المغادرة طواعية = التهجير القسري

2-4-2025 | 12:14

منذ أن نقضت إسرائيل معاهدة وقف إطلاق النار، وتنفيذ ما تبقى من مراحلها، بحجة الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها كتائب المقاومة في غزة أثناء تسليم الرهائن.

إلا أن النية كانت مُبَيَّتَة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه، خصوصًا بعدما فشلت كل محاولات الراعي الرسمي لكل جرائم الاحتلال، الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما فشلت محاولاتها لإقناع دول الجوار باستقبال شعب غزة وتوطينهم في الأردن وسيناء، وهذا ما رفضته الشعوب والقادة على حد سواء.

وبعدما خابت كل مساعيهم في تحقيق مخططهم الشيطاني، والذي أبطله مشروع تقدمت به مصر في اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، دور انعقاد غير عادي، وما تضمنه هذا المشروع وموافقة جميع الدول الأعضاء الحضور على هذا المشروع، (لا للتهجير، نعم للإعمار).

كل هذه المعطيات كانت ذريعة تذرع بها الاحتلال مدعومًا بالأمريكان وحلفائهم، الأمريكان ممثلين في رئيسهم الذي يسدد فاتورة نجاحه في الانتخابات، للوبي الصهيوني الذي سانده بمنتهى القوة في الانتخابات، بل وكان بمثابة قوة داعمة لا يستهان بها في نجاح أي مرشح موال لهم، إنها السياسة القذرة التي تغلب المصالح الفردية على المصالح العامة حتى ولو كانت على حساب دماء الأبرياء.

فكان لازمًا عليه أن يسارع في تسديد ما عليه من ديون وإلا قد يكون ذلك سببًا في كشف المستور وفتح قضايا أُغلقت ملفاتها، لكن من الممكن أن تُفتح في أي وقت إذا لم يقدم فروض الولاء والطاعة خصوصًا وهو محاصر في الداخل بمرشحين من الممكن أن يقاضوه في أي وقت، ومحاصر من الخارج من القوى العظمى التي تراقبه عن كثب لتتحين الفرصة عليه وتنْقَض وتطيح به وبدولته العظمى.

ومن ثم أمعن في إرضائهم مستخدمًا نفوذه في منطقة الشرق الأوسط عبر حلفائه في المنطقة تارة عن طريق تهديدهم وتارة أخرى عن طريق إغرائهم بقوته وبقواعده العسكرية لحمايتهم.

والنتيجة إعطاء الإشارة للعودة إلى الحرب مرة أخرى، والحجة الواهية، إعادة الرهائن، لكن المخطط أكبر من ذلك بكثير لعدة أسباب أهمها:

أولًا: السياسة لا تعترف بالرهائن وعودتهم أحياء فكل نجاح سياسي لابد أن يكون خلفه نسبة خسائر سواء في الأفراد أو المعدات، والنجاح السياسي هنا لرئيس وزراء إسرائيل المحاصر داخليًا بملفات فساد قد تودعه غياهب السجون، وخارجيًا فهو مطلوب جنائيًا كمجرم حرب من الجنائية الدولية. وللرئيس الأمريكي بما يضمنان معه بقائهما سالمين في السلطة.

ثانيًا: تصفية ما تبقى من قيادات حماس داخليًا بعدما استهدفت قادتها خارجيًا سواء في لبنان أو إيران، بما يضمنون معه كسر شوكة المقاومة والفت من عضد وعزيمة الفصائل.

ثالثًا: تدمير ما تبقى من مظاهر الحياة في غزة وتحويلها إلى مدينة موتى وأشباح، مما يجعل الحياة مستحيلة فيها عن طريق قطع كل مقوم من مقومات الحياة بها مما قد يصيب أهلها باليأس فلا يجدون بدًا من الفرار منها.

رابعًا: إطلاق المبادرات من جديد عن طريق إلقاء المناشير من الطائرات، والتي تتحدث عن المغادرة الآمنة وفتح طريق آمن لترك الأرض المحروقة إلى أي مكان يشاءون، بل وتسهيل عمليات الخروج حتى بدون جوازات وتقديم الهدايا للمغادرين وإنشاء نقاط تسهيل من الصهاينة لذلك، خصوصًا أن بعض الدول كالصومال وبالبداهة المنطقية إثيوبيا أبدوا موافقتهم على استقبال أهل غزة.

خامسًا: السؤال المهم هل ستقبل حماس وأجنحتها العسكرية بذلك، هل حماس التي كافحت طيلة عقود مضت، هل ستقبل بهذا الأمر، هل ستبيع القضية وتبيع دماء الشهداء، ودماء قادتها بدءًا من أحمد ياسين إلى شهداء اليوم، وهل ستوافق على الخروج الآمن. 

ولماذا تأخر الرد على العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل، هل هو تكتيك عسكري محكم، أم نفدت عدة وعتاد المقاومة، أم تخطط لعمليات جديدة. هذا ما ستخبرنا به الأيام والأسابيع المقبلة.

سادسًا: العالم بأسره تتجه أنظاره الآن بمنتهى القوة إلى غزة، هل سيثبت الشعب الغزاوي أمام هذه المقتلة التي فاقت حدود الاحتمال، هل سيصمد أمام القتل والجوع والعطش وفقدان الصغار والصبيان والشباب والشيوخ، أم سيخرج منها مغلوبًا على أمره.

سابعًا: هل ستظل دول الجوار صامدة وثابتة على مواقفها أمام الضغوطات الجمة التي تمارس كل يوم عليها، بل كل دقيقة إن بتصريحات استفزازية غير مسئولة أو بتهديدات بوقف المعونات والمساعدات والمنح التي لا ترد.

إن قادتنا وشعوبنا صامدون على موقفهم لا ولن يزعزعنا عما توافقنا عليه قيد أنملة، متمسكين بمبادئنا تجاه القضية الفلسطينية، لا للتهجير، نعم للإعمار.

وحتى نزداد ثباتًا على مواقفنا ضرورة ملحة أن نقف خلف قادتنا ليس هذا فحسب، بل ونغلق أبوابنا أمام أي شائعة مغرضة حول هذا الشأن.

نعم المغادرة طواعية = التهجير جبرًا.

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: