الثوابت المصرية

17-4-2025 | 13:30
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن

الشعب المصري وقواته المسلحة قدَّما الكثير من التضحيات على مختلف المستويات

صَبْراً جَمِيلاً ما أقربَ الفَرَجَا     من رَاقَبَ اللَّهَ فِي الأمورِ نَجَا

منْ صدق الله لم ينلهُ أذى         ومن رجَاهُ يكونُ حيثُ رَجَا

"الإمام الشافعى"

مصر دولة ليست كأي دولة، ففي الوقت الذى كانت الفوضى تعم العالم وتحكمه قوانين الغابات، كانت فى مصر دولة، قيادة وجيشا وشعبا، بل ومؤسسات بالمفهوم الحالى لمؤسسات الدولة، وهذا الإرث التاريخى للدولة المصرية جعل ثوابتها الأخلاقية والسياسية أركانًا لا تهتز أمام أى متغيرات.

قامت مصر وتقوم بدورها فى منطقة الشرق الأوسط وفى العالم وفق هذه الثوابت الأخلاقية والسياسية، والقضية الفلسطينية منذ نشأتها هى واحدة من ثوابت الدولة المصرية التى لم ولن تتغير.

فعلى مدار القضية الفلسطينية وموقف مصر واضح ومعلن مع الشعب الفلسطينى فى دولته، وفى حق العودة، وفى تقرير مصيره، وأنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بحل الدولتين.

تتغير الحكومات محليا وعالميا وتتبدل مواقف البعض إلا الموقف المصرى فإنه ثابت ولم يتغير، أقول هذا الكلام فى رسالة طمأنة للشعب المصرى وأيضا للشعب الفلسطينى خاصة بعد ما تردد ويتردد عن حلول غير واقعية تنافى الأخلاق وتنافى القوانين الدولية، وما يتردد من تهديد ووعيد تارة بالجحيم أو التهجير، وتارة بالريفيرا الفلسطينية.

وكلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى في الندوة التثقيفية 41 للقوات المسلحة احتفالا بيوم الشهيد والمحارب القديم، واضحة وضوح الشمس لكل من يرى ويسمع، فقال سيادته:

"على الرغم من الأحداث المتلاحقة التى يمر بها العالم ومنطقتنا، والمخاطر والتهديدات التى خلفت واقعًا مضطربًا، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومساعى مصر الدائمة، لتقديم رؤى من أجل تحقيق الأمن والسلم للمنطقة، كفاعـل رئيسى فى هـذه القضـية التى أوضحت فيها مصر منذ بدايتها، موقفًا ثابتًا راسخًا، بأنه لا حل لهذه القضية، إلا من خلال العمل على تحقيق العدل، وإقامة الدولة الفلسطينية، عدم القبول بتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه تحت أى مسمى، ولم يكن هذا الموقف ليتحقق إلا بوعى الشعب المصرى، واصطفافه حول القيادة السياسية، معبرًا وبجلاء عن صدق النية وحب الوطن".

وختم كلمته بتقديم التحية للشعب الفلسطينى الصامد فوق أرضه. مؤكدًا أننا سنقدم لهم كل عمل من شأنه أن يساندهم فى معركة البقاء والمصير.

هذا هو الموقف المصرى بدون أى مزايدات أو مهاترات من التى تتردد هنا أو هناك، أو تترد على وسائل التواصل الاجتماعى، وموقف السيد الرئيس يتطابق كليًّا مع موقف الشعب المصرى باختلاف تياراته واتجاهاته المتباينة.

فالشعب المصرى وقواته المسلحة قدَّما العديد من التضحيات على مختلف المستويات، لا أعتقد أن هناك شعبا فى المنطقة كلها قدم مثل تضحيات الشعب المصرى وقواته المسلحة، فهى تضحيات مزينة بدماء أبطالنا من الشهداء.

وبخلاف تضحيات الدم والشهداء دفع الاقتصاد المصرى فاتورة باهظة نتيجة للأحداث التى تجرى فى المنطقة وعلى قمتها القضية الفلسطينية، ففى حفل إفطار القوات المسلحة كشف السيد الرئيس عن ذلك، قائلا:

"الظروف الصعبة التى يمر بها العالم ومنطقة الشرق الأوسط أثرت فى مصر، موضحًا أن مصر استطاعت التحرك بخطى ثابتة ومدروسة على الرغم من التحديات التى واجهتها خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، بما فى ذلك الأزمات الاقتصادية التى تأثر بها العالم أيضًا؛ حيث تتكبد الدولة خسائر شهرية تقدر بنحو 800 مليون دولار من إيرادات قناة السويس بسبب الأوضاع فى المنطقة".

