حكايات من الواقع: كل هذا الحب .. كل هذا العذاب !

23-3-2025 | 13:52
حكايات من الواقع كل هذا الحب  كل هذا العذاب أرشيفية
خالد حسن النقيب

أنا امرأة عشت عمرى كله على فكرة أن الحب الحقيقى مازال موجودا فى الحياة و مجسدا فى الرجل الذى أحببته عمرا طويلا عشناه سويا لم أجد منه غير مشاعر متدفقة ترفعنى حتى عنان السماء و كنت أظننى الوحيدة فى هذا العالم التى تعيش بكل هذا الحب و كنت أخشى على حبى هذا من عينى قبل أعين الناس .

موضوعات مقترحة

أظلل حياتى معه بالحب و الحنان حتى أننى أخاف عليه أكثر ما أخاف على نفسى و لم يدر بخلدى يوما أن تطعننى الدنيا فى قلبى و يغدر بى حبيبى بحبه لامرأة أخرى و قد مضى على حياتانا أكثر من عشرين عاما .

انفجر بداخلى بركان يكاد يحرقنى ليس غيرة من امرأة أخرى و لكن لأنه أحب غيرى و هل يسع القلب حبين فى وقت واحد ؟

اكتشفت حبه و تيقن عقلى و لكن قلبى لم يصدق .. واجهته و لم ينكر و بلسان بارد قال إنه يحبها و يحبنى أيضا .. يريدنى و يريدها .. و لا يطيق فراقى أو فراقها .

أكاد أجن لم يعد وعيى يطيق ما أعيش فيه و تمنيت لو أنى أعيش كابوسا إما أستيقظ منه أو يأخذنى إلى العالم الآخر كى لا أواجه فى دنيايى خيبة أملى فى رجل أحبه و لا أستطيع أن أكرهه حتى لو أحب امرأة غيرى .

أجل مازلت أحبه و لا أطيق فراقه و لكن روحى تتعذب لحبه غيرى .

قلت له اتركنى و عذاباتى و افعل ما تريد و لكن لا تجعلنى أراك ليل نهار و أتعذب بك .. غادرنى حتى تغادرنى الدنيا و أستريح من نهاية لم أدرك أنى أتجرع مرارتها يوما و كأنها سم زعاف قتل الروح منى و بقى القلب يرقص مذبوحا بين الحياة و الموت .

طلبت الانفصال عنه و تدثرت بحب أولادنا و تيقنت فى نفسى أن الله جعلنى أعيش بعد هذه الصدمة من أجلهم خادمة لهم و فى الحقيقة أرانى عاشقة فى معبد الحب ارى فيهم الرجل الذى أحببته و غادرنى .. أنا محبوبته الوحيدة فى هذه الدنيا .

أليس من حقى أن أغادر حياته كما غادرنى هو ؟ يقول لى أن الشرع أباح له الزواج و انا لا أنكر هذا و لكن كما أن له حقا يريده أنا أيضا لى حق أريده و هو أن يطلق روحى من عبوديته حتى لا أموت كمدا .

و ـ ل

لك الله يا سيدتى فأنت فى شقاء حقيقى إن من يتعذب بالحب ليس كمن يتعذب بأى شىء مهما كانت قسوته و لكن لو تركنا أنفسنا لهذه العذابات لقضت علينا و لكن مع شىء من عقل قد تعتدل بعض الأمور و نستطيع أن نخلق بأيدينا أسبابا مختلفة من السعادة و لعل فى النظرية الفلسفية التى طرحها الدكتور مصطفى محمود فى أحد كتبه الفكرية بصيص من نور تستضيئين به فى ظلمة اليأس الذى تملك من قلبك حيث قال  "إن السعادة ليست في الجمال ولا في الغني ولا في الحب ولا في القوة ولا في الصحة .. السعادة في استخدامنا العاقل لكل هذه الأشياء" .

و لتنظرى سيدتى فى حكمة الخالق عز و جل من فكرة الزواج سواء كان قائما على حب أو غير ذلك عندما قال فى محكم آياته " وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [ الروم : 21 ] .

و هنا دستور حياة بين المسلمين فى حياتهم الزوجية من خلال عنصرين مهمين يضمنان السعادة الأسرية .

الأول يكمن فى فكرة السكن و هو العشرة الطيبة و الأمر الثانى يكمن فى المودة و هى الحب بكل مشاعره الجياشة و أنت عشت حياتك تنعمين فى هذين الأمرين سنوات طويلة فلا تنسيها له و ترفقى به لعله يعيش محنة كبيرة فى صراعه مع نفسه بينك و بين من أخذت عليه نفسه و أحبها .

و أنا معك أنه من حقك الابتعاد لأنك لا تطيقين حبا آخر إلى جوار حبك و لكن ألا ترين تسرعا بعض الشىء فى اتخاذ القرار  لما لا تعطيان نفسيكما فرصة تعيدان فيها ترتيب اوراق حياتكما لعل واحدا منكما يجد الخلل الذى أودى بحبكما إلى طريق مسدود .

و فى النهاية لا تنسى ان الله تعالى أحل للرجل الزواج و لم يجعل فى ذلك خطيئة مثل من يتحالف مع الشيطان و يعيش علاقات عشوائية فهذه هى الخيانة بعينها .يقول الله تعالى " وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا " [سورة النساء الآية 3].

 وقد أجمع المسلمون على جواز تعدد الزوجات، ولكن التعدد مشروطٌ بشرطين الشرط الأول: العدل وهو مأخوذ من قوله تعالى " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ".

 والشرط الثاني هو المقدرة على الإنفاق على الزوجتين أو أكثر، ويدل على ذلك قوله تعالى " وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " [سورة النور الآية 33].

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: