في قلب القاهرة التاريخية، حيث تتشابك الأزقة الضيقة مع عبق التاريخ، ينبعث مشروع "بيوت الخليفة" كأحد المبادرات الرائدة لإحياء التراث العمراني المصري والحفاظ على هوية المدينة القديمة، حيث يهدف المشروع إلى ترميم وإعادة تأهيل عدد من البيوت التراثية في حي الخليفة، الذي يُعد من أغنى المناطق بالآثار الإسلامية والمباني ذات القيمة المعمارية الفريدة، وذلك بمشاركة مجتمعية فعالة ودعم من مؤسسات ثقافية محلية ودولية.
موضوعات مقترحة
يأتي هذا المشروع في وقت تواجه فيه القاهرة التاريخية تحديات جسيمة تتمثل في الإهمال العمراني والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعل "بيوت الخليفة" نموذجًا يُحتذى به في الربط بين الحفاظ على التراث والتنمية المستدامة، وبين جهود الترميم، والفعاليات الثقافية، ومشاركة السكان المحليين، تتحول هذه المبادرة إلى حراك مجتمعي نابض، يسعى لإعادة الحياة إلى شوارع طالما شكلت جزءًا من هوية العاصمة المصرية.
إطلاق مشروع "بيوت الخليفة"
تحت رعاية المجلس الأعلى للآثار وبالتعاون مع القطاع الخاص تم إطلاق مشروع "بيوت الخليفة" لتجديد المناطق الحضرية في شارع الركبية، والذي يهدف إلى إعادة إحياء النسيج العمراني في قلب القاهرة التاريخية ومعالجة أكثر الأنماط العمرانية عرضة للخطر، حيث يأتي هذا المشروع بالتعاون مع جمعية الفكر العمراني وبدعم من المجلس الأعلى للآثار، حيث يهدف هذا المشروع إلى الحفاظ على المعالم الأثرية والمباني التاريخية وإعادة تأهيلها.
مشروع "بيوت الخليفة"
يقع مشروع "بيوت الخليفة" في قلب القاهرة التاريخية، المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، ويهدف إلى ترميم المباني الأثرية وإعادة تأهيل النسيج العمراني مع الحفاظ على الهوية الثقافية وتحسين جودة حياة السكان، حيث يمتد المشروع على مساحة 3000 متر مربع في شارع الركبية، ويتضمن ترميم مبنيين تاريخيين، وتجديد 19 واجهة لمباني حديثة، وتطوير المساحات العامة بمساحة 1200 متر مربع عبر التبليط والتشجير والإنارة، كما يشمل إنشاء مزرعتين حضريتين يتم ريّهما بمياه جوفية تم جمعها من مشاريع خفض منسوب المياه الجوفية في المواقع الأثرية، وتعزيز الصناعات التراثية، وتوفير فرص تعليمية ومهنية، في إطار حرص مدينة مصر على تحقيق تنمية مستدامة والحفاظ على التراث المصري وإبراز مكانة القاهرة كوجهة سياحية عالمية.
تطوير المناطق الأثرية والتراثية
إيماناً بأهمية تطوير المناطق الأثرية والتراثية يقول المهندس عبد الله سلام، الخبير بقطاع تطوير المباني " نفخر أن نكون جزءًا من مشروع “بيوت الخليفة” الذي يهدف إلى إعادة إحياء النسيج العمراني المهدد، وخاصة في المناطق الأثرية والتراثية، هذا التوجه يتماشى مع تاريخنا الممتد ، مضوحا لعبنا خلالهم دورًا محوريًا في تنمية وتطوير مدن ومجتمعات عمرانية متكاملة ومستدامة.
وأضاف "التعاون مع جمعية الفكر العمراني، والمجلس الأعلى للآثار يمثل نموذجا للشراكات الاستراتيجية التي تحقق القيمة المضافة للمجتمع وتجسد التزامنا بالارتقاء بجودة حياة الأفراد والمجتمعات التي نعمل بها".
التراث محرك رئيسي للتنمية
يعد التراث محرك رئيسي للتنمية، حيث تقول الدكتورة مي الابراشي، رئيس مجلس الإدارة لجمعية الفكر العمراني، إن تطوير مشروع "بيوت الخليفة"، وهو ما يمثل شراكة استراتيجية بين القطاع الخاص والمجتمع المدني في إحياء النسيج العمراني المحيط بالمعالم الأثرية والمباني التاريخية المتواجدة بالمنطقة"، مضيفة أن "إدراج هذا الموقع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو نظرًا لتراثه الحي يعكس رؤيتنا بأن التراث محرك رئيسي للتنمية، فهو ليس ماضي نعيشه ولكنه ركيزة أساسية تشكل من خلالها رسم مستقبل الأجيال القادمة".
نبذة عن مشروع "بيوت الخليفة"
يُعد مشروع "بيوت الخليفة" جزءًا من مبادرة "الأثر لنا" التي أطلقتها جمعية الفكر العمراني في منطقة الخليفة منذ عام 2012، ويعتمد نهجًا تشاركيًا يدمج بين الحفاظ على التراث، والتمكين الاجتماعي والاقتصادي من خلال الصناعات التراثية والتنمية العمرانية المستدامة. يرتبط المشروع بمبادرتين وطنيتين لتطوير السياحة، وهما تطوير ميدان القلعة على بُعد 500 متر شرق الموقع، ومسار أحفاد النبي الذي يمتد عبره المشروع، والمقرر أن يبدأ تنفيذ مشروع "بيوت الخليفة" في مايو 2025 ولمدة ثلاث سنوات.
وعلى صعيد الاستدامة البيئية يركز المشروع على استخدام مواد صديقة للبيئة وتقنيات بناء مستدامة، كما يسهم في تحسين جودة الحياة وتوفير فرص عمل، ليشكل نموذجًا متكاملًا في الحفاظ على التراث وتنمية المجتمعات المحلية.