القهوة هي واحدة من المشروبات الأكثر استهلاكًا في العالم، ولكن تأثيرها على النوم غالبًا ما يتم تجاهله. في حين يستمتع الكثيرون بشرب كوب من القهوة لبدء يومهم أو كمشروب منشط في فترة ما بعد الظهر، يحذر الخبراء من أن توقيت الجرعة الأخيرة من الكافيين يمكن أن يؤثر على جودة نومك ليلاً.
وفقا لبيانات من Statista ، وهى شركة ألمانية متخصصة في بيانات السوق والمستهلكين ، فإن معظم الأميركيين يشربون القهوة بانتظام. في عام 2023، استهلكت نسبة صغيرة (1%) أكثر من ثمانية أكواب يومياً، في حين يقتصر 60% من المستهلكين على كوب واحد أو كوبين يومياً.
على الرغم من أن القهوة تعتبر روتينًا صباحيًا، إلا أن العديد من الأشخاص يلجأون إليها في فترة ما بعد الظهر لمحاربة التعب، دون النظر إلى العواقب المحتملة على النوم.
قام مركز أبحاث اضطرابات النوم في مستشفى هنري فورد بمدينة ديترويت الأمريكية، بتحليل كيفية تأثير تناول القهوة في أوقات مختلفة من اليوم على جودة النوم.
أظهرت الأبحاث أن تناول حتى أربعة أكواب من القهوة (حوالي 400 ملج من الكافيين) قبل النوم بست ساعات يمكن أن يقلل من وقت النوم الإجمالي ويؤثر على مدى راحتك عند الاستيقاظ.
كيف يؤثر الكافيين على الدماغ
أوضح الدكتور ديفيد بينافيدس، أخصائي طب النوم وأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، لمجلة نيوزويك أن الكافيين يتداخل مع العمليات الطبيعية في الدماغ من خلال منع الأدينوزين، وهي مادة أساسية في تحفيز النوم.
يقول بينافيدس : "على مدار اليوم، تُخزّن أجسامنا الأدينوزين، مما يُسبب الشعور بالنعاس. يُعيق الكافيين هذه العملية، مُعززًا اليقظة، ويُصعّب الراحة إذا بقي في الجسم طوال الليل".
علاوة على ذلك، أشارت بعض الدراسات إلى أن الكافيين لا يقلل من مدة النوم فحسب، بل يمكن أن يؤثر أيضًا على جودته من خلال تقليل مراحل النوم العميق، والتي تعد ضرورية لاستعادة العضلات وتقوية الذاكرة.
استقلاب الكافيين والاختلافات الفردية
تختلف مدة بقاء الكافيين في الجسم من شخص لآخر. وأوضح بينافيديس أن عمر النصف للكافيين يتراوح بين خمس إلى ست ساعات، وهذا يعني أنه إذا شرب شخص كوبًا في الساعة الثالثة مساءً، فإن نصف الكافيين سيظل في نظامه حتى الساعة الثامنة أو التاسعة مساءً.
كذلك، العوامل الوراثية تؤثر على سرعة استقلاب الجسم للكافيين. حيث يتخلص بعض الأشخاص من المادة بسرعة، في حين يعالجها آخرون ببطء أكثر، مما يجعل تأثيراتها المنشطة تستمر لفترة أطول".
كيفية تناول القهوة دون التأثير على النوم
على الرغم من أن القهوة قد تؤثر على نومك، إلا أنك لا تحتاج إلى إزالتها تمامًا من روتينك اليومي.
ينصح المتخصصون بإتباع استراتيجية استهلاك متوازنة للاستفادة من فوائدها دون المساس بجودة النوم:
الحد من استهلاك القهوة في الصباح :
شرب القهوة قبل الظهر يقلل من احتمالية امتداد آثارها إلى المساء.
تجنب تناول الكافيين قبل النوم بست ساعات على الأقل:
للتقليل من انقطاعات النوم، يجب أن يكون فنجانك الأخير في فترة ما بعد الظهر.
انتبه لإشارات جسدك
إذا كنت تعاني من الأرق أو التعب أثناء النهار، فقد تحتاج إلى تعديل جدولك أو تقليل كمية القهوة التي تشربها. وفي أثناء شهر رمضان يمكن أن يكون تناول القهوة بعد الإفطار، وعدم تأخيرها لبعد منتصف الليل أو أوقت السحور.
استشر أخصائيًا إذا استمرت مشكلات النوم:
الشعور بالتعب على الرغم من الحصول على الكمية الموصى بها من النوم قد يشير إلى وجود اضطراب كامن في النوم.
القهوة مشروب محبوب لتأثيراته المنبهة وفوائده الصحية المحتملة، ولكن استهلاكها يجب أن يكون واعياً واستراتيجياً. إن ضبط توقيت تناول كوبك الأخير من القهوة قد يحدث فرقًا بين نوم هادئ ليلاً ونوم مضطرب ليلاً.
فهم تأثير الكافيين على الصيام
الكافيين منبه يعزز اليقظة، ويحسن المزاج، ويمكنه حتى تعزيز عملية الأيض. ومع ذلك، له أيضًا تأثير مدر للبول ، مما يعني أنه قد يؤدي إلى الجفاف إذا لم يُوازَن بشرب كمية كافية من الماء. بما أن صيام رمضان يحدّ من كمية الماء التي يحتاجها الجسم، فمن المهم تناول القهوة باعتدال لتجنب الجفاف وضمان الاستفادة القصوى من الكافيين.
متى تشرب القهوة في رمضان؟
1. السحور
قد يبدو شرب القهوة في السحور وسيلة جيدة للبقاء متيقظًا طوال اليوم، ولكن له بعض الجوانب السلبية:
الكافيين هو مدر طبيعي للبول ويمكن أن يسبب الجفاف.
وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الطاقة في وقت لاحق من اليوم، مما يجعل الصيام أكثر صعوبة.
قد يؤدي ذلك إلى اضطراب النوم، خاصة إذا استيقظت مبكرًا في السحور ولم تتمكن من العودة إلى النوم بعد ذلك.
نصيحة بديلة: إذا كان لا بد من تناول القهوة في السحور، فاختر كوبًا صغيرًا من القهوة الخفيفة مع الكثير من الماء والأطعمة المرطبة مثل الفواكه والزبادي.
2. الإفطار
بعد ساعات طويلة من الصيام، يحتاج جسمك إلى الترطيب والعناصر الغذائية. قد يكون من المغري تناول القهوة مباشرة بعد الإفطار، لكن من الأفضل تعويض الترطيب بالماء وتناول التمر أو حساء خفيف أولًا. أفضل طريقة:
انتظر 30 إلى 60 دقيقة على الأقل بعد الإفطار قبل تناول القهوة.
ابدأ بخيار منزوع الكافيين أو نصفه من الكافيين لتسهيل عودة جسمك إليه.
تناول القهوة مع وجبة خفيفة غنية بالبروتين لمنع ارتجاع الحمض.
3. بعد صلاة التراويح
يعتبر الكثيرون هذا هو الوقت الأمثل للاستمتاع بقهوتهم، إذ لا يؤثر على ترطيب الجسم أو يُسبب انخفاضًا فوريًا في الطاقة. مع ذلك، انتبه للتوقيت:
تجنب شرب القهوة في وقت متأخر من الليل ، لأنها قد تؤثر على النوم وتجعل الاستيقاظ للسحور صعباً.
إذا كنت حساسًا تجاه الكافيين، فاختر القهوة منزوعة الكافيين أو كوبًا صغيرًا من القهوة لتلبية رغبتك دون إزعاج دورة نومك.