رغم التقدم المجتمعي، وارتفاع أصوات الحملات الحقوقية، لا تزال ظاهرة التحرش الجنسي تشكل تهديدًا حقيقيًا لأمن وسلامة الأفراد، خاصة النساء والفتيات في العالم العربي. هي جريمة غالبًا ما تُمارس في العلن، لكن يُراد لها أن تظل في الخفاء، تحت عباءة الصمت والخوف والوصمة المجتمعية.
موضوعات مقترحة
انتشار مقلق
بحسب دراسة صادرة عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن ما يقارب 99% من النساء في بعض الدول العربية قد تعرضن لنوع من أنواع التحرش، سواء كان لفظيًا، جسديًا، أو إلكترونيًا. ورغم تجريم الظاهرة قانونيًا، إلا أن الواقع يقول إن كثيرًا من الحالات لا يتم التبليغ عنها، مما يفتح الباب أمام تفشي الظاهرة دون رادع فعّال.
قصص من الواقع
رصدت أجهزة أمن القاهرة مقطع فيديو على إحدى صفحات منصة التواصل الاجتماعي لفتاة تشكو مسنا بالتحرش بها داخل ميني باص، وألقت القبض على المتهم المتحرش بها بعد 48 ساعة فقط من الحادث.
وفي مشهد مأساوي شهدت منطقة الهرم جريمة قتل في منطقة اللبيني؛ حيث لقي شاب يدعى "بيشوي" مصرعه بعد محاولة الدفاع عن شقيقته إثر تعرضها لمضايقات من أحد الأشخاص أثناء سيرهما سويًا، ليسقط جثة هامدة غارقًا في دمائه؛ حيث لشراء ملابس العيد، قام خمسة أشخاص بمضايقتها والتحرش بها لفظيًا.
وفي وقت سابق قرر المحامي العام لنيابات جنوب المنيا إحالة قضية طفل تم هتك عرضه من قبل مدرب جيم داخل إحدى قرى محافظة المنيا، إلى محكمة الجنايات بمحافظة بني سويف، تمهيدا لتحديد أولى جلسات المحاكمة، وترجع تفاصيل الواقعة إلى تقدم والدة الطفل الذي يبلغ من العمر 13 ببلاغ تتهم فيه مدرب الجيم الخاص بنجلها هتك عرضه والاعتداء عليه جنسيًا.
اقرأ أيضا:
دافع عن شقيقته فدفع حياته ثمنًا لذلك.. قرارات النيابة في مقتل شاب بالهرم
استشارية نفسية توضح الأضرار التي يعانيها الأطفال من التحرش الجنسي
التحرش الإلكتروني ساحة جديدة للجريمة
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، برز نوع جديد من التحرش، يُمارس خلف الشاشات. صور غير لائقة، رسائل موحية، ومضايقات متكررة. الضحية هنا تكون غالبًا وحدها في مواجهة المعتدي، ولا حماية واضحة أو إجراءات رادعة كافية من المنصات.
ظاهرة التحرش
رأي القانون
ومن جانبه، يقول الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوي، وأستاذ القانون الجنائي على سبيل المثال، تنص المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات على معاقبة المتحرش بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ومع إمكانية تشديد العقوبة حسب طبيعة الفعل. ومع ذلك، تبقى المشكلة الكبرى في التنفيذ، وإثبات الجريمة.
الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع
رأي الخبراء
وتقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن التحرش ليس مشكلة فردية، بل سلوك يعكس خللًا في ثقافة المجتمع، خاصة عندما يتم تحميل الضحية مسؤولية ما حدث لها، مؤكدة على أن التحرش ليس "مزحة ثقيلة" ولا "تصرف عابر"، بل جريمة تؤذي النفوس، وتكسر الثقة في المجتمع. ما لم تتم مواجهتها بحزم، سنظل نعيش في بيئة غير آمنة. الصمت لم يعد خيارًا.
الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية
وتؤكد عبير سليمان، باحثة في قضايا المرأة، أن التوعية، وتشديد القوانين، وتوفير آليات آمنة للإبلاغ، هي مفاتيح أساسية للحد من هذه الظاهرة.
عبير سليمان، باحثة في قضايا المرأة