رمضان شهر الخيرات والبركات، تتوق إليه أرواحنا؛ لما فيه من روحانية وطهر ورحمة، فهو موسم للطاعات هيئهُ لنا الله، وارتبط شهر رمضان بالقرآن الكريم ارتباطًا وثيقًا، واختص الله شهر رمضان من بين الشهور لينزل فيه القرآن، فيكون هذا الشهر منحة ربانية وفرصة ذهبية للتدبر والتفكر، حيث قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) [البقرة:185وقال جل شأنه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾ [الدخان: 3]، وقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: 1]
موضوعات مقترحة
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان، وأُنزلت التوراة لست مضين من رمضان، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة من رمضان، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان).
ويحرص الكثير من المسلمين على قراءة كتاب الله الكريم خلال أيام الشهر الفضيل، ومحاولة ختمه أكثر من مرة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" متفق عليه.
وعن السيدة فاطمة ـ عليها السلام ـ:"أن أباها صلى الله عليه وآله وسلم أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة، وأنه عارضه في عام وفاته مرتين" متفق عليه.
ونستمد هذه المواقف من مصدر تاريخنا، ببعض ما كانوا عليه من استثمار لحظات هذا الشهر الكريم وأوقاته في التصدي لنفحات الله والتعرض لمواسم الخيرات والبركات
وقد التزم المصريين ختم القران على مدار أيام وليالى الشهر رمضان، وذلك من خلال قراءة جزء من الأجزاء الثلاثين ويفضل البعض أن يكون ختم القران قبل اليوم الثلاثين تحسبًا بأن يكون الشهر تسعة وعشرين يوما فقط، وكانت الختمات بقراءة القران بصورة جماعية أومنفردة أو من خلال مشايخ، وفي صلاة التراويح والتهجد.
وحظى ختم القران فى رمضان باهتمام خاص خلال العصر المملوكى، فكان سلاطين المماليك ينظمون احتفالاً موكبيًا يعد خصيصًا بمناسبة ختم الفرآن فى رمضان، حيث كان يتم إنشاد القصائد، ثم يجتمع المؤذنون ليكبروا جماعة فى موضع ختم القرآن، ثم يؤتى بفرس أوبغلة ليركبها القارىء الذى تولى الختمة حتى بيته، وأمامه الفقراء يقرأون والمؤذنون يكبرون.
وقد يضيف البعض إلى ذلك ضرب الطبل والدف والأبواق، ويحكى الدكتورمحمد رجب البيومى أنه عند تمام الختمة كان لابد من توزيع النفحة، وهى قطع صغيرة من الحلوى يتبرع بإحضارها أحد الذاكرين طيلة الشهر رمضان، لتُوزع على الذاكرين؛ تذكيرا بطعام أهل الجنة، ومنهم من يحتفظ بها كعلاج روحى للشفاء إذا نزل به داء؛ لأن جو الذكرى والخشوع قد خلع عليها البركة فى اعتقادهم، ما يجعلها تحمل بعض أسباب الشفاء.