لم تشهد إسرائيل يومًا كل هذه الأزمات المتلاحقة منذ 7 أكتوبر 2023؛ فقد تغيرت كل تفاصيل الحياة، ومن المؤكد أن ما قبل 7 أكتوبر لن يعود أبدًا..
هذه ليست أمنيات بل "رصد" للواقع الإسرائيلي من خلال تصريحات أبرز المسئولين بها وكبار العسكريين، وأهم الصحفيين.. لم يُحاصر الإسرائيليين من قبل بيت رئيس وزراء وهم يطالبون باستقالته "لفشله" في إدارة الدولة، كما فعلوا مع نتنياهو، ولم يضطر رئيس الوزراء إلى "الاختباء" وعقد جلسات الحكومة في مبنى تحت الأرض كما فعل "ويفعل" نتنياهو بعد استهداف حزب الله لبيته في العام الماضي؛ ولم يُحاكم رئيس وزراء وهو في الحكم وفي قاعة محصنة تحت الأرض يُحاكم فيها عتاة المجرمين كما يُحاكم نتنياهو.
ولم نر رئيس وزراء إسرائيلي يجلس مرتبكًا أمام رئيس أمريكي كما فعل نتنياهو في الزيارة الأخيرة لأمريكا؛ فقد "باغته" ترامب أمام الجميع في المؤتمر الصحفي وأعلن عن "رغبته" في إجراء مفاوضات "مباشرة" مع إيران والتفاهم حول مشروعها النووي وعقد اتفاق جديد معها!! وكان واضحًا أثر الصدمة على نتنياهو، وكيف لا تصدمه؟ وقد أقام مشروعه السياسي منذ تقلده رئاسة الوزراء لأول مرة في عام 1995 على العمل على القضاء على قوة إيران، وخاصة برنامجها النووي الذي يثق أنه يشكل "خطرًا" وجوديًا على إسرائيل.. وحاول تحريض بايدن على شن حرب على إيران، وفشل، وواصل التحريض مع ترامب وكان "يبدو" أن الأخير سيستجيب له وكعادة ترامب؛ فلا أحد يمكن أن يُجزم ما هي الخطوة التالية له؛ لذا باغت نتنياهو وأعلن أمام الكاميرات "سعيه" للاتفاق مع إيران، مما يعني القضاء على مشاركة أمريكا في الهجوم على إيران، وربما عدم منح إسرائيل الموافقة على الحرب مع إيران فضلًا عن تقديم الدعم العسكري والسياسي والإعلامي، كما فعلت وتفعل مع الحرب على غزة، ودعم إسرائيل في استمرار الخروقات المتزايدة للاتفاق مع لبنان "والتوغل" في سوريا والاستمرار في القضاء على ما تبقى من مؤسساتها العسكرية..
كما بدت الصدمة على نتنياهو عندما طالبه ترامب بضرورة منع الصدام مع الرئيس التركي في سوريا؛ حيث يتصارعان على تقسيم مناطق النفوذ بها وأمره "علنًا" بضرورة التفاهم مع أردوغان؛ لأنه "أيضًا" صديق لترامب..
بدا نتنياهو في وجوم وهو الذي كان منتعشًا في الزيارة السابقة، وعاد إلى إسرائيل وسبقته الصحف العبرية في الانتقادات، والتي تزايدت مع رفض المحكمة العليا الإسرائيلية قرار نتنياهو بإقالة رئيس الشاباك، واعتبرته تعديًا على القانون "واحتكارًا" لكل السلطات في يد نتنياهو.
كما تضاعفت الاحتجاجات ضده من أسر الأسرى المطالبين بإنهاء الحرب "فورًا" والذهاب لعقد اتفاق مع المقاومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأسرى الباقين على قيد الحياة قبل قتلهم في القصف الإسرائيلي على غزة، كما حدث مع غيرهم واستعادة جثث من ماتوا في الأسر، وقالوا: نحن والأسرى "رهائن" عند نتنياهو، وأمهلوه حتى انتهاء عيد الفصح، وإلا سيضاعفون الاحتجاجات. ونتوقف عند "التمرد" العلني في الجيش الإسرائيلي فقد طالب ألف مجند من سلاح الجو في رسالة علنية بضرورة استعادة الأسرى دون أي تأخير ولو كان "الثمن" إيقاف الحرب، وأكدوا أن الحرب الآن تخدم أهدافًا سياسية "وشخصية" وليس مصالح أمنية، وأن استمرارها لن يحقق أيًا من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى مقتل أفراد وجنود ومدنيين أبرياء وطالبوا الإسرائيليين بالتحرك للمطالبة بوقف القتال.
وأعلنت القناة 12 الإسرائيلية انضمام ألفين من أعضاء الهيئات الأكاديمية بالتعليم العالي إلى أفراد سلاح الجو المطالبين بإنهاء الحرب وإعادة المختطفين، وانضمام جنود من الكوماندوز البحري ولواء المظليين وهيئة الأركان العامة.
وقال نائب رئيس الكنيست: هذا تمرد ضد الجيش الذي قرر إعفاء 970 جنديًا طالبوا بإنهاء الحرب في سابقة لم تحدث من قبل، كما انضم للتمرد جنود احتياط من الاستخبارات الإسرائيلية.
وكتب موقع "يسرائيل هوم" نقلا عن نتنياهو: كل من يشجع على رفض الخدمة في الجيش يجب فصله فورًا. تتحدى هذه الرسائل "العلنية" نتنياهو الذي يرى أن زيادة الضغط العسكري على غزة سيؤدي إلى استسلام المقاومة وتحرير الأسرى بعد أن يروا "الجحيم" الذي توعدهم به ترامب، ثم نتنياهو القائل: هذه الرسائل تكتبها مجموعات صغيرة كالأعشاب الضارة وتمولها جهات أجنبية!!
يخاف نتنياهو من انقسام في الجيش والاحتجاج الأكبر وغير المسبوق داخل الجيش، واحتجاج على استئناف الحرب، بينما يتهرب الحريدم اليهود المتدينون من التجنيد.
كما فوجئ الإسرائيليون بهجوم من المقاومة بالصواريخ، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه لم يقضي إلا على 25% من أنفاق المقاومة بعد أكثر من عام ونصف من الحرب، وتوقفت الملاحة تمامًا في البحر الأحمر.
وذكر الإعلام العبري أن ميناء إيلات أصبح مهجورًا ولا يمكن الاستفادة منه بعد ضربات الحوثيين المتتابعة للسفن المتوجهة لإسرائيل.
وذكرت وثيقة لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن تكلفة احتلال غزة تبلغ 25 مليار شيكل سنويًا؛ مما يشكل عبئًا هائلًا على الاقتصاد الإسرائيلي.
والآن يحارب الجيش الصهيوني "فقط" على أطراف المدن في غزة، ولا يقتحمها "خوفًا" من الكمائن، وصرح أكثر من قائد عسكري بأن المجتمع الإسرائيلي "لا" يتحمل المزيد من الخسائر.
بينما وجدنا فتيات غزة الصغيرات يقلن: بالرغم من الدمار واستشهاد أكثر الأهل فنحن "راضون" وصابرون ولن نتخلى عن بلدنا، بينما رفض مستوطنو الشمال العودة للمستوطنات خوفًا من حزب الله، وهاجر الأثرياء الصهاينة من إسرائيل وغالبية العلماء وأصحاب الجنسيات المزدوجة.