في العلاقات العاطفية، من الطبيعي المرور بفترات من الشك. وقد تتساءل أحيانًا عمّا إذا كان شريكك هو الشخص المناسب حقًا، أو ما إذا كانت هناك جوانب في العلاقة تحتاج إلى تحسين.
ورغم أن لحظات عدم اليقين هذه قد تبدو مقلقة، فإن دراسة حديثة نشرتها مجلة Marie France أظهرت أن الشك في العلاقة لا يُعد بالضرورة أمرًا سلبيًا. فقد أجرت الباحثة جوليا زوبولات وزملاؤها سلسلة من الدراسات التي كشفت نتائجها عن جانب مفاجئ: فترات الشك قد تكون مفيدة على المدى الطويل.

الشك قد يقود إلى تجديد العلاقة
الدراسة، التي نشرت أيضًا في PsyPost، ضمّت ثلاث مراحل بحثية.
في الدراسة الأولى، شارك 665 شخصًا على علاقة عاطفية من جنسيات متعددة، حيث أُجري الاستبيان خلال جائحة كوفيد-19، وطلب من المشاركين التعبير عن مشاعرهم المتضاربة ما بين الشك واليقين تجاه شركائهم، إلى جانب سلوكياتهم المرتبطة بالعلاقة.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين راودتهم مشاعر متناقضة عبّروا عن نمط تفكير بنّاء ومدمّر في آنٍ واحد. فقد أشار البعض إلى أن الشك دفعهم إلى التفكير في سبل تحسين العلاقة، في حين أظهر آخرون ميولًا إلى الابتعاد. لكن المثير أن هذا التناقض لم يكن سلبيًا بالكامل، بل قد يساهم في تعزيز الالتزام على المدى الطويل.
التناقض العاطفي: علامة على وعي عاطفي لا خلل
في دراسة ثانية شملت 171 زوجًا شابًا في هولندا، تبيّن أن الأيام التي يشعر فيها المشاركون بتناقض عاطفي تجاه سلوك الشريك كانت أيامًا مليئة بالتفكير العميق في طبيعة العلاقة، سواء بصورة إيجابية أو سلبية.
ويُعزى هذا التناقض إلى عوامل مثل التوقعات غير المحققة، النزاعات غير المحلولة، أو حتى الخوف من الالتزام.
لكن الباحثين خلصوا إلى أن هذه المشاعر لا تمثّل تهديدًا للعلاقة بقدر ما تمثّل فرصة لإعادة التقييم والنمو المشترك.

الشك… أداة لفهم الذات والشريك
كما أوضح زوبولات وزملاؤه، فإن التناقض العاطفي في لحظات الشك يلعب دورًا مهمًا في صياغة الأفكار والسلوكيات اليومية، إذ يساعد الأفراد على فهم توقعاتهم وتوقعات شركائهم بشكل أوضح.
وهكذا، بدلاً من الخوف من الشك، ربما حان الوقت لاعتباره فرصة لإعادة بناء العلاقة على أسس أكثر نضجًا ووعيًا.