الإناء المُراقَب لا يغلي أبدًا

14-4-2025 | 16:58

"الإناء المُراقَب لا يغلي أبدًا" (A watched pot never boils)، حكمة ساقها الغرب إلينا، تُعلِّمنا أن التركيز الزائد في أمر يُرجى حدوثه، يجعلنا أكثر قلقًا وتوترًا، وأكثر استشعارًا بثقل الوقت، ومشقة الزمن، بل وقد يقتل قدرتنا الآنية، على الاستمتاع بالحاضر. 

وغالبًا لا تعطيك الحياة ما تنتظره، حين تراقبه بلهفة، بل حين تنشغل عنه بالعمل وبالصبر وبالدعاء، وعندها، كثيرًا ما تأتيك الدنيا وهي راغمة! نصح أحدهم أخاه، فقال له: "لا تثقل يومك بهموم غدك، فقد لا تأتي هموم غدك، وتكون قد حُرِمتَ سرور يومك". 

حياتنا كلها تسير وفقًا لمنظومة دقيقة، شديدة الروعة، عظيمة الإبداع، وضع قواعدها الخالق سبحانه، قد يفهم الإنسان بعضًا من أحداثها، لكنه يقف حيران متعجبًا، من الجانب الأكبر من هذه الأحداث! كيف حدثت؟ ولماذا؟ وما الحكمة؟ هُنا تتجلى روعة الإيمان الصادق، الذي يحمل في طياته الطمأنينة الكاملة.

فالمؤمن سعيد في السراء، صابر على الضراء، ينعم بغناه، ولا يُحزنه فقره، يسعد بعافيته، ولا يسأم لسقمه! بل: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}. لماذا؟ لأنه تيقن من الحقيقة الثابتة: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}. مَنْ هو؟ إنه الله، وأي أمر؟ كل أمر، في كل مكان وزمان، صعبًا كان، أو حتى مستحيلًا. 

المؤمن الحق، مأمور بالسعي، راضٍ بالنصيب، وصحة الأبدان، من صحة الأذهان، وهذه الأخيرة يُعييها دومًا التفكير في النتائج. 

فلا تراقب النتيجة، بل راقب عملك، وأحسن صنيعك، وخذ بالأسباب كلها، فإن كان التوفيق حليفك، فهو: {جَزَاءً وِفَاقًا}، وإن كان غير ذلك، فهي إرادة الله وحكمته، وهو الأعلم بالأصلح، وهو يقينًا: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}.

عش بآمالك، ولا تتخلَّ عن أحلامك، وفي كل الأحوال، ارض بما قسم الله لك، تكن أغنى الناس. أعللُ النفسَ بالآمال أرقبُها، ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: