بعد صمت طويل عن توجيه أي انتقاد لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وتأييد مطلق لممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، فجأة وجهت الخارجية الألمانية انتقادات شديدة اللهجة للحكومة الاحتلال، فما هي الأسباب، هل مجرد صحوة ضمير، أم تغير في بوصلة السياسة الخارجية ألألمانية تجاه حكومة نتنياهو؟
موضوعات مقترحة
فقد أكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الألمانية، أن الوضع الإنساني في غزة أصبح كارثيًا مرة أخرى بعد استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي للعمليات القتالية في قطاع غزة.
وأضاف، نتلقى تقارير عن مقتل مسئولين في حماس، ولكن هناك أيضا عدد كبير من الضحايا المدنيين وعائلات بالكامل فقدت حياتها، وهذا – أي قتل المدنيين فقط - يثير قلقا بالغا لدينا.
وامتدت الانتقادات الألمانية لتشمل إدانة سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، وجاء في بيان لوزارة الخارجية الألمانية صدر الاثنين الماضي 24 مارس الجاري، «نرفض سياسة إسرائيل الاستيطانية، لأنها مخالفة للقانون الدولي وتعيق أية فرصة لحل الدولتين من خلال منع إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وفي تعليقه على قرار الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بــ 13 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة».
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الألمانية، «ندين هذا القرار بشدة "، بل امتدت الانتقادات ألألمانية لحكومة نتنياهو إلى تصرفات إسرائيل في قطاع غزة المحاصر، حيث أكد بيان الخارجية الألمانية رفضه القاطع للهيئة الجديدة التي أنشأتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتشجيع ما أسمته الخروج الطوعي لسكان غزة.
وأوضح المتحدث الرسمي للخارجية الألمانية، إذا كان هدف هذه الهيئة طرد سكان غزة وإجبارهم على المغادرة الدائمة فإن هذا غير مقبول ويجب إدانته!!.
جاءت هذه الإدانة الألمانية والانتقادات شديدة اللهجة لممارسات حكومة الاحتلال مفاجأة حتى لبعض المراقبين والنشطاء السياسيين في ألمانيا نفسها، فمنذ بدء الاعتداء الإسرائيلي على غزة دأبت الحكومة ألألمانية على التأييد المطلق لكل الممارسات الإسرائيلية في حربها على غزة بل وزادت من صادرات الأسلحة الهجومية لإسرائيل رغم علمها إنها قد تستخدم في قتل المدنيين ألأبرياء – وهو ما يتعارض مع ضوابط تصدير الأسلحة ألألمانية.
كما خلت بيانات الحكومة ألألمانية الرسمية من أية إشارة إلى الضحايا المدنيين من الجانب الفلسطيني، وعارضت ألمانيا بشكل فادح وغير معهود كل محاولات المنظمات الدولية لوقف الحرب في قطاع غزة.
وتصدت الشرطة ألألمانية بعنف للمظاهرات السلمية في بعض المدن ألألمانية المطالبة بوقف الحرب حتى أنها طاردت طفلا صغيرا في أحد شوارع برلين كان يرفع العلم الفلسطيني واعتقلته بعنف غير مبرر!!.
واختفت تماما من البيانات الرسمية للخارجية ألألمانية تعبيرات "حل الدولتين" و"السلام العادل والدائم" و"حق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولتهم" رغم أن هذه التعبيرات ظلت لعقود طويلة من أهم ثوابت البيانات الرسمية للخارجية ألألمانية في تعليقها على كل ما يتعلق بــ "عملية السلام في الشرق الأوسط".
لذا تبقى التساؤلات عن السر في تغير لهجة الخارجية الألمانية– الآن - تجاه الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ملحة ومشروعة، هل هي تمهيد لبداية سياسة خارجية جديدة للحكومة ألألمانية التي يتم تشكيلها حاليا، أم صحوة ضمير لوزيرة الخارجية ألألمانية أنالينا بيربوك التي تستعد لمغادرة منصبها ربما في أبريل المقبل ؟!
لكن الإجابة قد تكون صادمة، فقد نفى سياسي ألماني من أصل عربي – طلب عدم ذكر اسمه – احتمال أي تغيير في تأييد ألمانيا للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بل توقع ألأسوأ قائلا: كيف نتوقع هذا التغيير والمستشار المرتقب فريدريش ميرتس الذى يشكل الحكومة ألألمانية الجديدة وعد بدعوة نتنياهو لزيارة ألمانيا في أقرب وقت ممكن في تحد مستفز للقوانين الدولية ودون أي اعتبار لما قد تسببه هذه الزيارة من أضرار لألمانيا، أما فيما يتعلق بوزيرة الخارجية بيربوك التي ستغادر منصبها قريبا فقد تم ترشيحها لتولى منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك فريما استغلت الفرصة ألأخيرة لها – لأن تتجمل بإظهار التزامها بالقوانين الدولية لتقدم أوراق اعتمادها لهذا المنصب الأممي الرفيع، أو على ألأقل تتدرب علي إصدار مثل هذه البيانات!!