فالخسائر الشهرية التى يتكبدها الاقتصاد المصرى تقدر بـ 800 مليون دولار وهو رقم كبير جدا ومؤثر فى أى اقتصاد من اقتصادات العالم، ولكن على الرغم من ضخامة المبلغ وتأثيره ظل الموقف المصر ثابتًا، ولِمَ لا وهو موقف أخلاقى ويحترم القوانين والمواثيق الدولية؟!

ولكن هل هذه الخسائر تدعو إلى القلق؟! عاد الرئيس مطمئنًا للمصرين، مؤكدا:

"أن الاقتصاد المصرى يشهد مؤشرات إيجابية، مشيرًا إلى موافقة صندوق النقد الدولى مؤخرًا على صرف شريحة جديدة لمصر، كما أشاد سيادته بدور الشعب المصرى وتماسكه وقوة مؤسسات الدولة، وخصوصًا القوات المسلحة والشرطة المدنية؛ حيث تمثلًان الركيزة الأساسية للدولة فى هذه الأوقات الاستثنائية".

أبطالنا وأبطال من ورق دراما رمضان

 فى سياق مختلف، ولكنى أعتقد أنه وثيق الصلة، الدراما فى رمضان هى الأعلى ضجيجًا كل عام، لا شك أن الأعمال الدرامية فى هذا العصر تؤثر تأثيرًا كبيرًا فى الشعوب وفى وعيهم وفى أخلاقياتهم وسلوكياتهم؛ لهذا لم أندهش من ملاحظة الرئيس وأيضا ملاحظة السيد رئيس الوزراء حول مجمل الأعمال الدرامية هذا العام، ففى الإجمال لن تجد بطلا من أبطال الأعمال الدرامية هذا العام بمنزلة القدوة للشباب، ولكن أغلب الأبطال الدراميين أبطال من ورق غير نظيف؛ إما بلطجى، أو نشال، أو تاجر مخدرات، أو تاجر آثار. على هذا المنوال، سارت غالبية الأعمال الدرامية، فهل هذه هى النماذج التى تقدمها الدراما كنموذج أخلاقى للشباب أو للشعب؟! أعتقد وبكل تأكيد أن الإجابة لا. ويصبح السؤال: هل تاريخنا الحالى والماضى الذى يمتد لما يزيد على 7 آلاف عام يخلو من نموذج بطل يستحق أن نسجل بطولته كنموذج للشباب يسهم فى تشكيل وعيهم؟! وأيضا الإجابة بكل يقين هى لا، فتاريخنا الحديث والمعاصر ممتلئ بنماذج على جميع المستويات حققت العديد من البطولات سواء عسكرية، أو إنجازات علمية، أو إنجازات رياضية وغيرها فى مختلف المجالات، جديرون بأن نسجل تاريخهم فى الأعمال الدرامية.

من منا لا يذكر مثلا الفنان محمد صبحى وعمله الذى أذيع فى رمضان على أكثر من جزء «سنبل بعد المليون» الذى رصد قصة كفاح شاب مصرى فى جمع أول مليون وفى استصلاح الصحراء، وغيرها من أعماله الهادفة، أو الأعمال الدرامية التى رصدت تاريخ ثورة 1952 من خلال مسلسل «ليالى الحلمية»، أو الأعمال التى رصدت بطولات رجال المخابرات من «جمعة الشوان» إلى «رأفت الهجان» وغيرهما، أو فى القريب مسلسل "الاختيار"و"هجمة مرتدة".

من حسن الطالع أن السيد الرئيس انتبه إلى هذا الأمر، وشدد عليه؛ حيث:

"أكد ضرورة تنشئة الأجيال على القيم والأخلاق المصرية الأصيلة، مشددًا على الدور الجوهرى للإعلام المصرى فى هذا المجال، إلى جانب دور الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة فى بناء مجتمع قوى، ووجه سيادته الحكومة إلى المشاركة فى هذه الجهود الإعلامية من أجل بناء مواطن مصرى متمسك بمبادئ وثوابت المجتمع"، نعم التحديات كثيرة ولكن ثوابتنا واضحة.

وَللهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.

حَفِظَ اللهُ مِصْرَ وَحَفِظَ شَعْبَهَا وَجَيْشَهَا وَقَائِدَهَا..

كلمات البحث