28-3-2025 | 00:30

إليها،‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬التى‭ ‬تظلم‭ ‬البيوت‭ ‬بغيابها،‭ ‬ولا‭ ‬تصحو‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬تستيقظ،‭ ‬هى‭ ‬نصف‭ ‬الكون،‭ ‬كالصباح‭ ‬والمساء‭ ‬وما‭ ‬بينهما،‭ ‬هى‭ ‬كالفصول‭ ‬الأربعة،‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬أحدًا‭ ‬سوى‭ ‬نفسها،‭ ‬وتستحق‭ ‬الانتظار‭ ‬وإن‭ ‬طال،‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬الآلام‭ ‬والآمال،‭ ‬تمنح‭ ‬السعادة‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬طمع،‭ ‬وتحمى‭ ‬من‭ ‬الشقاء‭ ‬فوق‭ ‬أى‭ ‬تصور‭.‬

 هى‭ ‬والحياة،‭ ‬عملة‭ ‬يتزين‭ ‬جانباها‭ ‬بوجه‭ ‬واحد،‭ ‬وجهها،‭ ‬فى‭ ‬ملامحه‭ ‬تتجلى‭ ‬النجاة‭ ‬والمناجاة،‭ ‬وحدها‭ ‬تمسك‭ ‬فى‭ ‬تلابيب‭ ‬الزمن‭ ‬ليعيد‭ ‬إلينا‭ ‬طيبة‭ ‬الطفولة‭ ‬الأولى،‭ ‬وفى‭ ‬حضورها‭ ‬دواء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬داء،‭ ‬كالجنة،‭ ‬وطمأنينة‭ ‬الصلاة،‭ ‬كليْلة‭ ‬قَدْر،‭ ‬وزمزم‭ ‬تروى‭ ‬العاطشين،‭ ‬وأرض‭ ‬أحياها‭ ‬المطر،‭ ‬أو‭ ‬مطر‭ ‬يحيى‭ ‬الأرض‭.‬
 
تلك‭ ‬المرأة‭ ‬مدينة‭ ‬حب،‭ ‬وشجرة‭ ‬خير،‭ ‬وبحر‭ ‬من‭ ‬القلوب‭ ‬التى‭ ‬تفيض‭ ‬نبضاتها‭ ‬لتسع‭ ‬الكون‭ ‬وداعة‭ ‬وحنانًا،‭ ‬حتى‭ ‬قسوتها‭ ‬مغلفة‭ ‬بالحب،‭ ‬هى‭ ‬الشهية‭ ‬البهية،‭ ‬وليست‭ ‬أبدًا‭ ‬كالبقية،‭ ‬بل‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬جبران‭ ‬‮«‬هى‭ ‬التعزية‭ ‬فى‭ ‬الحزن،‭ ‬والرَّجاء‭ ‬فى‭ ‬اليأس،‭ ‬والقوة‭ ‬فى‭ ‬الضعف،‭ ‬ينبوع‭ ‬الحنو‭ ‬والرأفة‭ ‬والشفقة‭ ‬والغفران»‬‭.‬
 
دونها،‭ ‬تحل‭ ‬الغربة،‭ ‬كصخرة‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬شاطئ،‭ ‬لا‭ ‬يؤنسها‭ ‬إلا‭ ‬أقدام‭ ‬العابرين،‭ ‬فلا‭ ‬حياة‭ ‬كاملة‭ ‬إلا‭ ‬بها‭ ‬ومعها،‭ ‬هى‭ ‬القصيدة‭ ‬الأجمل،‭ ‬أصيلة‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الزيف،‭ ‬كالعمر،‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭ ‬مرتين،‭ ‬هى‭ ‬المأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والإيمان‭.‬

إليها‭ .. ‬وإلى‭ ‬يدها‭ ‬التى‭ ‬تبارك،‭ ‬وعينها‭ ‬التى‭ ‬تحرس،‭ ‬وقلبها‭ ‬الذى‭ ‬ينادى،‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬وكل‭ ‬وقت،‭ ‬فعندها‭ ‬يبدأ‭ ‬الخيّر‭ ‬بنظرة‭ ‬ودعاء،‭ ‬ولا‭ ‬يأتى‭ ‬الشفاء‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬يديها،‭ ‬تمشط‭ ‬الشعر‭ ‬فتمسح‭ ‬بلمستها‭ ‬الهموم‭ ‬كسحر‭ ‬غير‭ ‬مفترَى‭ ‬سمعنا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬آبائنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬الأولين‭.‬
 
المكافحة،‭ ‬المناضلة،‭ ‬المشاكسة،‭ ‬الشجاعة،‭ ‬الشاهقة‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬انحدر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حولها،‭ ‬والبطلة‭ ‬بطولة‭ ‬مطلقة‭ ‬لحكاية‭ ‬رسمت‭ ‬فصولها‭ ‬بنفسها‭ ‬وجهادها،‭ ‬فهى‭ ‬الاطمئنان‭ ‬على‭ ‬أمس‭ ‬واليوم‭ ‬والغد،‭ ‬والباقية‭ ‬أبد‭ ‬الدهر،‭ ‬هى‭ ‬الأم‭ ‬والحبيبة‭ ‬والزوجة‭ ‬والابنة‭ ‬والأخت،‭ ‬هى‭ ‬البيت‭ ‬والملجأ‭ ‬والسكن،‭ ‬هى‭ ‬الأرض‭ ‬والعرض‭ ‬والوطن‭.‬

هذه‭ ‬السيدة،‭ ‬كونى‭ ‬هى،‭ ‬كونى‭ ‬أنت،‭ ‬نفسك،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لو‭ ‬تعلمين‭ ‬عظيم‭.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
معًا.. لكل الدنيا

لم تتملكنى كل تلك المشاعر دفعة واحدة من قبل حماس، تساؤل، رهبة، توجس، سعادة، حنين، امتنان، وانطلاق.. كلها تكاد تتوازى وتناطح بعضها بعضاً، كيف لا وأنا أخطو بخطوات هادئة نحو مساحة استثنائية

الأكثر قراءة