حذّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين من إمكانية حرمان ما يقدر بنحو 12.8 مليون شخص نازحٍ قسراً ، بينهم 6.3 مليون طفل ، من الأنشطة الصحية المنقذة للحياة في عام 2025 نتيجة عدم توفر الموارد الكافية.
موضوعات مقترحة
جاء ذلك فيما قاله رئيس قسم الصحة العامة في المفوضية، الدكتور آلن ماينا ، خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد الجمعة، في قصر الأمم في جنيف ، وأضاف أن أزمة التمويل الإنساني القائمة، والتي تفاقمت بسبب انخفاض الإنفاق الصحي في الدول المضيفة، تؤثر على نطاق وجودة برامج الصحة العامة والتغذية المخصصة للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، ما يعطل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويزيد من مخاطر تفشي الأمراض وسوء التغذية والحالات الصحية المزمنة غير المعالجة، وحالات الصحة النفسية.
وأوضح أن اللاجئين ، عند خفض الدعم المقدم للرعاية الصحية ، يضطرون إلى تحمل النفقات بأنفسهم، إلا أنهم لا يمتلكون الأموال اللازمة لذلك، وسيواجهون صعوبات في الوصول إلى الخدمات العامة التي تعاني أصلاً من الضغوط ، الأمر الذي يثقل كاهل العيادات والمستشفيات المحلية.
وتابع أنه نظراً لأن تأثيرات خفض التمويل تطال أيضاً شبكات المياه، ومرافق الصرف الصحي إدارة النفايات، قد يهدد تفشي الأمراض المعدية – مثل الكوليرا والزحار والتهاب الكبد والملاريا – أعداداً كبيرة من السكان، بعواقب فتاكة ، كما قد يقود خفض التمويل إلى تراجعٍ كبير في التقدم المحرز في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في السياقات الإنسانية.
وأعطى الدكتور ألن ماينا بعض الأمثلة على تأثير خفض التمويل على الصحة :
في بنجلاديش، يواجه نحو مليون لاجئ من الروهينغا أزمةً صحيةً حادةً بسبب تجميد التمويل، ما يهدد حصولهم على الخدمات الطبية الأساسية ، وفي إطار البرامج المدعومة من المفوضية، قد تفقد أكثر من 40,000 امرأةٍ من الحوامل إمكانية الوصول إلى الرعاية الضرورية لما قبل الولادة، مع تعرض 5,000 منهن لخطر الولادة في ظروف غير آمنة ، بالإضافة إلى ذلك، قد يفقد 19,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد العلاج المنقذ للحياة، بينما لن يتمكن 10,000 لاجئ يعانون من حالاتٍ خطيرة من الوصول إلى الرعاية الصحية الثانوية والثالثية.
كما أن خدمات الصحة النفسية معرضة للخطر، حيث قد يفقد 200,000 لاجئٍ إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي ، وعلاوةً على ذلك، لن يتلقى 10,000 لاجئ علاج التهاب الكبد الوبائي C. بدون دعمٍ ماليٍ فوري، سوف تنهار أنظمة الرعاية الصحية في مخيمات اللاجئين، ما يعرّض آلاف الأرواح للخطر.
وفي بوروندي، يعني تعليق برامج التغذية في عدة مخيماتٍ أن آلاف الأطفال اللاجئين دون سن الخامسة من العمر قد لا يحصلون على علاجٍ كافٍ لسوء التغذية. ودون دعم إضافي، قد تفقد ما يقدر بـ 10,000 امرأة لاجئة من الحوامل إمكانية الوصول إلى رعاية ما قبل الولادة، ما يزيد من خطر تعرضهن لمضاعفاتٍ ولوقوع حالات وفيات الأمهات التي من الممكن تلافيها. تستعد المرافق الصحية المحلية – التي تعمل أصلاً بما يتجاوز طاقتها الاستيعابية – لازدياد أعداد المرضى ولتفشي الأمراض المعدية، مثل الكوليرا، خاصةً في مقاطعة سيبيتوكي التي تستضيف الأشخاص الواصلين من جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي تم تسجيل 11 حالة إصابة بالكوليرا في صفوف اللاجئين الكونغوليين فيها، وهم يتلقون العلاج حالياً.
وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، أصبح نظام الرعاية الصحية على شفير الانهيار. لا تكفي الموارد المالية المخصصة للقطاع لتلبية الاحتياجات العاجلة لإنقاذ الأرواح. وقد تعرّضت ميزانية المفوضية للصحة لعام 2025 للتخفيض بنسبة 87 في المائة مقارنة بعام 2024، ما أدى إلى عواقب وخيمة وفورية. وتعاني المرافق الصحية من الاكتظاظ والنقص الحاد في الكوادر والإمدادات الطبية. وتوشك الأدوية الأساسية على النفاد، ولم يعد بالإمكان ضمان تحويل الحالات إلى الرعاية الصحية الثانوية. كما أدى انقطاع إمدادات المياه إلى الإبلاغ عن حالات إصابةٍ بالكوليرا، ما يعكس الخطر الوشيك بتفشي الأمراض المعدية. ومن المتوقع أن تكون العواقب الصحية لخفض التمويل مدمرة، ما يعرض ما يربو على 520,000 لاجئ لخطر متنامٍ من حيث الإصابة بالأمراض المعدية ووقوع الوفيات في صفوفهم.
وفي منطقة غامبيلا في إثيوبيا، أثر خفض التمويل بشكل كبير على خدمات التغذية، ما أدى إلى إيقاف العمليات في أربعةٍ من أصل سبعة مواقع لاستضافة اللاجئين في شهر فبراير. ونتيجة لذلك، جرى تسريح 9 أطفالٍ دون الخامسة من العمر يعانون من سوء التغذية الحاد، وإحالتهم إلى برامج العيادات الخارجية قبل تعافيهم، ما قد يؤدي إلى وفاتهم. حالياً، يتولى موظفان فقط التعامل مع 980 حالة من حالات سوء تغذية الحاد، ما يؤثر بشكل كبير على جودة الرعاية التي يتلقونها.
ويتهدد النقص في التمويل 80,000 طفلٍ دون الخامسة من العمر بالإصابة بمستوياتٍ تشكل خطراً على حياتهم من سوء التغذية، ما يزيد من معدلات وفيات الأطفال والعواقب الصحية طويلة الأجل المترتبة على ذلك. كما أنّه من المرجح أن يؤدي إيقاف البرامج المجتمعية للصحة الجنسية والإنجابية إلى زيادة في وفيات الأمهات والمواليد الجدد.
وفي الأردن، أدى خفض التمويل إلى تعريض 43,000 لاجئ لفقدان إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية والدعم النقدي للصحة، ما يعرض 335,000 امرأة في سن الإنجاب لخطر عدم الحصول على الخدمات الأساسية للرعاية الصحية للأمهات.
وأضاف رئيس قسم الصحة العامة في المفوضية أن مخيم ماراتاني للاجئين في موزمبيق يستضيف 8,000 لاجئ وطالب لجوء، بينما تعتمد المجتمعات المضيفة المجاورة للمخيم أيضاً عليه في الوصول إلى الخدمات، مثل التعليم والرعاية الصحية. وفي العام الماضي، قدّم أحد مراكز الرعاية الصحية المدعومة من المفوضية في ماراتاني ما يزيد على 80,000 استشارة طبية للاجئين وأفراد المجتمع المضيف لهم. ورغم ذلك، تأثر هذا الدعم بشكلٍ كبير بسبب خفض المساعدات بنسبة 50 في المائة. كما أدت القيود التمويلية إلى نقصٍ كبير في خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي وخدمات الأغذية التكميلية الهادفة لتحسين التغذية لدى 300 شخصٍ. كما طالت التأثيرات خدماتٍ حرجةً أخرى مدعومة من الشركاء، مثل العلاج الطبي للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والرعاية الصحية الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات، وفحص وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية والسل، وإحالات المساعدات الغذائية للأمهات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية.
ويستند تقدير عدد النازحين قسراً الذين قد يُحرمون من الدعم الصحي بـ 12.8 مليون شخص، إلى مسحٍ أجراه فريق الصحة في مفوضية اللاجئين لكافة عملياتها حول العالم حيث توجد البرامج الصحية للمنظمة. وفي كل يوم يستمر فيه هذا الغموض التمويلي، ستتفاقم التأثيرات التي تطال حياة ملايين الرجال والنساء والأطفال حول العالم ممن اضطروا للفرار من ديارهم بحثاً عن الأمان.