يفرح الإنسان كثيرًا إذا ما نجح في صفقة تجارية أضافت لماله وثروته؛ لكن ما أعظم تلك الصفقة عندما تكون مع الله من أجل رفعة راية دينه، حينها سيربح البيع بلا شك.. واليوم نقف أمام قصة صحابي جليل باع نفسه ابتغاء مرضات الله، وهو الصحابي صهيب الرومي.
موضوعات مقترحة
هو صهيب بن سنان وكنيته أبا يحيى النمري، واشتهر باسم صهيب الرومى، وهو صحابى جليل من بنى النمر، عاش بداية حياته مُنعمًا مُرهفًا حيث كان أباه حاكمًا على بلاد العراق التى أغار عليها الروم وأسروا أهلها وأخذوا الأطفال والنساء عبيدًا، وكان صهيب واحدًا منهم وعاش على طباعهم، فتعلم لغتهم، ثم باعه سيده لرجل من قبيلة "كلب"، فتعلم منه فنون القتال واللغة العربية؛ لأنه لسانه كان أعجميًا، ولما رأى فيه سيده الشجاعة والذكاء والإخلاص فى العمل، أنعم عليه وأعتقه، وبعدها اشتغل بالتجارة لحسابه وأصبح واحدًا من الأثرياء.
لما سمع ببعثة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسرع إلى بيت الأرقم ابن أبى الأرقم، دخل فى الإسلام، وعندما أراد صهيب الهجرة من مكة إلى المدينة، تبعته قريشَا لتمنعه، فنزل عن راحلته وقال لهم :(يا قوم إنكم تعلمون أنى من أرماكم رجلاً، وأنى لقادر على أن أرميكم حتى تفرغ كنانتى، ثم أنقض عليكم بسيفى وأن شئتم دللتكم على مالى فخذوه)، فوافقوا على ذلك.
وقبل أن يصل إلى المدينة، كان هذا الخبر قد وصلها، حيث نزل أمين وحى السماء جبريل ـ عليه السلام ـ على سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله تعالى:(ومن الناس من يشترى نفسه ابتغاء مرضات الله) سورة البقرة.
ولما قدم على رسول الله ﷺ المدينة، قال:(ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى).
ولم يترك صهيبًا جانب الرسول من يومها أبدا، فشهد كل الغزوات وبايعه في كل بيعة، وتوفي صهيب الرومي بالمدينة في شوال من سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، بعمر ثلاث وسبعين سنة، ودُفن بها.