يقف «الجامع العتيق» وسط محافظة سوهاج شامخًا، شاهدًا على نحو 200 عام من التاريخ الإسلامي العريق، تعانق أصالته نبض الحياة في منطقة القيسارية التجارية.
موضوعات مقترحة
يعود بناء الجامع العتيق أو المسجد الفرشوطي إلى العصر الفاطمي؛ إلا أن قصته الحقيقية بدأت مع رجلٍ جليل وُلد عام 1203 هـ في مدينة فرشوط بمحافظة قنا، الشيخ عبدالمنعم بن إبراهيم الفرشوطي، الذي قرر عام 1223 هـ أن يترك مسقط رأسه، ويستقر في محافظة سوهاج؛ ليتحول المسجد إلى منارة للعلم والعبادة.
الجامع العتيق أو المسجد الفرشوطيظل الشيخ الفرشوطي يؤدي رسالته الدينية حتى وفاته عام 1275 هـ، تاركًا ورائه إرثًا روحانيًا استمر عبر سلسلة من أبنائه وأحفاده، مثل الشيخ بكري والشيخ إبراهيم ومحمد وأبو المجد وسعد الفرشوطي، الذين حافظوا على إشعال شعلة العلم في المسجد لأجيال.
وبحلول عام 1382 هـ، انضم المسجد إلى وزارة الأوقاف، التي أمدته بأئمة وعلماء من الأزهر الشريف، ليظل قلعةً للتعليم الديني حتى اليوم.
الجامع العتيق أو المسجد الفرشوطيلا يقتصر جمال المسجد على تاريخه فحسب؛ حيث تحكي جدرانه حكاية بديعة عن فنون العمارة الإسلامية؛ بستة أعمدة تُزيّن صحنه، وقبة حولتها نقوش الآيات القرآنية البديعة إلى قبة نورانية، ومئذنة شاهقة تلامس السماء بارتفاع 53 مترًا.
أما جدران المسجد، تزهو بلوحات أثرية، منها مرسوم السلطان الغوري بالنصوص التأسيسية والمراسيم السلطانية المكتوبة على اللوحتين المثبتتين على جدران المسجد، بالإضافة إلى محرابٌ أقيم بجوار منبر خشبي يُعيد الزائر إلى عصور الازدهار الإسلامي؛ فيما تُزيّن حجارته نقوشٌ تاريخية، وتحتضن مكتبته مخطوطاتٍ علميةً تروي شغف الأجداد بالمعرفة.
الجامع العتيق أو المسجد الفرشوطي«هذا المسجد ليس مجرد مكان للصلاة، بل تحفة أثرية نادرة تجذب المؤرخين والسائحين»، بزهو يتحدث أحمد الشطوري، رئيس الوحدة المحلية لحي غرب سوهاج، عن جمال مسجد الفرشوطي.
ولا عجب، أن يتحول إلى أيقونة بحي غرب سوهاج، حيث يقبع في ميدان سمي باسمه، وسط منطقة تجارية تعجُّ بالحركة، مما يجعله مقصدًا للزوار من كل حدبٍ وصوب، سواءً للصلاة أو لحضور حلقات تحفيظ القرآن التي تُقام بين جنباته، أو للتأمل في عبق التاريخ الذي يتنفس من كل زاوية فيه.
الجامع العتيق أو المسجد الفرشوطي
الجامع العتيق أو المسجد الفرشوطي