في الوقت الذي أدى فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي صلاة عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، أمس بمسجد المشير، وأعقب ذلك حضوره حفل تكريم أهالي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة والشرطة المصرية؛ استمرارًا لدعم الدولة والرئيس لهذين الخطين والحصنين المانعين اللذين بذلا الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على تراب هذا الوطن..
ولقد انتفض ملايين المصريين بعد صلاة العيد بالشوارع والميادين والساحات يعلنون بصوتٍ واحدٍ أنهم خلف قيادتهم السياسية كصفٍ واحدٍ وروحٍ واحدةٍ وقلبٍ واحدٍ ونبضٍ واحدٍ ومشاعرَ صادقةٍ نابعةٍ من حبهم لبلدهم وقضايا وطنهم مُرددين عباراتٍ وهتافاتٍ على نغم أغنية "على عهدي على ديني على أرضي تلاقيني أنا لأهلي أنا أفديهم أنا دمي فلسطيني"، وقد وصل صدى هذه الوقفات وهذه الصرخات إلى مسامع العالم أجمع لتثبت في سمع البلاد والعباد ما نطق به الرئيس حقًا وصدقًا في بداية بزوغ الأزمة بلسانٍ راسخٍ وقلبٍ هصور وقدمٍ ثابتة ويدٍ غير مرتعشة (لا لتهجير ولا لتوطين الفلسطينيين بسيناء، ولا لتصفية القضية الفلسطينية)..
ولقد نددت هذه الوقفات الاحتجاجية موقف العدوان الإسرائيلي الغاشم، والتأييد الأمريكي الظالم بلسانٍ مصريٍ ولهجةٍ تعبيريةٍ مميزة (إحنا في ظهرك ياريس.. بالروح بالدم نفديك يا فلسطين... إلخ)، وكأن المصريين قد أبدلوا احتفالاتهم ببهجة عيد الفطر المبارك؛ لتكون بمثابة تضامنٍ ورسائلَ واضحةٍ مضمونها.. (يا فلسطين لن ننساكِ كل الشعب المصري معاكِ). والمراقب للمشهد يجد أن هذه الملحمة الوطنية والصورة الرائعة التي رسمها المصريون أمس بأجسادهم وأرواحهم لتؤكد، عن يقين، وتُظهر، عن كثب، تلك الروح الوطنية الأصيلة للشعب المصري، ومدى اصطفافه خلف قيادته السياسية ومؤسساته الوطنية؛ لمواجهة أي تهديدٍ يخص الأمن القومي المصري أو العربي، لا سيما ما يخص القضية الفلسطينية، علاوةً على أن جموع المصريين من الفئات الشعبية التي خرجت بعيدًا عن الساسة أو النخبة القيادية قد رسخت لمبدأ الظهير الشعبي القوي، الذي يقف وراء الرئيس السيسي من المصريين، وليس هذا فحسب، ولكننا وجدنا أن احتشاد الملايين من المصريين إنما هو تعبير واضح عن الرفض التام لأي مساومات على مقدرات الشعب المصري أو على حقوق الأشقاء الفلسطينيين، بالإضافة إلى أن هناك حالة من الوعي والإدراك بين المصريين بخطورة المرحلة الراهنة والتي تتطلب الالتفاف حول القيادة السياسية؛ للحفاظ على مصالح الوطن، والرد على كل من تسول له نفسه فكرة الاقتراب من تراب هذا الوطن، أو التلاعب بمصائر الشعوب..
كما أن صورة صلاة العيد والرئيس يؤدي الصلاة وبجواره من كل اتجاه أبناء الشهداء والمصابين، وقيام الرئيس بتوزيع الهدايا على الأطفال، وسط تجمع الأطفال حوله خلال احتفالية عيد الفطر، هذا التقليد الذي يحرص عليه في كل الأعياد والمناسبات، علاوةً على قيامه باصطحاب أطفال الشهداء داخل منطقة مخصصة للألعاب، علاوةً على حرص الرئيس التقاط الصور التذكارية مع الأطفال وأبناء الشهداء والمصابين في منطقة الألعاب المفتوحة، ومشاركتهم الفرحة بقدوم العيد بها يبعث برسائل ودلائل مهمة مفادها: (أن الأبناء سيتحملون مسئولية الآباء، وأن عزة المصريين وكرامتهم ودفاعهم عن أوطانهم ضد أي أخطارٍ هو تركة يتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل)، فضلًا على أن هذه الصورة المضيئة التي تظهر العمامة الأزهرية، لطفل كان يرتديها في مقدمة الصفوف، تظهر للعالم أجمع مدى حرص القيادة السياسية على إظهار الصورة الحقيقية للأزهر الشريف منارة العلم والعلماء في عيون العالم، وأنه سيظل القبس الوهاج الذي يهتدي به في الظلمات الحالكات، والأزمات المدلهمات، وتظهر أيضًا أن الاهتمام بالعلم وتربية النشء على عقيدة حب الوطن هو سبيل الأمم المنصورة، وأن الدين لابد له من قوةٍ تحميه، وعقلٍ سليمٍ وشبابٍ فتي يحتويه..
كما يثبت الرئيس السيسي دائمًا، في مواقفه الإنسانية العديدة، أنه السند للجميع بعد المولى عز وجل، فحملت اللفتة الإنسانية المؤثرة من الرئيس السيسي التي قام خلالها بحمل "عكاز" أحد مصابي رجال الشرطة؛ ليكون الرئيس هو السند بدلًا من العكاز، خلال احتفالية عيد الفطر أمس، برسالة بأن مصر وقيادتها هي المتكأ للجميع التي تحل محل أي عكاز، وأنها ظهير للجميع. وحقيقةً وبلا أي مبالغة، فلسان حال جموع المصريين أمس التي كانت تكبر تكبيرات العيد، وقد انضم إليهم إخوتهم المسيحيون بعد صلاة العيد، كانت ترسل رسائل واضحة مضمونها "سيدي الرئيس السيسي خرجنا واجتمعنا لنعلن للعالم أجمع أننا وراءك وأمامك وخلفك نحمل أرواحنا على أيادينا، ونسير على خطى الشهداء والسابقين، ولن نبيع القضية أبدًا، ولن نهادن، ولن نركع لأحد أبدًا غير الله، فسر على بركة الله ونحن نؤيدك في كل قراراتك ومواقفك، وأن فلسطين في القلب، وأن مصر ستظل الحصن الحصين والخط الأول والأمامي للقضية الفلسطينية..
وحقيقة إننا لنحتاج كثيرًا إلى مثل هذه الوقفات في كافة ربوع الجمهورية، بلا استثناء، من قرى ونجوع ومدن على حسب ما يحتاج إليه.. ذلك أن فيها تعزيزًا لقيمة حب الوطن في النفوس، وتقويةً لفكرة الإيمان بالمؤامرة التي تحاك ضده.. وإثباتًا للعالم أجمع كيف أن المصريين يحبون بلادهم، وكيف أنهم مستعدون أن يضحوا لأجلها بأرواحهم وحياتهم..
عاشت مصر بقياداتها وشعبها شامخة فوق كل معتد مرفوعة الرأس لا يلتوي لها ذراع، ولا يكسر لها عين، ولا تنتكس لها راية، وعاش شعبها البطل العظيم الذي لا يرتضي الخنوع، ولا يقبل المذلة أبدًا أو الخضوع، ونصر الله إخواننا بفلسطين..
وتحيا مصر.