رأت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، أنه رغم أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سبب انقساما حادا بين المملكة المتحدة وبقية دول أوروبا مؤخرا، إلا أن السياسة الخارجية المزعزعة التي تنتهجها إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب في التعامل مع دول الاتحاد الاوروبي، قد تدفع أوروبا للاعتماد على بريطانيا مجدًدا، لا سيما في مجال الدفاع عن أمن القارة الأوروبية، متساءلة عن مدى فرص لندن في تولى مهمة الدفاع عن أمن أوروبا بدلا من واشنطن؟.
موضوعات مقترحة
وسلطت المجلة- في تقرير- الضوء على تعليق إدارة ترامب مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا الشهر الماضي، وهي أبرز القضايا التي تهيمن على المحادثات الأمنية بين كبرى الدول الأوروبية في الوقت الراهن، مما دفع أوروبا للبحث عن قيادة عسكرية جديدة للدفاع عن أوكرانيا ــ وكذلك حدودها ــ ضد العدوان الروسي.
واستطردت المجلة بالقول "بينما تتدهور العلاقات بين دول أوروبا والناتو وأمريكا، وجدت القارة الأوروبية قائدا عسكريا جديدا محتملا، وهي بريطانيا، وذلك على الرغم من خروجها من الاتحاد الأوروبي في 2016 (البريكسيت).
وأبرزت المجلة تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ببلاده لدور أكبر في سعي أوروبا لحماية أوكرانيا، وحماية نفسها.
وأشارت إلى أن ستارمر، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعهدا بإنشاء تحالف لتنسيق الدعم الدفاعي لأوكرانيا، بل وكجزء من هذه الخطة، أعلنت بريطانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي عزمها نشر قوات في مواقع استراتيجية في أوكرانيا.
ووفقا للتقرير، أعربت بريطانيا أيضا عن استعدادها لمناقشة مشاركة قوة ردعها النووي مع القارة الأوروبية، حيث إن بريطانيا وفرنسا هما الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان، إلى جانب روسيا، اللتان تمتلكان أسلحة نووية.
ولكن المجلة الأمريكية رأت أن وضع بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تاريخها الطويل والمعقد أحيانا مع أوروبا - وخاصة فرنسا- خفف من حماس قادة الاتحاد الأوروبي للشراكة مع المملكة المتحدة في مجال الدفاع، لاسيما تسبب عدة قضايا- وخاصة حقوق الصيد- في عرقلة العمل بالفعل.
ووفقا للتقرير، تعد بريطانيا شريكا طبيعيا للاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن ناخبيها تجنبوا الاتحاد في عام 2016. وتتمتع المملكة المتحدة بعلاقة دفاعية وثيقة بشكل خاص مع فرنسا؛ فكلاهما عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مسلح نوويا، ولديهما قواعد عسكرية في جميع أنحاء العالم.
ونقلت المجلة عن مدير معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية في باريس ستيفن إيفرتس، قوله: "يجب علينا حماية الأوروبيين من جميع التهديدات. ولا يمكننا تحقيق ذلك بدون بريطانيا".
ورغم أن ألمانيا أعلنت، في شهر مارس الماضي، أنها تعدل دستورها للسماح باقتراض مئات المليارات من اليورو لأغراض الدفاع، فإنها لا تزال مثقلة بماضيها النازي، وكانت مترددة في ممارسة قوتها العسكرية المحتملة.
ونقلت المجلة عن لوك أندريه برونيه، المحاضر في التاريخ الدولي المعاصر في الجامعة المفتوحة في ميلتون كينز، بريطانيا: قوله إن "تعاون فرنسا وبريطانيا وخاصة في مجال الدفاع مهم للغاية لأمن القارة الأوروبية، حيث إن العلاقة الفرنسية البريطانية فريدة من نوعها ولا غنى عنها".
من جانبه.. قال نيك ويتني، وهو زميل بارز في السياسة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في لندن: "لا يزال هناك قدر كبير من الاستياء وعدم الثقة في بريطانيا، وهو مرتبط إلى حد كبير بخروج بريطانيا من أوروبا".