دراما رمضان.. والكتائب الإلكترونية

22-3-2025 | 15:08

ما بين مؤيد ومعارض، ومنتقد ومحايد، نعيش مشهدًا مرتبكًا بسبب مسلسلات رمضان التي تجاوز عددها 42 عملًا هذا العام. وللأسف، يمكن القول إن كثيرًا من هذه الأعمال يرتقي إلى مستوى "الجريمة" في حق المشاهد، إذا ما أجرينا تقييمًا موضوعيًا لما قُدِّم. فبعض الأعمال أثارت جدلًا كبيرًا نتيجة تركيزها على العنف، وإهانة المرأة، والألفاظ الخارجة، وعمالة الأطفال، والرقص؛ سواء كان مبررًا دراميًا أو غير مبرر، وذلك في شهر كريم اعتادت الدراما منذ الستينيات احترام قُدسيته، دون تقديم مشاهد مبتذلة على الشاشات.

تزايد الجدل بعد أن أعلنت الجهات الرسمية في الدولة إدانتها لبعض هذه الأعمال، مما دفع عددًا من الفنانين والإعلاميين والصحفيين إلى الدفاع عن المخرجين والمؤلفين والمنتجين، وخاصة المنتجين الذين يلعبون الدور الأساسي في اختيار الأعمال وتمويلها. 

هذا الدفاع بدا وكأنه محاولة لتبرئة صناع هذه الأعمال من المسئولية، وسط ارتفاع أصوات الإدانة من الجمهور والنقاد.

المسألة ليست صراعًا حول من قدَّم عملًا سيئًا، ومن قدَّم عملًا جيدًا، بل يتعلق الأمر بمسئولية تجاه المجتمع المصري الذي لا يستحق أن يُفرض عليه محتوى درامي مشوَّه يبث الإحباط في نفوس المشاهدين يوميًا. هناك أجيال لم تعتد مشاهدة هذا المستوى من السخف الدرامي من قبل.

من واجبنا إعادة التفكير في تكريم من قدَّموا أعمالًا تحترم ذوق الجمهور، بدلًا من تقديم "واجب العزاء" في المشهد الدرامي. فرغم التجاوزات، كانت هناك أعمال تستحق الإشادة. على سبيل المثال، قدَّم المخرج تامر محسن مسلسل "قلبي ومفتاحه"، وبرزت تجارب أخرى مثل "أخواتي" لمحمد شاكر خضير، و"حسبة عمري" للمخرجة مي ممدوح، الذي شكَّل تغييرًا جذريًا في أداء روجينا. بالإضافة إلى أعمال مثل "الشرنقة"، و"عايشة الدور"، و"النص"، التي حازت على إعجاب الجمهور.

كما جاء مسلسل "قهوة المحطة" ليبيِّض وجه الدراما ويقدم شبابًا واعدين ونجومًا لهم أداء محترم، مثل ضياء عبدالخالق، وبيومي فؤاد، وأحمد غزي، وهالة صدقي، وانتصار، ورياض الخولي، وفاتن سعيد، وغادة طلعت، والمتألق أحمد خالد صالح، وشريف دسوقي، والمخرج المتميز إسلام خيري، وكعادته عبدالرحيم كمال قادر على إبهارنا.

الوضع الحالي سيشهد تغييرًا بلا شك؛ لأن الدولة لن تتوانى عن اتخاذ إجراءات لوقف هذا الانحدار الذي أصاب الدراما المصرية، المشكلة قد تكون نتيجة التسرُّع في الكتابة أو الإنتاج، فليس من المعقول أن يقدِّم مخرج واحد عملين في ستة أشهر ويتوقع أن يحقق النجاح.

مصر بخير، والدراما بخير، وما حدث من انتقادات لأعمال ضعيفة سيعود بالنفع على الجميع. نحن نثق في كتَّابنا، ومخرجينا، ومنتجينا، ونتطلع إلى مشهد درامي أفضل يعكس قيمة الفن المصري ومستواه الحقيقي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة