أميرة الأحلام الغائبة

22-3-2025 | 13:32

كلما شعرت بافتقادك لها ستجدني بجانبك، أساندك، أتبنى نفس مشاعرك المختلطة التي صالت وجالت بوجدانك ثائرة، كلما شعرت بحنينك لعودة تلك المرأة التي حملت من العذابات ما حملت، ستراني أدعمك، أؤازرك، أتذكر معك دور سيدة تقدمت بكل شجاعة وإيثار منها معلنة عن استعدادها لحمل أمانتنا نحوي ونحوك، ستجدني بجوارك أستحضر معك تلك الصورة الغالية لهذه الأم الحنون التي علمتنا معنى العطاء، ثم غابت عن دنيانا فجأة.

الأم هي المخلوق الوحيد الذي احتوانا بداخله روحًا وجسدًا، إنها الإنسانة النبيلة التي منحتنا من حنانها ما يفيض علينا من محبتنا لها، إنها قبلتنا الأولى التي توجهنا نحوها بقلوبنا، هي الحب الصادق الذي استقينا من نبعه ورحيقه رصيد محبة بالغة منحناها للجميع، هي من قاسمتنا عناءنا، هي من تقدمت وتبرعت بحمله بل عنا، قلبها النابض بالحياة ما زال يدق بداخلنا، مرددًا اسمها، ذاكرًا لها، مترحمًا عليها.

لقد تجاهلنا لحظة فراق صعبة ستمر بنا يومًا ما، نسينا لحظة سوف تغيب فيها عنا، لحظة سيواري جسدها الثرى، تأمل معي دور تلك السيدة العظيمة التي غابت عنا كما تغيب عنا شمسنا، المرأة التي اعتادت أن تمنح بلا مقابل، ستراها مقبلة عليك بابتسامتها العذبة تمنحك أمانًا أو رضًا أحدهما أو كلاهما، إن وجدتك تسير على هدى اطمأنت وهدأت، وإن أصابها القلق ستجدها تقدم لك نصيحتها العاجلة، تدعوك للاحتراز حين ترى بقلبها شرًا يحوم حولك، كأنها قطعة من وحي خفي أو ومضة آتية من نبراس ثقة، ثقة قوية بالله ربها، تمنحها على أثرها الفرصة لكي تنسج لك رداءً لحمايتك.

أعلم أن مغادرتها لك قد أوجعتك، مزقت قلبك وروحك، لكن دعني أذكرك بأنك لست وحدك، فهناك من تجرعوا من نفس كأسي وكأسك، لا يهم إن سبقت أنت أو إن سبقك غيرك، فكلنا شعرنا بمرارة ألم وبمعاناة لا حد لها، أنا مثلك يا رفيق دربي، في كل عام يحملني فيضان حنيني إليها، يشتد في يوم عيدها، أتوق لرؤيتها ولو ظل من خيال يمر بجوف حلم، أشتاق دفء لمسة يدها، تهفو نفسي لسعة صدرها الذي كان يحوي عالمًا بأكمله، تقدم محبتها دون حاجة لذكر سبب أو لتعليل مسبق.

كلما قست علينا الحياة أسرعنا نحو ذكرياتنا معها، نركض ونهروّل، نلتمس من ذكرياتنا السماح برؤية أميرة الأحلام الغائبة، فلتكن هديتنا لها سيلًا من دعوات طيبات بالرحمة والمغفرة بإقامة في فردوس أعلى بإذنه تعالى، آملين منه سبحانه الإجابة، مؤكدين رضانا بقضائه وقدره، مؤمنين بحكمته وبعودتنا إليه جميعًا يومًا ما.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: