أكدت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية "أن الهجمة الأمريكية الشرسة من الرسوم الجمركية ستحدث اضطرابات للتحالفات العالمية تتجاوز نطاق التجارة بكثير".
موضوعات مقترحة
وذكرت الصحيفة، في مقال افتتاحي، "أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفخر بتقلباته ونهجه القائم على المعاملات التجارية"، مشيرة إلى أن هذه الأساليب قد تُجدي نفعا في قطاع العقارات أو إعادة هيكلة الديون، لكن عندما يتعلق الأمر بالسياسة الدولية، من المرجح أن تكون معاملات ترامب التجارية مكلفة للغاية للولايات المتحدة نفسها، وكذلك للاستقرار العالمي.
وأضافت الصحيفة "أنه من أهم المميزات التي تتسم بها الولايات المتحدة مقارنة بالصين أو روسيا هي امتلاكها شبكة عالمية من الحلفاء، مبنية على المدى الطويل، ولطالما ساور دول مثل اليابان وألمانيا وأستراليا وكندا وبريطانيا شكوك حول حكمة سياسات أمريكية معينة، لكنها تمسكت بأمريكا لأنها اعتقدت، في نهاية المطاف، أن تحالفاتها قائمة على أساس متين من المصالح والقيم المشتركة.. غير أن حرب الرسوم الجمركية التي شنتها الولايات المتحدة - إلى جانب لغة إدارة ترامب العدائية في كثير من الأحيان - زعزعت تلك الثقة في جوهرها".
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات مارك كارني رئيس وزراء كندا الجديد، التي قال فيها إن الولايات المتحدة "لم تعد شريكا موثوقا به"، كما دعا فريدريش ميرز المستشار القادم لألمانيا، أوروبا إلى "تحقيق الاستقلال" عن أمريكا.. فيما قال أنتوني ألبانيز رئيس الوزراء الأسترالي، إن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على أستراليا "ليست من أفعال الأصدقاء".
وبحسب الصحيفة، قد يميل البيت الأبيض إلى رفض هذه التصريحات باعتبارها مجرد هراء، وصحيح أن العديد من الحكومات، المتضررة من الرسوم الجمركية، قد تسارع الآن إلى إبرام صفقة مع ترامب لمحاولة تخفيف الضرر الذي لحق باقتصاداتها، لكن من المرجح أيضا أن تُجري تعديلات طويلة المدى على سياساتها - بهدف تقليل تعرضها للأذى الأمريكي، وسيكون لهذا، مع مرور الوقت، عواقب بعيدة المدى على ثروة أمريكا وقوتها.
ولفتت الصحيفة إلى وجود آثار اقتصادية واستراتيجية، من أبرزها مبيعات الأسلحة الأمريكية، فمع تهديد الولايات المتحدة لجرينلاند، الخاضعة للدنمارك، حليف الناتو، يتزايد التوجه نحو "شراء الأسلحة الأوروبية" داخل الاتحاد الأوروبي.
واعتبرت (فاينانشيال تايمز) أن هناك أيضا التكلفة الجيوسياسية لاستعداد ترامب للانقلاب على حلفائه، ويبدو أن حاشية الرئيس تعتقد أن أمريكا ليس لها مصلحة استراتيجية كبيرة في مستقبل أوروبا، لذا قد لا يمانعون فقدان ثقة حلفائهم عبر الأطلسي.
ورأت الصحيفة "أن دولا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة لاحتواء القوة الصينية، اعتقادا منها أن الولايات المتحدة ستقاتل للدفاع عنها في نهاية المطاف، لكن تصرفات ترامب التجارية وغير المتوقعة والعدائية المتزايدة تُدمر هذه الثقة، كما سيتعرض نظام التحالفات الأمريكي الآن لضغوط هائلة - لصالح الصين".
وفي ختام افتتاحيتها، قالت الصحيفة "إن ترامب غير الحزب الجمهوري وصورة أمريكا نفسها بشكل جذري، وفي غضون أيام، قضى على علاقات عالمية قائمة على الثقة استغرق بناؤها عقودا، وستكون مهمة إحياء هذه الثقة، حتى بعد مغادرة ترامب منصبه، جسيمة - إن كانت ممكنة أصلا".