنت عندك تجربة شخصية مع الطلاق.. فهل حرصت على أن يكون طلاقك صحيا؟
طبعا حاولت بكل الطرق، وإن لم يكن من أجلى فلابد أن يكون الطلاق صحيا من أجل ابنى فالأبناء يستحقون أن نفعل المستحيل من أجلهم وأن نوفر لهم حياة هادئة حفاظا على نفسيتهم وسلامتهم لأن تعامل الآباء مع الطلاق هى التى تحدد شكل علاقات الأبناء فى حياتهم بعد ذلك.
هل هناك خطوات معينة يمكن أن تساعد الزوجين على تجنب الطلاق؟
أولا يجب أن يكون تجنب الطلاق قرارا داخليا، ولكن المشكلة أن معظم الأجيال الجديدة تعرضوا لعلاقات مشوهة مما يجعلهم غير قادرين على التعامل مع تحديات الاختلافات فى الزواج؛ لذا فمن أهم الخطوات التى تساعد على تجنب الطلاق بذل أقصى جهد لتفهم الآخر وتنازل كل طرف من أجل الآخر حفاظا على الاستمرار بنجاح وهدوء.